نافذة على الصحافة

ترامب أعلن أنّه سيقضي على عوائل "داعش"، فهل وفت الضربة الجوية في سورية بالغرض؟


الاعلام تايم_ترجمة رشا غانم


أفادت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية أنّ ترامب عندما كان لايزال مرّشحاً، كان لديه اقتراح لكسب المعركة ضد تنظيم "داعش"،  ألا وهو القضاء على عوائلهم.


ترامب، وخلال ظهوره على قناة "فوكس نيوز" الأميركية في كانون الأول 2015 أعلن أنّ " الأمر الآخر المتعلق بمواجهة الإرهابيين يتمثل بقتل عائلاتهم والتخلص منهم "، يتابع" هم يقولون أنّ حياتهم  لا تعنيهم، إذا فما علينا سوى القضاء على عوائلهم".


أثار التعليق آنذاك انتقادات من مرشحين آخرين، حيث صرّحوا إن مثل هذا التكتيك يمثل جريمة حرب.


وبعد مرور عام ونصف العام، أصبح ترامب رئيساً، حيث أعلنت مجموعة مراقبة أنّ الغارات الجوية التي نفذها التحالف بقيادة الولايات المتحدة على بلدة في سورية قد قتلت عدداً كبيراً من أقارب مقاتلي تنظيم "داعش".
من جهته، مايسمى المرصد السوري لحقوق الانسان قال إنّ "جولتين من الغارات الجوية شنتها قوات التحالف على مدينة الميادين في محافظة دير الزور الخميس والجمعة، ووفقاً لمصادره، أنّ إحدى الضربات أصابت مبنى يضم أسر مقاتلي التّنظيم.


أوضح المرصد أنّ ما لا يقل عن 106شخص  قتلوا في الغارات، بينهم 42 طفلا من مقاتلي التّنظيم ، وكانت بمثابة  "أكبر مذبحة ضد أسر التنظيم في سورية".


من جهته، أعلن المتحدث باسم البنتاغون، الكابتن جيف ديفيس، يوم الجمعة  أن قوات التحالف قامت بواجهات جوية في محافظة دير الزور في 25 و 26 أيار. ولا تزال نتائج هذه الغارات الجوية قيد التقييم، لكن ادعاءات بالضحايا المدنيين  تؤخذ "بجدية".


تضيف الصّحيفة "إن معرفة ما حدث بالضبط في الميادين يومي الخميس والجمعة أمر صعب، والأهم من ذلك أنه ليس من الواضح ما إذا كانت التقارير -والتي تفيد بأن عائلات التنظيم  قد قتلت –هي دقيقة أم أن المبنى الذي يزعم أنهم  يسكنوه هو الهدف المقصود من الضّربة.


في نفس السّياق، أكدّ العديد من الخبراء القانونيين أنه إذا كانت أسر مقاتلي التّنظيم قد استهدفت بالفعل عمداً كما قال ترامب أنّه سيفعل، فإنّ ذلك من شأنه أن ينتهك اتفاقيات جنيف.


من جهته ، أعلن ديفيد بوسكو، وهو أستاذ مشارك في جامعة أنديانا ومؤلف كتاب عن القانون الدولي، "إنّ افراد أسر المقاتلين سيعتبرون مدنيين"، وأضاف أنّ "استهدافهم عمداً سيكون غير قانوني".


تابع بوسكو" ومع ذلك، حتى لو كانت الضربة على بلدة الميادين قد استهدفت المدنيين عمدا، هناك فرصة قليلة لإجراء محاكمة دولية"،  مضيفاُ "ليس هناك محفل دولي سيكون له اختصاص لمحاكمة هذه الامور"، "المحكمة الجنائية الدولية ليس لها اختصاص في سورية ولا الولايات المتحدة، مما يجعل أي محاكمة محتملة "افتراضية بعيدة"، وفقاً لبوسكو.


