وجهات نظر

جاريد كوشنر... الفلسطيني

نبيه البرجي


الاعلام تايم _ الديار


هو يصلح، وزوجته ايفانكا، ليكونا في هوليوود لا في البيت الأبيض...


قال لنا قيادي فلسطيني "جاءنا برأس فارغ وبسلة فارغة". لا حنكة، ولا ديناميكية ديبلوماسية، ولا معرفة بالتضاريس الاستراتيجية والايديولوجية في المنطقة. "باختصار أتانا يهودياً وغادرنا يهودياً".


بالرغم من ذلك، يحمل جاريد كوشنر صفة كبير مستشاري الرئيس دونالد ترامب. كما أي صهر آخر عزيز جداً عند والد زوجته الذي لا مجال لإقناعه بأن صهره لا يمتلك لا رأس جون فوستر دالاس ولا رأس هنري كيسنجر.


ثمة يهود آخرون، وبمواصفات واتجاهات مختلفة، تواجدوا في البيت الأبيض. من دنيس روس الى ريتشارد هاس، ومن اليوت ابرامز الى آرون ميلر. لم نكن نعرف زوجاتهم ولا آباء زوجاتهم، لكننا كنا نعلم أي رؤوس يحملونها على أكتافهم. لا مجال للمقارنة بين روس الذي كان، كأي حاخام آخر لايحيد قيد أنملة عن النص التوراتي، وهاس الذي قال في إحدى مقالاته، إن "بنيامين نتنياهو الذي يتقن التزلج على النيران يفتقد الحد الأدنى من أخلاقية القرن".


كعرب، بالأحرى كدمى فوق هذه الخشبة التي تدعى الشرق الأوسط، أخذنا برأي بعض المسؤولين والكتاب العرب في أن ماعجز عنه الرؤساء الأميركيون، من هاري ترومان وحتى باراك اوباما (12رئيساً) سيقوم به الرئيس الأكثر إثارة للجدل، والأكثر إثارة للريبة، والأكثر إثارة للضحك...


الرجل بعث بصهره الى المنطقة لتسويق نظرية الدولتين التي لا مكان لها في رأس نتنياهو، ولا في رؤوس أركان اللوبي اليهودي في الولايات المتحدة. فارق شاسع بين رئيس الوزراء الاسرائيلي الذي يتكلم الانكليزية بأنياب الذئب ومحمود عباس الذي يتكلم الانكليزية بأنياب الشاة...


الشيء الوحيد الذي عاد به كوشنر الى واشنطن، ويستحق الذكر، أنه وجد زعيماً للاسرائيليين ولم يجد زعيماً للفلسطينيين. تذكروا أن دنيس روس من لقنه هذا الكلام الشديد الواقعية. بنيامين نتنياهو قال لباراك اوباما "لو كنت مكاني، هل تفاوض رجلاً نصفه على الأقل في العالم الآخر؟".


عندنا الزمن مات من زمان. فيلسوف التاريخ البريطاني ارنولد توينبي لاحظ أن المشكلة في الشرق الأوسط هي في "شيخوخة الأزمنة". لا تنتظروا أن تنجب الأمة بطلاً الا إذا كان على قياس معمر القذافي أو علي عبدالله صالح. أحصنة من خشب أم آلهة من خشب؟


الآن، في المطابخ الاقليمية محاولة لتركيب بطل (على طريقة بابا غنوج). ممّ يشكو محمد دحلان ؟ كاريزما، وحيوية، وشبكة عنكبوتية من العلاقات، وجاهزية للتفاهم على إقامة دولة فلسطينية في غزة مع استئجار بضعة آلاف الكيلومترات في شبه جزيرة سيناء مقابل بضعة مليارات دولار سنوياً تدفعها الدول العربية الثرية لمصر التي تغوص أكثر فأكثر في مصائبها الاقتصادية.


ماذا عن الضفة الغربية ؟ هنا السيناريو العجيب الذي قد يأخذ به حاخامات اورشليم. دولة ثنائية عربية ـ يهودية، أي نصف عربية ونصف يهودية بعدما أعلن نتنياهو رفضه المطلق لتفكيك المستوطنات.


صائب عريقات الذي عاش البهلوانيات الديبلوماسية الاسرائيلية منذ اتفاق اوسلو عام 1993، يشكو من اننا "لا نعرف ماذا يريد نتنياهو وهو لا يقول ماذا يريد".


في هذه الحال، ماذا يفعل أبو مازن على رأس السلطة ؟ الذين حوله يعتبرون أن زواله قد يعني زوالهم جميعاً. صراعات داخل السلطة وعلى أبواب السلطة. ادوار سعيد لم يكن يخشى على تآكل الذاكرة الفلسطينية بل على تآكل الخيال الفلسطيني.


ياسر عرفات قتل، بالقفازات الحريرية، انتفاضة الحجارة. لامجال للحديث عن انتفاضة السكاكين في هذه الظروف البائسة واليائسة. لا أحد من العرب تعنيه التراجيديا الفلسطينية. أحمد ابو الغيط الذي يغط في نوم عميق استيقظ فجأة واحتج على الموقف من المستوطنات، ثم عاد الى بطانية الصوف.


كل العرب نيام على الأرض أو تحت الأرض. هل تريد اميركا حقاً إقامة دولة فلسطينية (بمواصفات الدولة لا بمواصفات الزنزانة). رجل أعمال فلسطيني بارز قال لنا "حين تحدث كوشنر الى الاخوان في رام الله، ظنوا أنه يدعوهم الى إقامة دولة على سطح المريخ".  تابع بمرارة "... أفضل من لا شيء".

Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://emediatc.com/?page=show_det&category_id=15&id=47649