وجهات نظر

باختصار: رغم الوجع المقيم

زهير ماجد


الإعلام تايم - الوطن العمانية

 

دعوات الانهزام التي تخرج من بعض العرب مصدرها الجهاز العصبي لهذا المثقف او ذاك، ولهذا الكاتب او ذاك او المفكر والباحث والدارس والعالم. كل من يدرس الحالة العربية اليوم بشكلها الدقيق لا بد ان يعجب ويتعجب من هذا الصمود البطولي لبعض العرب بل لأساسه اذا اردنا الترتيب.

صحيح اننا مأزومون، والمناخ السائد يوحي بالضبابية وبالا أمل، الا أنه علينا الاعتراف بكل واقعية التعبير، إننا أمة تدفع حالياً أثمان ماض وحاضر ومستقبل، وقطر عربي كسورية لوحده يصد قوى إرهابية من أكثر من ثمانين دولة، بعضها جاء بكيفيات ذاتية، والبعض باحتضان دول وتنظيمها وتدريبها.

يعجز اللسان والقلم معاً حين التفكير بهذا كله، وإذا كان التاريخ لم يكتب بعد في تحليله النهائي، وأن نصوصه قائمة على اجتهادات آنية، فإن سورية العربية تقدم لنا إشراقة تاريخ لا مثيل له، سيظل عنواناً بارزاً في الصراع الطويل الذي قرر الارهاب الذي يجلس في أحضان الغرب أو بعضه، أن يجعل من معركته اليوم قضية بقاء أو إبادة.

لكن من يعتمد على البيان الأخير للإرهابيين الذي يقرون فيه أن بلاد الشام والعراق لم تعد مكان جهاد لهم وأنهم ينسحبون منها الى أفريقيا واختيار مدينة سرت في ليبيا موقعاً أساسياً لهم، لا بد أن تأخذه النشوة بما تحقق في سورية والعراق، وبالإنجازات التي تحققت على أيدي القوات المسلحة في البلدين، وبذلك الإقدام على القتال، وبالمعنويات العالية لها، وبالإحساس العميق بالمسؤولية الوطنية والقومية، رغم تعداد الشهداء والخراب الهائل والذعر الآكل لإعصاب الناس.

اعترف أن الواقع العربي مقلق للغاية ومخيف في كل جوانبه، ومن الصعب الرهان على مستقبله، لكن المعركة المفروضة لم تؤد إلى الانهزام أمامها بل قوبلت بتحد كبير من قبل القوات المسلحة في القطرين العربيين، وكان قراراً مركزياً، أما الوطن بكل أبعاده وبصورته المشرقة المعروفة، أو الشهادة.

لقد فرضت علينا معارك لا تنجو منها أكبر الجيوش مهارة وقوة في هذا العالم، حتى جيش كـ الأميركي لا يمكنه أن يستمر طويلاً ولسنوات أسير حرب كلها صعوبات وتعقيدات. واسمحوا لي هنا بعبارات صدق لا يمكن تجاوزها، الجيش العربي السوري بعقيدته التي هي خلاصة انتماء قومي يشعر دائماً انه لا يحارب فقط عن سورية بل هو متجاوز لتلك القطرية ليصل الى الدفاع عن أمة بأسرها، أما الجيش العراقي فلا يزال ظل صدام حسين واقفاً في عقله سواء عرف أو لم يعرف. لا يمكن الاستهانة بما يسكن فينا ولم يزل له أصداء ترن في عقولنا.

لا أقول أننا نشرف على نهايات الصراع، ونحن ما زلنا في أوجه، مما يعني أننا قطعنا أصعبه وما زال أمامنا ما هو مشابه وقائم . لا شيء يبشر بأن الايام القادمة مختلفة عما عليه اليوم، بل ربما ستكون الأصعب، في كل المعارك الأخيرة منها تكمن أصعبها وأكثرها شراسة ويظهر فيها مفاجآت لها دلالات وأبعاد مثلما هي حال قصف الطائرات الأميركية للجيش العربي السوري في منطقة التنف، أو تلك الحشود المرئية بالعين المجردة في جنوب سورية ..

أحزاننا عميقة لكن أملنا أكبر، ولكي تكون حزيناً لابد أن تكون عربياً ، لكن انجازات قواتنا المسلحة يرفع من هاماتنا ويجلي حزننا. فلننتظر ونصبر، لا تملك الأمم الحية من أجل خلاصها سوى الانتظار والصبر، والقتال.

Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://emediatc.com/?page=show_det&category_id=15&id=45924