وجهات نظر

أميركا وروسيا سيحاصران داعش في الميادين والبوكمال قبل ضربهما

ميشال نصر


الإعلام تايم- الديار

 

في بيروت هدأت نبرة الخطاب السياسي التي ألهبت الساحة الداخلية طوال الاسبوع الماضي بسجالات انبثقت من رحم التطورات، التي أجّجتها دواعي "عدة العمل" المحلية مع دخول البلاد المدار الانتخابي، والاقليمية في ضوء ما تشهده مرحلة ما قبل التسويات السياسية لازمات المنطقة لا سيما السورية منها. وفي اسرائيل انتهى الضجيج العسكري الذي خلفته الغارة النوعية والمناورة الاخيرة، لتبدأ مرحلة تقييم قد يعيد الكثيرون حساباتهم خلالها.

زاد من تلك المخاوف ما تتداوله الكواليس الدبلوماسية في بيروت من معلومات عن اتفاق اميركي-  روسي لتنفيذ خطة عسكرية تقضي بحصر عناصر "داعش" العشرة آلاف، المنتشرين في معقليه الأخيرين في البوكمال والميادين، بين فكي كماشة، عبر شن هجومين متزامنين، يقود الاول الجيش السوري ويضم قوات من حزب الله والحرس الثوري بدعم جوي روسي عبر التقدم شرقا من بلدة الشولا، باتجاه دير الزور ومنها الى البوكمال بدعم جوي روسي، والثاني، لقوات سوريا الديمقراطية تدعمها وحدات حماية الشعب التركي وقوات الصناديد بغطاء جوي أميركي، ينطلق من الحسكة ويتجه نحو خابور باتجاه البوكمال، على أن تتولى غرفة القيادة المركزية الأميركية الوسطى في بغداد تنسيق الطلعات الجوية مع القاعدة الجوية الروسية في حميميم لمنع أي صدام أو احتكاك جوي بين الطرفين، تمهيدا للانتقال من "وقف التصعيد" الى مرحلة "وقف النزاع"، رغم تأكيد الأوساط أن العديد من الصعوبات تبقى عالقة أبرزها حسم مسائل حقول نفط دير الزور، ولمن ستكون السيطرة على الحدود السورية-العراقية، وهو ما تعول عليه تل أبيب للتسلل عبره لخربطة الاتفاق.

وتشير تسريبات الكواليس الى أن الاجتماع الأمني الاخير الذي حصل في واشنطن منذ أسبوعين بين ضباط اسرائيليين وأميركيين، حيث عرض الوفد الاسرائيلي تقريراً مفصلاً أعدته القيادة العسكرية في تل أبيب تضمن المحاور الأساسية للمناورة العسكرية التي انتهت أمس على الحدود الشمالية المحاذية للبنان، والمبنية على تعاظم دور وخطر حزب الله في لبنان وسورية، لم تأت بحسب ما كان متوقعاً، إذ ساد اللقاء جو من "التشنج" والسلبية خصوصاً عندما أوقف مستشار الأمن القومي الأميركي الجنرال هاربرت رايموند، من أحد أعضاء الوفد الاسرائيلي عن الكلام، طالباً انضمام مساعده لشؤون مكافحة الإرهاب للمباحثات، ما أثار حفيظة الاسرائيليين نظراً لمواقف المساعد بعدم اعتبار حزب الله منظمة ارهابية، رغم القرار الواضح بهذا الخصوص، ما دفع برايموند الى رفض ادعاءاتهم حيال مخاطر الحزب، ما دفع بتل ابيب الى التحرك سريعاً باتجاه البيت الأبيض خوفاً من أن ينعكس ذلك على الرئيس الاميركي.

حادثة كان سبقها كلام في الاعلام الاسرائيلي عن رفض واشنطن وموسكو تموز الماضي لطلب اسرائيل اقامة شريط حدودي بعمق 60 الى 80 كلم جنوب سورية، بين المنطقة المحاذية للجولان والطريق الذي يربط دمشق بالسويداء، مقابل تعهد موسكو بعدم وصول الايرانيين وحلفائهم الى الخط الفاصل، حيث تقول في هذا الخصوص صحيفة "هآرتس" أن تل أبيب لم ترصد عملياً أي وجود إيراني دائم قرب الخط الفاصل خلال الأشهر القليلة الماضية، رغم الخشية من خطط الإيرانيين للتسلل عبر الحدود بشكل تدريجي، في موازاة تخطيط طهران على المدى البعيد لتعزيز وجودها العسكري والاستخباراتي على الحدود مع إسرائيل، وتحويل الجولان إلى جبهة احتياطية ثانية ضد إسرائيل لفتحها في حال انفجار أي نزاع مسلح بين الجيش الإسرائيلي وحزب الله في جنوب لبنان،  وتكشف الصحيفة أن إيران تنفق قرابة 800 مليون دولار سنوياً على دعم "حزب الله"، إضافة إلى مساعدات بملايين الدولارات للحكومة السورية، فيما تحصل حركتا "حماس" و"الجهاد الإسلامي" في غزة على مساعدات إيرانية قدرها 70 مليون دولار، زاعمة أنّ الجمهورية الاسلامية ستحصل قريباً على قواعد جوية وبحرية، إضافةً الى حقوق تعدين في سورية، بعدما حظيت بعقود غاز وبحقول الزراعة، وبعقود لتوريد مجموعات توليد كهرباء خاصة بمحافظة حلب، كما حصلت شركة إيرانية على رخصة لتقديم خدمات الهاتف المحمول في سورية.

الأطراف المعنية لا تزال تلعب لعبتها الخطيرة والحساسة على حافة الهاوية منذ سنوات ناجحة حتى الساعة في تجنب أي تصعيد. عليه ليس على إسرائيل إلاّ أن تأمل وتدعو ببقاء الكأس المرة بعيدة عنها، اذ صحيح أن الرئيس الروسي يعتبر إيران شريكاً استراتيجياً في سياسته الشرق أوسطية، الا أنه من جهة أخرى، يتفهم قلق إسرائيل ومخاوفها.

فكيف ستردّ روسيا والولايات المتحدة في حال إصرار اسرائيل على ضرب التسوية الدولية؟ وهل تتحرك موسكو ضد تل ابيب في حال استمرار هجمات سلاح الجو داخل الاراضي السورية، خصوصا أن الاستخبارات الاسرائيلية كشفت عن وجود مصنع آخر غرب الموقع المستهدف في مصياف لم يتم ضربه؟

في اسرائيل تعتقد القيادات العليا أنّ أي مواجهة جديدة مع حزب الله ستكون أقصر وأكثر عدوانية وتدميرًا من أيّ حرب سابقة، خصوصاً أن سلاح اسرائيل الأهم هذه المرة هو استهداف البنى التحتية الاستراتيجية  في لبنان. لذلك كانت المناورة الأضخم منذ 1998 والحديث منذ فترة طويلة عن ضرورة هزيمة الحزب والقضاء عليه نهائياً في الحرب المقبلة.

فهل ستقوم إسرائيل في حال وقوع اشتباكات جديدة مع حزب الله بحصر هجومها بالمناورات البرية في لبنان؟ أم أنها ستعتبر المخاطر المنطوية أكبر بكثير من أي مكاسب المتوقعة؟

Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://emediatc.com/?page=show_det&category_id=15&id=47895