وجهات نظر

تشابك الأيدي بين السعوديّة وإيران

نبيه البرجي


الإعلام تايم - الديار

 

لأننا نتابع ما يكتب وما يقال في الولايات المتحدة، ولأن تجربتنا الطويلة، والمعقدة، والعاصفة، جعلتنا نستشعر كيف ان الأميركيين لعبوا بنا على مدار العقود الماضية كما تلعب الرياح (الهوجاء) بالأشرعة الهرمة...

ولأن رؤوسنا تعبت وهي تتدحرج بين أحذية الأباطرة، والقياصرة، والسلاطين (والآلهة)، نقول للأمير محمد بن سلمان امنح مستشاريك اجازة قسرية، أو ضعهم في الاقامة الجبرية، أو ألق بهم خارجاً، وتأمل ...

علّ ولي العهد السعودي الذي لاحظ، بعد تنحية الأمير محمد بن نايف، والاهتزاز اللامرئي الذي حدث داخل العائلة، انه بات محاطاً بالأزمات البنيوية،  وحيث الاقتصاد يتآكل، والأرصدة الآستراتيجية تتآكل، وحيث الحفاظ على الشخصية السوسيولوجية للمجتمع بات مستحيلاً.

كل الملفات التي امام صاحب السمو ملفات يائسة. نعلم من زملاء سعوديين ما قاله في «منصة الرياض» من ان اركانها لا يصلحون حتى لدور الدمى، وأنه يتمنع عن لقاء اي منهم كونهم ظواهر ببغائية لا مكان لها في الميدان ولا في ردهة المفاوضات...

الخسارة على المسرح السوري باتت ثابتة. لا نتصور أن الأمير الشاب يراهن على بنيامين نتنياهو وتهديداته التي للصفقات وللمقايضات، او لتغطية الدعاوى الفضائحية التي تلاحقه...

فضلاً عن ذلك كله، حين تتدخل اسرائيل تحطم كل شيء حتى قواعد اللعبة. لا بد أن فلاديمير بوتين قال له في سوشي "نحن من يصنع قواعد اللعبة في سورية". للمرة الأولى تبدو تل أبيب لاهثة أمام الخطوط الحمراء...

بعض المعلقين السعوديين هللوا لأن علي عبدالله صالح، الأفاك المحترف، اختلف مع عبد الملك الحوثي الذي يفتقد ديناميكية، ووهج، القيادة ما يعني أن اليمن الذي عانى الويلات،  وتحول الى مستودع للهياكل العظمية، مقبل على الحرب الأهلية التي تتيح للتحالف (لا تنسوا الماريشال عمر حسن البشير بعصا الراقص وعصا المرتزق)، أن يشق الطريق عبر المقابر.

اذا كان من مصلحة الرياض انفجار الصراع بين حزب المؤتمر و"انصار الله"، فهل باستطاعة الأمير احتواء تداعيات الحرب الأهلية على المملكة ؟ وهل يقبل، كشقيق مهما بلغت قسوته، ان يتحول اليمن، بكل أحزانه، الى مطحنة للجثث ؟

 

حتى أن الأزمة مع قطر والتي لها مراميها الشخصية، آلت الى الفشل. الرهان على دونالد ترامب كان خطأً فادحاً . منذ عودته "مظفراً" من الرياض، كل ما فعله انه أمّن التغطية لإزاحة ولي العهد. لا شيء آخر في حين إن ثمة من صوّر للأمير أن ثمة ضوءاً أخضر أميركياً بتتويجه ملك ملوك العرب. اذا شئتم .. شاهنشاه العرب.

بعض مستشاري الأمير أميركيون. منهم من خدم في أجهزة الاستخبارات، أو في معاهد ذات ارتباط مباشر بالاستابلشمانت.

هؤلاء صوروا للسعوديين، وللعرب، أن ثمة رجلاً آخر في البيت الأبيض، وأحد أهدافه الكبرى زعزعة نظام آيات الله . بالتالي ازالته.

حين يتأمل صاحب السمو،  بعيداً عن آراء، وتكهنات (وترّهات) المستشارين، لن يخطر له أن ذلك النظام المتجهم (لولا ضحكة محمد جواد ظريف)،  سيتناثر مثلما تناثر الاتحاد السوفياتي بعدما تقهقر الاقتصاد، واضطربت الهيكلية الايديولوجية للمجتمعات السوفياتية، حتى لو قيل أن الاقتصاد هو المشكلة القاتلة في ايران وحيث الحاصل القومي السنوي 250 مليار دولار مقابل 800 مليار دولار في تركيا.

الأمير أخذ علماً بالجهات التي رفضت السيناريو الخاص بتهريب مقاتلي "داعش " الى الداخل السعودي. واللافت أنه بعد يوم واحد فقط من التكذيب الحاد لوساطة عراقية، جاء تأكيد الرياض حول تبادل الزيارات الديبلوماسية...

قصة الزيارات تخفي الكثير وراءها، وبعدما بدا أن استمرار الصراع السني ـ الشيعي، ولأغراض سياسية، يهدد السعودية مثلما يهدد ايران بمسلسل من الزلازل...

اذا أراد ولي العهد أن ينتقل بقوة الى العرش، واذا اراد الرئيس حسن روحاني أن يواجه التوترات الاقتصادية والاجتماعية في بلاده، لا حل الا بسياسة مد اليد، وحتى تشابك الأيدي بين المملكة التي صدمتها سياسات رجب طيب اردوغان والجمهورية الاسلامية التي قد تكون عائدات الديبلوماسية الخلاقة بالنسبة اليها أجدى بكثير من عائدات الصراع...

هل نتفاءل...؟!

Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://emediatc.com/?page=show_det&category_id=15&id=47484