وجهات نظر

التيتانيك...!!


الإعلام تايم - الديار

 

صديقنا المطران الفذ جورج خضر قال "اللبنانيون واقع ركام لا واقع جماعة"! واذ تعرفون ما هو رأي زياد الرحباني في حالنا، وأحوالنا، كتب الروائي الأميركي دوغلاس كنيدي، غداة زيارة لبنان "هؤلاء اللبنانيون يجعلونك تظن، للوهلة الأولى، انهم هبطوا من كوكب آخر في ذلك الشرق الأوسط المصاب، منذ الأزل، بلوثة الآلهة. للوهلة الثانية تكتشف انهم مستعدون لخوض حرب أهلية حول ما اذا كان الطريق الى العالم الآخر يمر عبر العباءة السعودية أم عبر العباءة الايرانية..

استطراداً، لا ندري لماذا يفترض تذكيرنا، صباحاً مساء، بأن المصالحة المسيحية ـ المسيحية بألف خير، وبأن ميترنيخ التيار الوطني الحر (النائب ابراهيم كنعان ) وتاليران "القوات اللبنانية" (الوزير ملحم الرياشي)أقاما سلام المائة عام.

المشكلة (الأزمة) هي في مصالحة المسلمين، بوجه خاص، واللبنانيين بوجه عام لقد لاحظنا كيف يظهر بين الحين والآخر من يتكلم بأسنانه، وحتى بأظافر قدميه، عبر الشاشات، كما لو ان المرحلة، بتضاريسها وباحتمالاتها، لا تستدعي الحد الأقصى من العقل والتعقل...

هي مصالحة بين الموارنة والموارنة، وفرضتها الظروف الرئاسية المعروفة. لا رؤية سياسية مشتركة ولا رؤية استراتيجية مشتركة، بل تباعد حول كل شيء، ودون أن يعني ذلك التطابق الميكانيكي في الموقف، وفي الرأي، ونحن الذين نصر على أن المسيحيين، بتفاعلهم مع ديناميات الحداثة، إنما هم زينة لبنان...

صحيح كما قال الدكتور سمير جعجع أن قانون الانتخاب الجديد لا يفسح في المجال لتحالفات ما دامت كل جماعة تسعى لوضع اليد على أكبر كمية ممكنة من المقاعد دون ان يتنبه احد الى هول ازمتنا وابعادها. المنطقة التي تطفو فوق النيران تطفو فوق الاحتمالات التي مثلما  تزعزع الخرائط  تزعزع البنى الفلسفية، والبنى السوسيولوجية، للمجتمعات.

واذ نقر للدكتور جعجع بأن سنوات الزنزانة، وكانت سنوات الجلجلة (لاهوتياً وسياسياً)، جعلته اعمق ثقافة واكثر حنكة، نراهن في ساعة التجلي على تحوّل ما في ان يكون للمسيحيين دور محوري في لمّ الشمل، شمل المسلمين الذين تقطعت بهم السبل. السبل التي تفضي الى الدنيا والسبل التي تفضي الى الآخرة...

نأخذ الرئيس ميشال عون مثالاً على طريقة ونستون تشرشل فهم ان السياسة لا تعني ان يكون للسياسي رأس وحيد القرن. اما بالنسبة الى "حزب الله"، المسألة ينبغي ان تكون واضحة. انه "ابن البلد" شئنا ام ابينا. هو الذي دحر الاحتلال الاسرائيلي الذي جثم على صدورنا وعلى ظهورنا لعقدين من الزمان..

السؤال البديهي، وفي ظل دولة تتأرجح بين ثقافة المافيات وثقافة الطوائف، كيف لا يبقى "حزب الله" وتبقى ترسانته اذا كان العقل التلمودي، أو العقل الاسبارطي ، هو الذي يحكم اسرائيل بامتداداتها الضاربة في العمق الأميركي؟

لاريب أننا أمام وضع استثنائي، وفرضه واقع لا نزال نجتره منذ اتفاق القاهرة عام1969  والذي أبرمته الدولة المهلهلة إياها. ولكن هل الحزب هو من يمنع قيام الدولة؟

الساسة الذين حوّلوا البلد الى ركام بالسقوط الأخلاقي المدوي. بماذا تختلف منى بعلبكي عن أي سياسي احترف الموبقات. هؤلاء، في معظمهم، ليسوا أكلة الجبنة، وهو التعبير الذي استعاره فؤاد شهاب من شارل ديغول، بل أكلة اللحوم (لحوم البشر).

واذ لا يمكن ان نتغاضى عما فعلته أيام عنجر (عنجر العزيزة بأهلها) بلبنان واللبنانيين، نأخذ برأي رئيس الجمهورية في أن الماضي هو الماضي. لا عقدة الزنزانة، ولا عقدة الصومعة، ولا عقدة المقبرة، هي التي تتحكم بعلاقتنا مع سورية..

كما الريح تهز سورية تهزنا أيضاً. كلنا في تلك التيتانيك التي تدعى الشرق الأوسط. أي لبنان اذا بقينا داخل الجدران أو اذا استبقينا  سياسة ثقب الباب، نستدعي بتبعثرنا السياسات المجنونة والاستراتيجيات المجنونة؟!

Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://emediatc.com/?page=show_det&category_id=15&id=47328