حوارات ولقاءات

مخرج "غرابيب سود" الرنتيسي للإعلام تايم: من المونتاج الى الاخراج والختام مسك


الاعلام تايم _ حوار  ليلى قيس


"غرابيب سود".. مجرد أن تنطق العنوان تشعر برهبة ما عرض من مشاهد في حلقات عشرين لمسلسل حمل نفس العنوان، فضحت الاجرام الذي رافق تنظيم "داعش"منذ نشأته أو صناعته اذا صحّ التعبير، تلك الرهبة التي أنهى وجودها مصافحة المدبر والمصمم لمشاهد شدّت الملايين لتدخل في كواليس الحياة اليومية للتنظيم الارهابي.. فيما لم تخلُ تلك الرسالة  من انتقادات لاذعة وخاصة التقصير في الولوج العميق لأسرار خفية غابت أو غُيّبت.


لكل مجتهد نصيب.. مقولة تنطبق على المخرج  حسام قاسم الرنتيسي، الذي لم يتوانى عن إنقاذ العمل عندما تم اختياره بعد اثنين من المخرجين توقفا عن متابعة عملهما في إخراج مسلسل غرابيب سود" صاحب الحظوة باهتمام النقاد على مستوى العالم خلال الموسم الدرامي للـ2017.


وخلال حوار مع موقع الاعلام تايم، وعلى إحدى طاولات مطاعم دمشق، التي عشق المخرج ياسمينها، وبروح من العزيمة على تقديم الافضل، جلسنا الى جانب المخرج الذي اختار العمل في المجال ملما بتفاصيله و مستفيدا من عمله مع نخبة من ألمع المخرجين السوريين، و إيمانا منه بأن التلفاز هو ضيف في كل منزل و على هذا الضيف أن يُدلي بمقولته فالفن رسالة و بالرسالة نرتقي..


من المونتاج الى الاخراج والختام مسك..
أعمال عدة بدأها الرنتيسي بعمل "مونتير" وأهمها خالد ابن الوليد ج1 -سنعود بعد قليل - تقاطع خطر - بيت عامر، والمونتير أقرب ما يكون إلى عمل المخرج ، حيث بإمكانه أن يرفع عملاً  فهو الذي يروي حكاية مرئية من خلال التسلسل والإيجاز والإيقاع، وهو يقوم بهذا الإبداع الفني، في مرحلة المونتاج. تماما كما يفعل المخرج في مرحلة الإخراج .

 

العام 1993، لايغيب عن ذاكرته أبداً، حيث الانطلاقة الاولى للرنتيسي، الذي عاد بذاكرته سنوات ليجيب عن تساؤلنا حول بدايته الفنية، فالاستقرار على المونتاج "لأنني وجدت به حالة إبداعية فنية أسرتني، فيما كان انتقالي إلى الاخراج وليد الصدفة ففي "عام 2009 كنت مونتيرا في مسلسل "روبي" و ارتأى المخرج رامي حنا ،و المنتج " أديب خير" _رحمه الله_ بأن نفتح فريق تصوير ثان بإدارتي و ذلك لاقتراب موعد العرض على الهواء و كانت التجربة الأولى لي في الاخراج، و في تلك المرحلة بدأت آفاقي تتسع باتجاه عالم و شغف الاخراج. و فيما بعد عملت مع المخرج الليث حجو كمخرج منفذ في مسلسل ضيعة ضايعة و عدة خماسيات.


في عام 2014 كان لي شرف المشاركة في مسلسل "الاخوة" مع المخرجين سيف الدين سبيعي و سيف الشيخ نجيب الذي حظي بمشاهدة كبيرة كونه من نوع "البان اراب" و الذي يتعدد فيه الأبطال من مختلف الجنسيات العربية.
في أواخر 2016 نهاية الشهر 12 تم الاتصال بي من MBC  طالبين مني متابعة إخراج عمل، و أرسلوا  لي المشاهد المراد تصويرها و بعد قراءتها تم الاتفاق مع الشركة المنتجة على استكمال التصوير".
القرار المهم.. إنقاذ "الغرابيب".


