وجهات نظر

كانتونات في شمال سورية هل هذا ممكن...؟

حميدي العبدالله


الإعلام تايم - البناء

 

تداولت وسائل الإعلام معلومات مصدرها جهات كردية ناشطة في شمال سورية تتحدّث فيها عن انتخابات محلية في بعض مناطق سيطرة الأكراد في شهري أيلول وتشرين الثاني المقبلين. وذهب البعض أبعد من ذلك وتحدّث عن انفصال أمر واقع سيفرض نتيجة لهذه الانتخابات، ونتيجة لتواجد قوات التحالف بقيادة الولايات المتحدة، أو بالأحرى تقسيم أمر واقع بقوة وقدرات هذا التحالف.

 

قد تكون هذه الفكرة تهيمن الآن على سلوك "وحدات الحماية الكردية"، وقد يكون هذا الهدف داعب مخيّلة قوات التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة التي تنشط في شمال سورية، لكن تحوّل هذا السلوك إلى أمر واقع فعلي قابل للاستمرار، أو العمل على تحقيق هذا الهدف هو من رابع المستحيلات، وذلك للأسباب الآتية:

أولاً، المناطق التي يجري الحديث عن إقامة كانتونات عليها هي منفصلة عن بعضها البعض إلى ثلاث مناطق. المنطقة الأولى في عفرين، والثانية في عين العرب، والثالثة في محافظة الحسكة.

واضح أنه لا يمكن إقامة كانتون في عفرين تحت أيّ مسمّى إذا لم يحز على موافقة الدولة السورية، وإذا لم توافق الدولة السورية فإنّ حصاراً سيفرض على المنطقة يجعل أهلها يرفضون هذا الكانتون، سواء جاء الحصار من قبل الدولة السورية، أو من قبل تركيا، أو جماعات مسلحة تنشط في محيط عفرين وترتبط بتركيا، لا أعتقد أنّ لأكراد عفرين مصلحة في التصادم مع الدولة السورية وهم محاطون بقوى تسعى للسيطرة على المنطقة، سواء تركيا والجماعات المسلحة المرتبطة بها، أو جماعة جبهة النصرة إلى الجنوب من عفرين في ريف حلب الغربي.

في الحسكة مثل هذا التقسيم غير ممكن، لأنّ الدولة السورية موجودة في مدينة الحسكة مركز المحافظة، وفي مدينة القامشلي ثاني أكبر مدن المحافظة، وسكان المنطقة، العرب والأكراد، ترتبط أوضاعهم الحياتية والخدمية مع الدولة السورية، سواء لجهة بطاقات الهوية، وجوازات السفر، أو لجهة استلام المحاصيل أو لجهة تقديم الخدمات الأخرى مثل الكهرباء والريّ، فضلاً عن أنّ غالبية سكان هذه المحافظة ليسوا من الأكراد، بل هم عرب وكلدان وآشوريون.

في عين العرب سيكون الكانتون معزولاً أيضاً طالما أنه لا يشمل محافظة الرقة، وإذا شمل هذه المحافظة فإنّ سكان عين العرب الأكراد سيتحوّلون إلى أقلية ويستحيل على هؤلاء فرض واقع كانتونات من دون قبول الغالبية العربية، وهذا أمر متعذّر.

إذن… الرغبات والأماني شيء والواقع شيء آخر.

اليوم ثمة سلطات أمر واقع في كلّ مكان انحسر عنه وجود سلطة الدولة السورية، لكن هذا أمر قابل للتغيير في ضوء ما يجري الآن في مناطق واسعة من الجغرافية السورية، وهو يتغيّر كلّ يوم مع تقدّم الجيش السوري.

Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://emediatc.com/?page=show_det&category_id=15&id=47108