وجهات نظر

باختصار: هاتف الحرية

زهير ماجد


الإعلام تايم- الوطن العمانية

 

لو كان للمدن والأرياف والقرى فم لسمعنا كلاماً شاهداً مجبولاً بالمعارك ودم الشهداء وصراخ الأطفال وبكاء النسوة، ثم بقبلات مقاتلي الجيش العربي السوري وهم يهنئون بعضهم بعضاً بعد معركة من معارك الحرية.

ومع ذلك فصمتها كلام، وما تقدمه مشاهد وصور تعابير مرسومة .. كل من نال حريته منها لديه الأمل في ما سيأتي، كل من قبل أحذية المحررين سينال الرضى من الإنسانية.

أكاد اسمع هاتفاً منها " لا خوات " ماتزال في الأسر، يبشرها بقرب موعد الحرية، هي دير الزور التي تلقت النبأ، وهي الرقة في كلام عذب مهدى اليها، وهي ادلب، هي كل مكان يفتح ذراعيه منتظراً تنشق نسائم الأوكسجين الذي يبثه جيش سورية المظفر.

إنها الخارطة السورية التي أراها أمامي، وقد رتبت بمقاييس ما صار، وبمقاييس العلم الوطني السوري بنجمتيه وبحمرة دم شهدائه وببياض قلوب شعبه .. لقد اقترب الموعد أيها السوريون الذي كم انتظرتموه، وأدعية تطال السماء ولا تتوقف، ثم قبلاتكم لزنود أبطالكم، أبنائكم، الذين زرعوا دمهم في أرض عشقوها.

ثمة هتاف تتلقاه دير الزور والرقة وادلب وأمكنة أخرى، تطالب الانتظار، ثمة قليل من الوقت، من أجل حرية وطن لا قيمة للوقت، القيمة وحدها لصبر سوف لا يبقى صبراً .. من انتظر كل هذا الوقت الطويل، تبقى لديه ما نسميه نحن ربع الساعة الأخير.

الركام الذي صنعه دمار المخربين فوق الخارطة السورية سينزاح ختما بأيدي السوريين، وهو الآن قد بدأ، معلولا مثلا الترميم فيها قائم بلا توقف، الرئيس السوري بشار الأسد يشرف بنفسه عليه، وفي حلب أيضاً، ومثله في حمص لمن يقدر ، لكن سورية كلها ورشة إعمار قد لا يكفيها أكثر من ألف مليار دولار. هو المال الذي نعتقد أنه توفر، وهي اليد السورية الماهرة التي بدأت تستعد لرحلة البناء الطويلة.

تغيرت الخارطة السورية .. يوم دمر الاسرائيلي الضاحية الجنوبية من بيروت وقرى بأكملها، قلنا أنها ستعود أجمل مما كانت، لأن عنصر الجمال في روح الناس الذين نصروا النصر ولم يكتئبوا لحالة الدمار التي عاشوها ورأوها. واليوم أيضاً ، روح كل سوري باتت معلقة بالخارطة البنائية الجديدة التي ستعيد ما تهدم أجمل ما كان وأرقى. ولا أبالغ القول، أن الشعب السوري الذي بنى مدنا في المنطقة العربية، سيرسم جمالياته على حيطان بلده وفي شوارعها ومنتزهاتها، ستكون مثل هارموني الموسيقى بإيقاعات متلازمة.

إنه الهتاف الذي بات مسموعاً في دير الزور وفي الرقة وادلب وأمكنة الانتظار، فلماذا تعنيه السخنة مثلاً، ولماذا تقترب البادية من نهايتها .. ولماذا لا يسكت الجنوب، وقد عادت العصافير الى أمكنتها بعد أن تاهت حين اقترب الإرهاب .. الطيور لا تطيق أشكالا عقلها هارج جمجمتها، وفيها كل الفراغ الذي لا يتحرك فيه سوى الهواء.

الهواتف ترن وتحكي المدن والأرياف والقرى، فقد حان موعد صمت السلاح، وحان موعد طرد الارهاب من غير رجعة، وحان عودة سورية الى سورية، وحان قطاف ما زرعه الجيش العربي السوري … وحان حديث الشهداء يا سادة الشهداء.

Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://emediatc.com/?page=show_det&category_id=15&id=47289