ليس سهلا متابعة إخراج مسلسل ضخم بدأ إخراجه مخرجان مصريان، هما عادل أديب، وحسين شوكت، يقول الرنتيسي عن موافقته على إخراج المراحل النهائية لـ"غرابيب سود" التي تجاوزها رغم تنوع الأسلوب الإخراجي  في العمل، فكل مخرج كان له رؤيته و توجهه في الطريقة التقنية لصناعة المشهد و في طريقة إدارته للممثل و أدواته، و المفاجأة الأكبر عندما عدت لمونتاج المشاهد المصورة سابقا حيث اتضح التباعد في الرؤية، و هنا كانت المهمة الصعبة و التحدي الأكبر فقد حاولت مونتاجياً و إخراجياً أن أقارب وجهات النظر بما يخدم الرؤية النهائية للعمل "، ويضيف "للأسف معظم العاملين في المهنة يعلمون جيدا بأنه عندما تكون مهمة المخرج استكمال العمل فإن مساحته الابداعية سوف تُحد خاصة أن معظم المشاهد المتبقية و التي أُوكلت إليّ كانت مشاهد متفرقة و خارجية و كوني أتيت في مرحلة إنقاذ  للمسلسل بعد أن توقف مرتين عن التصوير".
تهديدات داعشية
ونفياً لما تداولته وسائل الاعلام عن إيقاف المسلسل في حلقاته العشرين والانتقادات التي لم ينكرها الرنتيسي قال:

" في الحقيقة تعرّض مسلسل غرابيب سود للكثير من الانتقادات اللاذعة حول أنه يهاجم الاسلام إلا أنني أقول إن رسالة العمل واضحة و هي محاربة الفكر المتطرف الارهابي المتمثل بـ"داعش"  و سلطنا الضوء على ممارسات داعش الوحشية و الذي يحاول تشويه صورة الاسلام الحقيقي، و فيما يخص توقيف العمل فهو لم يتوقف كل ما هنالك أن النص كُتب 26 حلقة و طُلب مني أن يكون العمل 30 حلقة إلا أن مدة الحلقات كانت تتراوح ما بين الـ 25 إلى 26 دقيقة و هي مدة قصيرة للعرض و فيما بعد رأت الجهة المنتجة بالاتفاق مع الكاتبة أن هناك إطالة بالعمل فطلبوا مني تسريع إيقاع سير الأحداث الدرامية فكانت النتيجة النهائية بأن العمل عبارة عن 20 حلقة مضبوطة الايقاع الدرامي بعيدا عن الاطالة".
الرسالة التي سعى غرابيب لإيصالها، اعتبر الرنتيسي أن العشرين حلقة غير كافية لذلك، " فداعش مستمر بوحشيته و بفكره المتطرف و فيما يخص جزء ثان ليس هناك حتى اللحظة أي شيء بهذا الخصوص، إلا أنني أرى أن الرسالة تحتاج لعمل ثان و ثالث و رابع عن وحشية "داعش" و ممارساتها الاجرامية".


الرنتيسي لم تصله رسائل تهديد مباشرة من "داعش"، كما وصلت لإدارة قنواتMBC ، والممثل محمود بوشهري و هذا موجود على وسائل التواصل الاجتماعي، و صدرت الكثير من الفتاوى من أناس متشددين دينيا و ذلك بعد عرض الحلقات الأولى من العمل و لكن رسالة العمل واضحة نحن مع الاسلام الحقيقي و ضد الفكر المتطرف".

 

التوحد بين المخرج والنص  
الايمان بالنص والتعامل معه سيؤدي الى نتيجة يتكللها النجاح و بالأخص اذا تم الاتفاق مع الكاتب على محاور العمل و تطور سير الشخصيات، هذا ما ارتأه الرنتيسي، قائلاً "أنا أؤمن أن المخرج و المؤلف هما طرف واحد لعمل إبداعي و بقدر التناغم بين الطرفين تكون النتائج أفضل كون الكاتب أثناء كتابته يرسم معالم العمل و على المخرج أن يُطور هذه الرؤية لتظهر بشكلها النهائي".

 

المزيد من التألق و التطور، للدراما السورية هذا ماتمناه الرنتيسي، في ختام حوارنا معه، معبراً عن سعادته بقرار وزير الثقافة محمد الأحمد بإنشاء المعهد العالي للعلوم السينمائية بدمشق، والتي برأيه، هي خطوة تضمن التطور الحقيقي لمتطلبات العمل السينمائي، ومتمنياً افتتاح مزيد من القنوات الوطنية التي تعرض الأعمال السورية.

 

Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://emediatc.com/?page=show_det&category_id=43&id=46537