وجهات نظر

بين تمويل الإرهاب والدفع للإدارة الأميركية.. أيهما أسوأ؟!

ذوالفقار ضاهر


الإعلام تايم- المنار

 

ما تزال قائمة ومستمرة الأزمة الخليجية بعد إعلان السعودية ومعها عدة دول قطع العلاقات الدبلوماسية مع قطر واتخاذ سلسلة من الاجراءات بهدف عزلها ومن ثم ارسال مجموعة من الشروط الى الدوحة يجب الالتزام بها كي تعود الامور الى وضعها الطبيعي بين هذه الدول، وبالعودة الى سبب الازمة هو القول إن قطر تدعم جماعات ارهابية في محاولة لإلصاق كل تهم الإرهاب وتمويله ودعمه بقطر دون غيرها.

صحيح أن قطر لعبت دوراً فاعلاً في دعم جماعات مسلحة متعددة في المنطقة سواء في سورية أو ليبيا أو العراق ووجهت اليها أصابع الاتهام بأنها من المحركين الأساسيين لكل ما جرى ويجري في سورية، إلا أن السؤال البديهي الذي يطرح هل قطر كانت الوحيدة التي أدت الى إيصال الأمور في سورية واليمن والعراق وكل المنطقة الى ما وصلت اليه أم أن غيرها وفي مقدمتهم دول تقاطع الدوحة اليوم ساهمت كقطر وربما أكثر منها في دعم الجماعات الارهابية؟ وليس خافياً على أحد الارتباط العضوي والفكري والمالي بين دول كالسعودية وجماعات يصفها العالم كله بانها إرهابية كـ"القاعدة وداعش وجبهة النصرة" وغيرها من التنظيمات.

الأذرع الاميركية.. والاضطرابات حول العالم

ترامب في السعودية وبالتوازي مع دعم الارهاب الذي لا يحتاج الى كثير من التحليل والاضاءة للتدليل على تورط هذه الدول به، يمكن الاطلاع قليلاً على ما جرى في قمة الرياض من دعم سعودي الى الولايات المتحدة الاميركية التي هي بحد ذاتها المحرك الأساس والأول لكثير من الاضطرابات والأزمات التي تحصل على امتداد هذا العالم، فالأذرع الأميركية تمتد من الشرق الى الغرب ومن الشمال الى الجنوب لافتعال كل ما يمكنها لتحقيق مصالحها وضرب مصالح غيرها عندما يحاول أن يخرج عن طوعها في أي مسألة من المسائل.

وانطلاقاً من كل ذلك تطرح مجموعة كبيرة من الاسئلة عن دعم الارهاب ودعم أميركا، هل من فارق بين الأمرين؟ هل أميركا هي واحة الحريات والديمقراطية كي يتم دعمها وتسليمها كل خيرات الشعوب العربية والاسلامية بهذا الشكل وتفتح لها كل المجالات لتفعل ما تريده بدولنا وتتحكم بمصير بلدان المنطقة؟ وماذا صدّرت اميركا الى هذا العالم؟ هل صدّرت له السلام والديمقراطية وحقوق الانسان والحريات؟ هل صدّرت له العيش بعزة وكرامة واقتدار بدون آفات اجتماعية وحياتية ناهيك عن الحروب والأزمات السياسية والمشاكل الأمنية؟ هل واشنطن صدّرت للناس في هذا العالم المواد الغذائية والتعليم والقضاء على الفقر والانماء والتطور وغيرها من الأمور أم أنها ورطت العالم بالحروب والنزاعات والاضطرابات والأزمات المختلفة؟

السلاح الأميركي في غزة أليست الإدارات الأميركية المتعاقبة هي من تصدر السلاح للدول والأنظمة كي تقتل بعضها بعضاً وتضطهد الشعوب وفي مقدمتها الأنظمة التي تتباكى على محاربة قطر لأنها دعمت الإرهاب سواء في السعودية أو البحرين؟ أليست أميركا هي التي تدعم "اسرائيل" منذ عشرات السنين على حساب العرب والمسلمين وعلى حساب الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة والمحقة؟ أليست واشنطن بما لديها من شركات لصناعة الأسلحة هي التي تصدره للعدو الاسرائيلي لقتل الأبرياء في فلسطين ولبنان والأردن ومصر وسورية وغيرها من الدول العربية؟ هل قتل الشعب اليمني كل يوم يتم بسلاح غير السلاح الأميركي وبدعم واشنطن الواضح حتى وصل الأمر الى حد تهديد أبناء اليمن بالموت جوعاً أو بوباء الكوليرا؟

الولايات المتحدة.. أم الارهاب

المجازر الأميركية أليست أميركا هي التي تدعم الأنظمة المستبدة على امتداد هذا العالم؟ هل من داع للتذكير بالدعم الأميركي لأنظمة الخليج في قمع شعوبها وما يجري في البحرين أكبر دليل على ذلك؟ ومن الذي يثير القلاقل في كل مكان من هذا العالم بدءا من شبه الجزيرة الكورية وصولاً الى أميركا اللاتينية مروراً بأفريقيا والشرق الأوسط وأوروبا وروسيا؟ أليست أميركا هي التي غزت أفغانستان والعراق واعتدت على باكستان واليمن؟ أليست هي التي تدير أجهزة استخبارات سرية وعلنية وجيوش وأساطيل منتشرة في العالم بحراً وبراً وجواً؟ أليست هي التي انشأت المعتقلات السرية والعلنية بما يخالف أبسط حقوق الانسان من غوانتنامو الى أبو غريب؟ وهل من دواع للتذكير بأميركا التي ارتكبت ما ارتكبت في اليابان وفيتنام؟ هل يمكن السؤال عن حقوق بعض الأعراق داخل أميركا نفسها وسياسة التمييز العنصري التي ما زالت موجودة حتى اليوم وبات يكرسها الرئيس الحالي دونالد ترامب بشكل فج وواضح دون أي حياء أو ضوابط؟

الحديث عن أميركا يطول ويطول في مجال انتهاك حقوق الانسان والحريات في الداخل والخارج وهي بكل جدارة نالت لقب "أم الارهاب في العالم"، وبعد كل ذلك لا نفع من ايهام العالم بمحاكمة قطر على دعمها الجماعات الارهابية في سورية أو غيرها من الدول، فمن يدعم أميركا ويسلمها كل شيء كرمى لمصالحه الخاصة والضيقة وعلى حساب حقوق شعبه وأمته والقضية الفلسطينية القضية المركزية للعرب والمسلمين، لا يحق له محاسبة غيره من المرتكبين، علماً أن الأنظمة الخليج وعلى رأسها النظام السعودي غارقة بدعم الارهاب ما يعني أنها جمعت في آن واحد: دعم أميركا أم الارهاب والأدوات الصغيرة التي تحركها هنا وهناك.

Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://emediatc.com/?page=show_det&category_id=15&id=46316