وجهات نظر

"رجل الوطن" حافظ الأسد.. 17 عاماً من الخلود الروحي

خيرية أحمد


الإعلام تايم - خيرية أحمد


ها هي الصورة التاريخية التي رسخت في ذاكرتي عندما كنت في الحادية عشر من عمري تراودني الآن، عندما نعى المذيع مروان شيخو "رجل الوطن" بحنجرة متقهقرة بالحزن وغصة مليئة بالدمع، فكانت هذه الصورة صورة الخلود المقدس بكل ما تحمل من روحانية وقيم سامية، صورة الأب المعلم القدوة الذي ترعرعنا في كنف المنظمات والمؤسسات التعليمية التربوية التي بناها بإنجازاته الحضارية الفكرية المناضلة الصامدة.


العاشر من حزيران عام 2000م ذكرى رحيل القائد الخالد حافظ الأسد، الذي ملأ اسمه صفحات التاريخ العربي مجداً وعزة وكرامة، وأثبت ديمومة وجوده وخلوده بما كرسه وجسده من رؤى وواقع وآفاق.


الرجل المناضل الصلب، رجل الدولة البارز، السياسي المحنك، والعسكري الخبير، والاستراتيجي البارع حول سورية إلى دولة عصرية قوية تشكل رقماً صعباً في معادلات المنطقة والعالم، ففي 16 تشرين الثاني 1970 قاد الحركة التصحيحية المجيدة، التي كانت بداية عهد جديد في تاريخ سورية، وأدخل إصلاحات سياسية تمثلت في إعادة تفعيل مجلس الشعب وتشكيل الجبهة الوطنية التقدمية 1972 وإصدار دستور جديد للبلاد 1973، وفي تشرين الأول 1973 قام حافظ الأسد بحرب تشرين التحريرية، والتي تعد نصراً كبيراً، وبعد الحرب استعادت سورية جزءاً من الأراضي في الجولان تضمن مدينة القنيطرة، وفي عام 1976 أرسل القائد الخالد الجيش العربي السوري إلى لبنان لإنهاء الحرب الأهلية، وتصدت الجيش في لبنان للغزو الإسرائيلي عام 1982 ولعبت الدور الأكبر في إنهاء الحرب الأهلية في تشرين الأول 1990، واستمر القائد الخالد في دعم المقاومة ضد الاحتلال الإسرائيلي في جنوب لبنان، إلى أن نجحت في إجبار الاحتلال على الانسحاب من لبنان في أيار 2000. كما تم في ظل قيادته التركيز على المفاهيم التربوية بكل ما فيها من بناء الإنسان والمجتمع ورفع الحس والروح الوطنية وتقديس الشهادة والسلام، وتعزيز الجبهة الداخلية وتفعيل دور المرأة والتعليم المجاني، وتحقيق بنية اقتصادية قوية ترتكز على قاعدة متعددة الأنماط، فلم يترك الرئيس الخالد جانباً واحداً من جوانب الحياة العامة إلا أولاه فضل عناية واهتمام بالقدر الذي يتفق وأهميته في تقدم سورية وتطور مجتمعها وضمان حياة مستقرة لمواطنيها.


وبالنظر إلى ما آلت إليه سورية، يستحضرني قول القائد الخالد "قوتان لا تقهران قوة الله وقوة الشعب" فعندما نتحدث عن صمود سورية في وجه الإرهاب، ندرك تماما الفكر المستنير لـ "قائد المسيرة" الذي كان يدرك ليس فقط تاريخ الأفراد انما تاريخ الشعوب، فحياته النضالية البطولية كانت منهل للجيش العربي السوري كجيش عقائدي يؤمن ويدافع عن شعبه فقد خاض ويخوض اشرس المعارك، وهذا كله جعل من الصمود حتمية تاريخية يفرضها الإرث السوري العريق وهو إرث تتفاعل فيه قيم البطولة والمقاومة والصمود.‏


سبع عشرة سنة مضت على رحيل القائد العظيم.. غاب جسداً لكنه بقي روحاً وقيماً وأخلاقاً وصموداً ونصراً وكرامة غرسها في صميم وجداننا ووطننا عبر إنجازات كبيرة في كافة المجالات عنوانها البناء والشموخ، والتضحية والفداء، والشهادة والانتصار. وها هو السيد الرئيس بشار الأسد يحمل الراية ويحفظ الرسالة، ويرسّخ بين أجيالنا الجديدة ثقافة المقاومة.

Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://emediatc.com/?page=show_det&category_id=15&id=45951