وجهات نظر

باختصار : أجمل التاريخ كان غدا

زهير ماجد


الاعلام تايم _ الوطن العمانية

قلت له إن دمشق عاصمة العرب، فرد على الفور وأي عرب تقصد؟
ـ تلعثمت ..
في لبنان غارقون هذه الأيام بمسألة النازحين السوريين.. هنالك من لا يريد حوارا مع الحكومة السورية لحل هذه المسألة التي باتت قنبلة موقوتة فيه. وهذا المانع ذاته عن الحوار مع أشقائه في سورية يتذرع بأنه لن يتحدث مع "نظام غير شرعي" على أساس أنهم هم "الشرعيون" فقط.
مرة قال الشاعر الفلسطيني الذي كان محاولا في كتابة الشعر وهو سالم جبران "حزين أنا ياصفد وأنت حزينة" .. وأنا بدوري أقول "حزين أنا يا دمشق" على كل ما جرى لك، على ضعيف يريد في ظروفك الصعبة أن يظهر في شوفة حال وفي تكبر، وهو كان يوما رقما في بلاط…
وأكثر حزنا عليك يا عاصمة بعض العرب يا دمشق التي أنت المجد لم يغب، أعرف كما قال تشرشل إن المسيرة تمضي وثمة من ينبح. لم تبدأ المؤامرة ضدك في مارس من العام 2011، هي منذ أن كانت دمشق محطة الإطلالة على القدس، بل روح القدس فيها..
فسلام من صبا بردى أرق .. ودم لا يكفكف يا دمشق، من أولئك الذين يتجاسرون عليك ظنا أنك في لحظات ضعف وأنت رمز القوة والمناعة .. من يقاتل كل هذه القوى الهائلة بأسماء وبدون أسماء، بعناوين وبدونها، بروح تدمير الدولة والنظام، وبأمل أن يفنى الجيش العربي السوري لو تفتت .. عاشوها أضغاث أحلام لأنك السيف لم يغب، ولأن في سرك موهبة لا يعرفها أبدا إلا أصحاب الكرامات.
فسلام، يناقشون في لبنان إذن كيف يعود السوري إلى أرضه مع أن كل أرض في بلاد الشام سورية، لكن مسألتهم لا تفهم بهذه الطريقة، بل بالسياسة والمكاسب، بالمصالح والحسابات، السياسيون في لبنان يقال لهم ما يجب أن يفعلوه، التعليمة الواحدة تصبح مدرسة لجمع بات معروف الأوصاف.
كلما ناقش مسؤول سوري مسألة النازحين ضبط أعصابه ولا تخرج ابتسامة يتيمة من شفتيه، وهو العليم بخفايا قضية، لأن ما من مسؤول سوري أو مختص بالتاريخ والجغرافيا والاجتماع وحتى علم النفس إلا ويعرف على ماذا تركب لبنان وماذا هو منذ أن ولد من رحم أمه سورية؟
حزين يا دمشق وفي الوقت ذاته فرح إلى أبعد الحدود، حزني على الأيام التي يظن فيها الضعيف أنه أسد، وفرحي وسعادتي بانتصاراتك التي تكاثر فيها الأعداء الذين عاشوا على أمل ذهب ولن يعود لأنه لم يتحقق، وهو أن يروك العاصمة التي لا تليق بتاريخها ولا بأناسها ولا بجيشها، وبلا بمن قادها يوما ليصنع منها وجه العرب، ومن ثم رئيسها الحالي.
لا تعني سورية إلا سورية الحالية، منذ عظمتها في ميسلون وفي غيرها من لمعة سيفها الدمشقي، بل منذ أن خط صلاح الدين من دمشق أول إشارات النصر في حطين. سورية تعني ببساطة روح فلسطين، وحب مصر، وتوأم العراق، وعروبة تطلع كل يوم لتحاكي مصيرا عربيا تشعر دائما أنها وحدها المسؤولة عنه في هذا الشرق المهيب الجناح.
فسلام إليك وعلمك العربي لن يتغير أبدا كي لا يتغير تاريخك القادم، وأنت من يصنع الفكرة القائلة إن أجمل التاريخ كان غدا.

Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://emediatc.com/?page=show_det&category_id=15&id=46445