تحقيقات وتقارير

مصالحات متوقعة .. وإعلام معاد يسعى ضدها


الاعلام تايم _ وسام جديد

تسعى الدولة السورية عبر أجهزتها الرسمية نحو المصالحة باعتبارها الراعي لجميع أبناء الشعب السوري مهما تغيرت الظروف وساءت الأوضاع، حيث يلاحظ المتابع مقدار الاهتمام الرسمي لتفعيل المصالحة في جميع المناطق التي تشهد حالات أمنية غير مستقرة، حتى لو كانت السيطرة الميدانية لصالح الجيش العربي السوري، بمعنى أخر حتى إن كانت الدولة قادرة على إنهاء الملف الأمني بالقوة العسكرية، إلا أنها تضع سلامة المدنيين على أولى سلم أولوياتها وتدفع بالمصالحة إلى الواجهة حتى لو شكل ذلك ضغطا ميدانيا عليها.


وشهدت سورية، خاصة في الأشهر القليلة الماضية من عمر الأحداث، الكثير من المصالحات والتي على أثرها تمت تسوية أوضاع الآلاف من المسلحين، ممن كانوا تحت راية فصائل وتنظيمات تحارب الجيش العربي السوري ومن ثم انتقل بعضهم للقتال تحت راية الوطن كـ(درع القلمون – فوج الجولان – جيش الوفاء – مقاتلو العشائر – مقاتلون آخرون)، في خطوة لم تلق إعجاب متزعمي التنظيمات (المدعومة من الخارج) باعتبارها باب لانهيارهم.


البيئة الحاضنة للمسلحين، والتي بدأت بالتململ منذ فترة ليست بالقصيرة، معظمها بدأ بخلع عباءة الحماية عن تلك المليشيات، بل وتطورت ردود الأفعال، في كثير من الأحيان، إلى رفض تواجد المسلحين في مناطقهم، لكن لغة السلاح هي المسيطرة وهي الأقوى، في تكتلات غير منضبطة!، أفعالها تعادي أي متحدث رافض لها وتصفه بـ"المرتد" .. تجمعات أفرادها غير سويين ومعظمهم وجدها فرصة لنيل ما كان لا يحلم به أبدا في حالة السلم.


الحديث حاليا يدور على مصالحات متوقعة في مناطق منها درعا، تلبيسة، حرستا، عربين، مخيم اليرموك والكثير من مناطق جنوب دمشق، كل ذلك بقرار الدولة السورية ورغبتها، لكن في الجهة المقابلة (كالمعتاد) نرى حملات دعائية على وسائل إعلامية وتنسيقيات معادية رافضة لهذه المصالحة ودافعة لتجمعات المسلحين لارتكاب ما يمنع وصول هذه المصالحات حتى لو كان الثمن إذكاء المعارك على حساب سلامة المدنيين.


حالة رأيناها كثيرا وكانت نتيجتها النهائية هي المصالحة، فقد تماشت الكثير من التنظيمات مع محركها الرئيسي، حيث رفضت مشروع المصالحة بادئ الأمر وعلى أثرها أُدخلت بلدات وأحياء  في معارك تحت شعارات غير وطنية بعضها يمجد "الجهاد" وبعضها الآخر يتحدث عن "عدم الخنوع".. شعارات تحرك العواطف والمشاعر ليبتعد العقل عن التفكير والإدراك، فكانت معارك عنيفة دفعت بالأهالي للابتعاد عن مناطق الاشتباكات، لكن لم يكن مستغربا على الإطلاق أن يتحول إصرار تلك المليشيات بعد عدة جولات ميدانية إلى مفاوضات ومن ثم إلى الموافقة على مصالحة (رفضوها مرارا وتكرارا) ليصبح بذلك أهالي المنطقة الخاسر الأكبر لكل ما حصل.


هذا ما حصل سابقا في القابون وقدسيا وخان الشيح ومناطق أخرى، لكنها جميعها انتهت بمصالحة، كانت كما تريدها الدولة أو أكثر، مصالحة كان يمكن أن تحصل دون الدفع بحملة عسكرية لإقرارها، كما حصل في برزة "مؤخرا"، والتي كان لأهالي الحي دورا أساسيا بمنع حصول أية معركة تتسبب بوضعهم في حالة لا تسر أحدا.


تجربة القابون، وكما قال عنها أحد مسلحي برزة (قبل توجهه إلى ادلب ومن ثم إلى تركيا) كانت أكبر مثال عن خداع قادة التنظيمات وتجارتهم بدماء "مقاتليهم" وعدم اهتمامهم بأحد سوى بأوامر داعميهم، حيث أنهم يرفضون المصالحة ويمنعون أحد من تسوية وضعه، بل وإقامة الحد عليه وقتله، كما حصل مع عدد من المسلحين الذين توجهوا إلى عربين عبر نفق ليجدوا أنفسهم أمام رصاص زملائهم.


وعلى رغم من الماكينة الإعلامية التي تتحرك ضدها وتحرض عليها، فإن مصالحات تتحرك في الأفق، حيث من المؤكد حصولها، إن كانت بموافقة التنظيمات المسلحة أو عبر عملية عسكرية للجيش العربي السوري، كل ذلك يضع المسلحين أمام اختبار جدي بين الرضوخ لمطالب الخارج واتباع أوامره برفض الحلول الوطنية أو بين إدراك مصلحة الأهالي في منع حصول أي صدام عسكري وإبعادهم عن ويلات المعارك.
 

Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://emediatc.com/?page=show_det&category_id=44&id=46154