وجهات نظر

تمثيلية الكيميائي السوري من جديد

صياح عزام


الاعلام تايم _ الوطن


من جديد، تطّل كذبة إمكانية استخدام الجيش السوري للسلاح الكيميائي، إذ زعمت الولايات المتحدة الأميركية على لسان متحدث باسم البيت الأبيض الأميركي، أن كلاً من وزارة الخارجية، ووزارة الدفاع، ووكالة الاستخبارات وجهاز الأمن الفيدرالي أجمعت على رصد تحضيرات في مطار الشعيرات السوري تشير إلى التحضير لاستخدام السلاح الكيميائي مرة أخرى ضد الشعب السوري حسب تعبيرها، وبالتوازي مع ذلك، أكدت السفيرة الأميركية في الأمم المتحدة نيكي هيلي هذا الأمر مُهددة بكل وقاحة وعنجهية، بأنه إذا استخدم هذا السلاح، فستدفع سورية ثمناً باهظاً لذلك، وأن هذا التهديد رسالة لروسيا وإيران!


بدورها سارعت بريطانيا "الذنب" إلى التصريح بأن (لندن) ستشارك واشنطن في توجيه ضربة لسورية إذا استخدم هذا السلاح من جديد، حسب زعمها، وتبعها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مصرحاً بأنه اتصل بالرئيس الأميركي دونالد ترامب ونسق معه بشأن المشاركة في هذه الضربة فيما لو حصلت.


إذاً، الملاحظ أن مسرحية جديدة تعد فصولها للتنفيذ من أميركا وحلفائها بالتنسيق مع أدواتها على الأرض من مجموعات إرهابية تحت ذريعة لا أساس لها من الصحة، سبق أن استخدمت في خان شيخون في شهر نيسان الماضي.


لقد أصبح السلاح الكيميائي حجة تستخدمها واشنطن لتنفيذ أعمال عدوانية مبيتة ضد الدولة السورية والشعب السوري، وكما هو معروف، قامت الولايات المتحدة بقصف قاعدة الشعيرات السورية بصواريخ الـ"توماهوك" من سفنها الحربية؛ ما أدى آنذاك إلى أضرار مادية في القاعدة المذكورة، واستشهاد عدد من العسكريين والمدنيين، وعندما طالبت روسيا بالتحقيق في عملية استخدام هذا السلاح في خان شيخون، حسب الادعاءات الأميركية، لم تستجب واشنطن لهذا الطلب، وعطلت مسألة تشكيل لجنة محايدة للتحقيق ومعرفة الفاعل الحقيقي، وذلك لأنها تدرك تماماً بأن نتائج أي تحقيق موضوعي ونزيه لن تكون في صالحها، وأنه سيتضح أن من استخدم هذا السلاح مجموعات إرهابية مرتبطة بها وبعملائها في المنطقة، من أجل إلصاق مثل هذه التهمة بالجيش العربي السوري والتحريض على سورية، علماً بأن الجيش السوري لم ولن يحتاج لاستخدام مثل هذا السلاح لأن قدراته العسكرية الأخرى تمكنه من إلحاق الهزائم بالإرهابيين، ومن جهة أخرى فإن سورية لا تمتلك مثل هذه الأسلحة الكيميائية.


إذاً، هناك مجموعات إرهابية ضالعة في المؤامرة على إسقاط الدولة السورية وقيادتها الشرعية هي التي تستخدم هذا السلاح، لدفع أميركا وحلفائها إلى تنفيذ اعتداءات على الجيش السوري لإضعافه، وهكذا يتبين أن هناك نيات مبيتة من الولايات المتحدة وحلفائها لشن اعتداءات عسكرية مباشرة على سورية لعدة أسباب منها: التقدم الذي يحققه الجيش السوري على مختلف جبهات القتال وبسرعة قياسية وخاصة في البادية السورية باتجاه الحدود السورية العراقية ودير الزور، وبالتالي يتطلب هذا التقدم ممارسة الضغط على الجيش السوري لعرقلة تقدمه عبر هذه الذرائع الكاذبة.


السبب الآخر، أن واشنطن أخذت تشعر بقرب القضاء على داعش سواء كان ذلك في العراق أم في سورية؛ الأمر الذي يضر بمصالحها لكونها تستثمر فيه، كما أن التنسيق العسكري السوري العراقي على الحدود المشتركة بين البلدين وما أثمر عنه من نتائج إيجابية، أصبح يشكل مصدر قلق للإدارة الأميركية، لأنه يتعارض مع نياتها العدوانية تجاه البلدين والمنطقة بشكل عام.


إلى جانب ذلك، فإن مثل هذا التهديد الأميركي لسورية، يصب في خانة محاولات رفع الروح المعنوية للمجموعات الإرهابية المسلحة التي لحقت بها هزائم متعددة في غوطة دمشق، وفي درعا، وأرياف حمص وحماة والقنيطرة وغيرها، وفشلت في كل المعارك التي خاضتها ضد الجيش العربي السوري.


في السياق نفسه فإن مثل هذا التهديد يطمئن داعمي المجموعات الإرهابية ورعاتها ويشجعهم على المزيد من الدعم لهذه المجموعات.


يبقى أن نشير إلى أن سورية ليست وحيدة في مواجهة العدوان، ولها أصدقاؤها وحلفاؤها المعروفون، الذين سيقفون إلى جانبها، فبعد القصف الأميركي لمطار الشعيرات، صدر بيان روسي شديد اللهجة يُحذّر من عواقب مثل هذه الاستفزازات العدوانية، كذلك صدر عن روسيا تحذير في أعقاب إسقاط واشنطن للطائرة السورية بأن أي طيران شرق الفرات سيكون هدفاً معادياً، وسيتم التعامل معه من القوات الروسية حسب قواعد الاشتباك المتعارف عليها، والآن، اعتبرت روسيا هذا التهديد الأميركي الجديد بأنه أمر غير مقبول، وهذا الكلام يعني ما يعنيه.
باختصار، إنها تمثيلية أميركية جديدة لتبرير شن عدوان جديد على سورية، ولن تكون الأخيرة، لأن الهدف منها كلها، إنقاذ المشاريع الأميركية المتعثرة في المنطقة.

Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://emediatc.com/?page=show_det&category_id=15&id=46279