وجهات نظر

لن ندفن جنودنا ثانية

نبيه البرجي


الإعلام تايم-الديار

 

لنعلن رفضنا دفن جنودنا كي لا تدفن معهم الحقيقة. لن يغفروا لنا.  عيونهم ستبقى كما الرماح في وجوهنا، لأن الفضيحة التي هزت السماء يفترض أن تهز الأرض ايضاً.

نعلم أننا في دولة اللاضمير، وفي دولة اللاحقيقة، وفي دولة اللاقلب. الآن لا نتلقى الأوامر من ديناصورات هذا الزمان بل من صراخ القبور. ولتكن العاصفة التي تقتلع هؤلاء الذين مكانهم الزنزانة أن لم تكن المقبرة!

هؤلاء الذين برؤوسهم العرجاء كانوا يدركون ماذا يحدث في عرسال وما يحدث في محيط عرسال. علناً قال أحدهم "انتظروا، صواريخ "حزب الله" ستباع قريباً في سوق الخضار".

لسنا في موقع الدفاع عن الحزب، ولكن الم يكن يدري اولئك الذين ذهبوا الى عرسال، وظهروا مع بقايا تورابورا، أن احتلال السلسلة الشرقية كان نقطة الانطلاق نحو طرابلس ونحو بيروت مروراً بزحلة...

جارة الوادي التي لن يستطيع أحد، ومهما بلغ العهر الاعلامي، أن يحجب قناعتها بأن الرياح الصفراء، الآتية من قاع الأزمنة ومن قاع الايديولوجيات، إنما هددت باقتلاع تمثال السيدة العذراء، وحتى باقتلاع السيدة العذراء.

هكذا هددوا التمثال المماثل على احدى تلال وادي النصارى، وقالوا أنهم يبغون غسل هذه الأرض من الشرك وأهله. ولا ندري كيف يمكن لآلهة الدم أن يعلموا من هو اله السيدة العذراء.

الغباء  جريمة، التغاضي جريمة، الزبائنية جريمة. من لا يعلم أنهم كانوا يراهنون على محور عرسال ـ القصير لاجتياح المناطق اللبنانية الواحدة تلو الأخرى. هنا لا يعنينا النظام السوري الذي طالما حذرنا أهله من تلك اللحى المسننة التي تحفر في الأرض، وتحفر في الأرواح.

اذا كان شامل روكز أو ضباط آخرون لا يقولون الحقيقة فليمثلوا أمام قوس المحكمة. الآن، لا أحد يمكنه أن يغلق أبواب الفضيحة لأن الدوي، دوي الرعد، يعلو وسيظل يعلو، من أضرحة جنودنا. الحقيقة والا سنلاحقكم بعظامنا، والى الأبد...

لن يكون بوسع كل البهلوانيات اللغوية، والخزعبلات الاعلامية والسياسية، أن تقتل الحقيقة كما قتلت مرتين نور الدين الجمل، وبيار بشعلاني، وجورج صعب، وكل الجنود  الذين أعطوا المعنى للأرض...

هؤلاء أبناء كل لبنان، وأبناء كل اللبنانيين الذين آن الأوان لكي يشعروا أنهم في دولة الضمير لا في دولة العار الذي يلاحقنا حتى داخل صدورنا اذا ما توقفنا، كما العادة، في منتصف الطريق، واذا ارتضينا نصف الحقيقة الذي يغتال النصف الآخر.

ثمة من تواطأ مع اولئك المشايخ الذين بوجوه مصاصي الدماء، وثمة من راهن على أن تكون الجرود، بحساسيتها الجغرافية الاستثنائية، القاعدة المحورية في اتجاه الداخل اللبناني كما في اتجاه الداخل السوري...

هل تصور محترفو التواطؤ أي "امارة لبنانية" كانت ستقوم؟ على أحد المواقع ظهر أصحاب السعادة الذين زاروا عرسال تضامنا مع أبي بكر البغدادي وأبي محمد الجولاني بالزي الأفغاني. لا نعتقد أن هؤلاء عادوا الى الوعي حين وصف الوزير نهاد المشنوق عرسال بالمحتلة.

ليكونوا ضد نظام دمشق. هذا حقهم، ولتكن غرفة عملياتهم في مقاهي الداون تاون، ولتتحول الشاشات الى طواحين للكراهيات، ولكن أن يمدوا اليد، وأن يشكلوا الغطاء، وأن يرفضوا انقاذ جنودنا وضباطنا من براثن البرابرة. هنا الأهوال...

بتظاهراتنا، وبأصواتنا ننزع كل الأقنعة عن وجوههم (الأقنعة) لأننا قد نتحمل مائة مليار دولار من الدين العام، لكننا لا يمكن أن نتحمل نقطة دم واحدة من جنودنا سقطت خدمة لاسستراتيجيات الغباء..

 

بالفم الملآن... أيها المغفلون ماذا فعلتم ؟ تفاصيل ذلك اليوم أكثر من أن تكون رهيبة .ليس صحيحاً أنهم خافوا على أرواح الجنود فآثروا ترك الأمور لأؤلئك المشايخ، الناطقين باسم العصر الحجري، للتفاوض، وهم الشركاء في سائر مندرجات الحدث. اسألوا الشرفاء من أهل عرسال . هنا الخبر اليقين..

هذه المرة، لن تكون الحقيقة وراء القضبان، بل الذين أعطوا الضوء الأخضر للقتلة. جنودنا لن يدفنوا ثانية. أما وقد نبش الرفات  فالمكان ليس تحت التراب وإنما في وجوهنا..

إنه وقت لاختبار المدى الذي تصل اليه صرختنا. أن اقفلنا افواهنا، تليق بنا، في هذه الحال فوهات الجحيم!!

Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://emediatc.com/?page=show_det&category_id=15&id=47556