وجهات نظر

باختصار : حقا نحن مدرسة نضال

زهير ماجد


الإعلام تايم - الوطن العمانية

 

عندما صافح تشي جيفارا عبد الناصر في القاهرة في مطلع ستينات القرن الماضي، قال له على الفور جئنا نتعلم منك. لقد كنا مدرسة حقاً، بلغ مداها العالم قاطبة، من أفريقيا التي تزينت بالعاصمة الجميلة القاهرة، وبالشرق الأوسط الذي غرد عروبة، وبالشرق الأقصى الذي أطلقنا منه مفهوم عدم الانحياز. كنا وكان، وما أجمل ما كان، مع أننا خضنا حرباً في السويس وحوصرت مصر ثم هزمنا في العام 67، لكن قوة الدفع العربية لم تكن تسمح بالتراجع عن المبادىء، فبعد سنة من الهزيمة، وفي مؤتمر في السودان، جنت الجماهير السودانية للقاء عبد الناصر المهزوم فأحيت فيه النصر وأعطته دمها.

إنها ذكريات من تصطدم يومياته بألم اللحظة. ربما لم تواجه أمة في التاريخ الحديث والمعاصر ما واجهته الأمة العربية .. ومع هذا المتسع من الدفاع عن الذات، يطيب لي القول، إننا ما نزال مدرسة في الدفاع الذاتي عن الأوطان. فنحن نواجه حرباً عالمية، وأقولها بصدق العبارة التي لدينا الدليل على ما نقول.

بالأمس خاطبني فرنسي زار منطقتنا للاطلاع على أحداثها، لكنه قبل وصوله كان على بينة من أمر ما نمر به. لم يكن جديد عليه أن يتفهم الأحداث بمنطق المحايد، ومع ذلك كان واضحاً من كلامه أنه مدهوش من قدرة العرب على صد أشكال العدوان الذي يتعرضون له، حتى أنه أسر لي بأنه لو جرى لفرنسا ما جرى لسورية لما بقيت دولة ذات سيادة ولما بقي لها جيش، بل وشعب واحد أيضاً. وذهب بعيداً بالقول، إنه لو يجري لأميركا العظمى ماجرى لسورية لأصيبت بالصدمة التاريخية التي لن ترتاح بعدها أبداً. وقبل أن يغادر الى بلاده ، فاتحنا بالقول، أنتم تدافعون عنا أيضاً، لا تتحملون فقط مشكلتكم، بل الدفاع عن العالم اتجاه وحش هاجم يريد طحن عظامنا لو يتمكن.

بصريح العبارة فأنا أرفض الاصوات النشاز التي تهاجم العرب من الكتاب أو الإعلاميين العرب تحديداً. هذا النفس القصير في المواجهة يجب أن يختفي، لو فهم هؤلاء أننا نهاجم لأكثر من سبب وفي الطليعة إننا مدرسة للوطنية وللدفاع عن الذات، لما جرحوا بأمتهم التي تقاتل منذ زمن الأرض، ثم هي في ميسلون عنوان يدلنا على صحة يومياتنا الحالية، والتضحيات الجزائرية والفلسطينية واللبنانية ومن ثم السورية والعراقية والمصرية تدل كلها على أن ثمة في داخل كل عربي بقايا من تاريخ قاتل فيه، فبقي صليل السيوف في أذنيه، ولمعة حد السيف العربي في عينيه وخصوصاً ذاك الدمشقي المميز.

نحن مدرسة نعيشها كطلاب شهادة من أجل الوطن .. لماذا يستشهد السوري والعراقي على أرض بلاده التي لم يهدأ تاريخها ولو في سنوات هدوئه كما كنا نتوهم. ففي سنوات لم يتعكر صفوها، كان الغليان قائماً، وجمر الأحداث لم ينطفىء. يجب أن نعرف كي نتعلم كيف نفهم الأحداث الجارية وبأية صورة وما خلفها. أقسى ما نحلم به هو الأمان لأن أثمانه مدفوعة في السابق دماً وعرقاً. اقرأوا التاريخ العربي تعرفون جيداً التفاصيل التي امتدت الينا بشكلها المتسلسل.

كل جيل عربي له في ذمة تاريخه أحداث وأزمات .. وكلها دفاعات عن الذات ضد برابرة بأشكال مختلفة وفدوا الينا من كل مكان ، اليس احتلال العراق في عصر عشناه شهادة على ذلك، وفلسطين مشهد حزين نعيشه ألوانه المختلفة.

Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://emediatc.com/?page=show_det&category_id=15&id=46369