وجهات نظر

باختصار : لحظة عراقية ورسائل في كل اتجاه

زهير ماجد


الإعلام تايم-الوطن العمانية

 

كل العراق مشى في الساحة تحت قوس النصر ممثلا بجنوده البواسل. عاد النبض إلى تلك الساحة التي شاهدنا فيها في السابق فيالق وألوية وقوى ورئيساً يحمل بندقية بيد واحدة. أنها الساحة التي خططت لتكون شبيهة بالساحة الحمراء في موسكو أو بالساحة الخضراء في ليبيا أو بساحة الشانزليزيه في باريس، لكن المميز فيها ذلك النصب والسيفان وقبضة اليدين، كل ذلك من عبقرية فنان عراقي هو النحات خالد الرحال الذي عاش خارج العراق ثم طولب بالعودة في السبعينات من القرن الماضي، في حين لا تخلو شوارع بغداد من الساحات الشهيرة وخصوصاً تلك التي تحمل اسم "الجمهورية" حيث نصب الحرية الذي وضعه النحات والفنان جواد سليم.

 

فرحنا كثيراً بمشهد القوات المسلحة العراقية وهي تقدم عرضاً بمناسبة تحرير الموصل .. هي في الحقيقة أبعد من هذه المناسبة، يريد العراقيون القول أن قواتنا بخير وهاكم نماذجها، ونحن على أتم الاستعداد، وتلك هي الصورة المثلى التي نقدمها للعرب وللعالم وقبلها للشعب العراقي الذي ذاق المر ولم يرتح منذ أن اجتاح جيشه الكويت، وهي غلطة دفعت فيها أثمان غالية، أدت الى نهاية نظام بشكله الكامل وبكل مؤسساته.

لا شك أن الانتصار في الموصل كان أكثر أنباء من الكتب، لكنه كان مكلفاً ككل الحروب الصعبة في الداخل، ولأنه ليس وقت الحساب، سيظل سقوط الموصل بتلك الطريقة العجائبية بيد الارهاب التكفيري سؤالاً لن ينسى، والجواب عليه سيظل مؤجلاً ، لأن الادارة السياسية في البلاد أرادت التعتيم بل محو ذاكرة كاملة اساءت إلى العراق في لحظة بناء مهمة.

انتهت مرحلة في الموصل ولم يزل هنالك مطلوب من العراقيين أن يكملوا طريق التحرير، والذي على أساسه يتم تصنيع قوات مسلحة مدربة باللحم الحي، قادرة على ادارة البلاد والعودة به الى ما كانه من قوة ومناعة، حتى أنه قيل أن الجيش العراقي كان القوة الرابعة في العالم إبان حكم صدام حسين، وخصوصاً بعد أن خرج من حربه مع ايران حيث تعداده يفوق المليون.

لكثير من الأسباب جاءت القوات الأميركية من آخر العالم لتجتاح العراق، لكن المؤكد أن واحدة منها كانت دافعاً وراءه اسرائيل التي رمتها قوات صدام حسين بأكثر من عشرة صواريخ بالستية، يقال أنها حفزت الأميركي لأخذ الثأر من العراقي بديلاً عن "اسرائيل".

أنه عرض للقوات المسلحة العراقية التي بدون شك تهديه أيضاً للشقيق السوري الذي ما زال يقاتل على جبهات متعددة العدو ذاته، لا بل جملة أسماء كونت أعداء. ومثلما صبر العراقيون على حرب تتردد في خوضها جيوش كبرى، يصبر السوريون أيضاً، وهم يعرفون أن لا مجال أمامهم غير تلك الكلمة السحرية التي عاشوا عليها ست سنوات من التنقل بين الرصاص والقنابل وقدموا لوحة رائعة من المكاسب التي يعجز عنها أيضاً جيوش لها خبراتها في ميدان الحروب.

 

بالأمس بكيت وأنا أرى الدبابة الأميركية تتمختر في بغداد، وتتساقط العاصمة شارعاً فشارعاً أمام جحافل الجيش الأميركي، ولم ينشرح صدري إلا عندما رأيت عزاً جديداً يعود إلى عاصمة الرشيد ليلعب دوره العربي الذي اشتاقه، وكان في زمن ما يسمى بجيش العرب، وله شهداؤه في فلسطين وفي سورية، إضافة الى المليون عراقي الذين استشهدوا إبان الغزو الاميركي.

 

مشهد القوة العراقي في ساحة العرض رسائل عديدة أيضاً لغير الارهابيين أبرزها ضد بعض المغرورين كالبرزاني، أو اصحاب مشاريع التقسيم. من لم يفهم عليه ان يعي أين يضع رأسه.

Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://emediatc.com/?page=show_det&category_id=15&id=46661