ستيفن ر. راتنر، وهو أستاذ في كلية الحقوق بجامعة ميشيغان،  اتفق على أن مثل هذا الهجوم سيكون "خرقا خطيرا" لاتفاقيات جنيف الرابعة، التي تحمي المدنيين خلال أوقات الحرب، حتى لو كانت الوفيات بين المدنيين من قبل الصدفة ، مضيفاً أنّ "الهجوم الذى لا يستهدف المدنيين عمدا،  ولكنه ينفذ مع العلم  بأنه سيسبب ضررا للمدنيين مقارنة بالفائدة  العسكرية المكتسبة،  فهو أيضا جريمة حرب"، وقد ورد وصف ذلك في البروتوكول الأول لاتفاقيات جنيف".


أشار راتنر إلى أنّه من الممكن أن تكون هناك محكمة عسكرية بموجب القانون الموحد للعدالة العسكرية الذى يسمح بمحاكمات جرائم الحرب ولكن يجب ان يكون  هناك دليل واضح على هجوم متعمد على المدنيين.


نوّهت  سارة كنوكي، مديرة كلية حقوق الإنسان في كلية الحقوق بجامعة كولومبيا، إلى أنه بموجب الولاية القضائية العالمية، يمكن للدول الأجنبية أن تسمح للمحاكم الوطنية بمحاكمة الأمريكيين كمجرمي حرب.


لا يزال الضحايا المدنيين من القتال الذي تقوده الولايات المتحدة ضد تنظيم داعش  في سورية والعراق موضوعا حساسا، حيث اعترف البنتاغون يوم الخميس بأن الضربة الامريكية على مبنى في مدينة الموصل العراقية أسفرت عن مصرع اكثر من مئة مدنى، بيد أنها عزت عدد القتلى إلى  الانفجارات الثانوية من الاسلحة المخزنة في المنطقة على يد مسلحي التنظيم، وإجمالا، اعترف الائتلاف بقتل 352 مدنيا منذ عام 2014.

في نفس السياق، أشارت إيروارز -مجموعة مراقبة- مؤخرا إلى أن حماية المدنيين في سورية  والعراق وعلى ما يبدو أنها "تقلصت" منذ أن توّلى  ترامب منصبه.


من جهته، قال كريس وودز مدير شركة إيروارز" إنّ الوصول المحدود إلى المناطق التي تتم فيها الضربات يجعل من الصعب تقييم الخسائر في صفوف المدنيين بشكل كامل."


كنوكي، أضافت في رسالة بالبريد الالكتروني "في حين اتخذت الولايات المتحدة بعض الخطوات لزيادة الشفافية حول مسؤوليتها عن الخسائر في صفوف المدنيين في الخارج، لا تزال هناك الكثير من  الثغرات ".


أفادت الصّحيفة أنّه وبعد أيام من تعليقات ترامب في كانون الاول في  "فوكس نيوز"، سرعان ما عاد ترامب وأكدّ تهديده باستهداف أسر الإرهابيين في نقاش جمهوري حين استضافته شبكة سي إن إن في لاس فيغاس، حيث قال ترامب في مناسبة كانون الأول عندما سئل عن تعليقاته السابقة: "قد لا يهتمون كثيرا بحياتهم، ولكنهم بالتأكيد  يهتمون بحياة أسرهم".


وبعد أشهر فقط، وخلال مقابلة مع شبكة سي إن إن التي بثت في آذار 2016، قال ترامب إنه لن يقتل أسر الإرهابيين ولكنه سيتعقبهم فقط ، لكن في المقابلة نفسها، أعلن  الرئيس الحالي أنه لا يفكر كثيرا بالقواعد الدولية التي تسعى إلى منع الحكومات من استهداف المدنيين.


تابع ترامب "إن الجميع يؤمنون باتفاقيات جنيف حتى يبدأوا بالخسارة، ومن ثم لا بأس أن نخرج القنبلة".

Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://emediatc.com/?page=show_det&category_id=11&id=45735