وجهات نظر

التسويات التي .... تنتظرنا

نبيه البرجي


الإعلام تايم - الديار

 

هكذا يرى الحاخام شمولي بوطيح الفارق بين العرب واليهود: "العرب يسندون ظهورهم الى التاريخ. اليهود يسندون ظهورهم الى... الله".

وكان بوطيح (بوتيتش) يسخر من ردهة المفاوضات التي قد تتسع للتاريخ ولكن كيف يمكن ان تتسع لله. عاكساً، بلغة لاهوتية، استحالة الوصول الى اي نتيجة حول اقامة دولة فلسطينية في ارض الميعاد...

اذاً، لنا التاريخ بأبوابه المشرعة على الموت، ولهم الله بأبوابه المشرعة على الحياة. الاختلال ليس استراتيجياً، كما نظن. هو تيولوجي، وترعاه الولايات المتحدة التي لا ترى في اسرائيل الظهير السياسي والعسكري في الشرق الاوسط فحسب بل والظهير الالهي ..

 

هكذا عاد جورج ميتشل، ومعه الجنرال انطوني زيني، الى واشنطن، ليصرح من هناك بأنه حين ذهب كوسيط لإدارة العمليات التفاوضية، لم يكن يدري أن مهمته هي إقناع الفلسطينيين بإقامة دولتهم على سطح المريخ...

الفرنسيون حاولوا اكثر من مرة الحد من الظلال اللاهوتية في أزمة المنطقة. الآن يقولون وراء الضوء أن اسرائيل، بامتداداتها الدولية، هي التي أقنعت جورج دبليو بوش بغزو العراق، وبتفجير الأزمة في سورية...

استطراداً، ستظل هاتان الدولتان تتقيآن الجثث، الى أن يتحقق السيناريو الاسرائيلي: انهاء "خرافة" الدولة الفلسطينية في الضفة الغربية، وحصرها في قطاع غزة، دون أن تكون هناك أي مشكلة في اقتطاع أجزاء من شبه جزيرة سيناء، وبتمويل عربي بطبيعة الحال...

هذا أولاً، ثم فرض التسوية على دمشق وبغداد، باعتبار أن لا مشكلة لدى دول عربية حددت عدوها التاريخي، والاستراتيجي (والأبدي) بإيران...

تأكيدات من أكثر من مكان بأن مشروع إقامة الدولة في غزة قائم على قدم وساق. محمد دحلان الذي هو، عربياً وأميركياً واسرائيلياً، بطل السيناريو، باتت لديه كل الأموال، وكل التفاصيل، وكل الصلاحيات، ليكون رئيس الحكومة، أي الحاكم الفعلي.

ما ينقل عنه أنه سيجعل من غزة "دبي المتوسط"، ودون أن يشكل الانغلاق الايديولوجي لحركة "حماس" أي عائق، فالأكثرية الساحقة من أهالي غزة يريدون أن يكون لهم مكان في الدنيا. مكان في الآخرة مسألة أخرى...

في الأروقة الخلفية أن المؤسسة اليهودية تدفع في هذا الاتجاه، لا مانع من ذلك لدى جنرالات مثل هربرت ماكماستر أو جيمس ماتيس، لكن هؤلاء يعتبرون أن الرئيس الأميركي يتوقع الاسوأ في ما يتعلق بـ "العارض الروسي"، أي ملف "التواطؤ" مع موسكو في الانتخابات الرئاسية.

حتى أن معلقين أميركيين بارزين يقولون أن ترامب يبدو، في أحيان كثيرة، وهو يقفز فوق نصائح ماكماستر ذي الخبرة العميقة والكثيفة في ادارة، وتنفيذ، الاستراتيجيات الحساسة...

 

بمعنى آخر أن البيت الأبيض، بوضعه الحالي، لا يستطيع أن يمسك بالخيوط المعقدة في الشرق الأوسط. هناك أزمات، وحروب، وصراعات، اضافة الى نزعات جيوسياسية تبدو وكأنها استيقظت فجأة لتملأ المسرح....

هذا الوضع لا يحتاج الى ادارة أوركسترالية فحسب، وانما الى الابداع الذي يفضي الى اختراقات ديبلوماسية، واستراتيجية، استثنائية..

لدى ترامب أدوات كثيرة ليفعل ذلك. حتماً بالتنسيق مع فلاديمير بوتين الذي، بدوره، يرى ضرورة التسوية، أو التسويات الشاملة، في الشرق الأوسط. المشكلة أن رأس الرئيس الاميركي ليس ثابتاً، بما فيه الكفاية، على كتفه!

Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://emediatc.com/?page=show_det&category_id=15&id=46719