تحقيقات وتقارير

وداعاً لليأس..


الاعلام تايم _ خيرية أحمد

 

"كلما أغلق باب فتح باب آخر، ولكننا نكون غالباً مشغولين بالباب الذي أغلق"، مقولة للدكتورة الجامعية هيلين كيلر العمياء الصماء البكماء التي أذهلت العالم بإنجازاتها، وحققت المستحيل بنطقها وتعلمها خمس لغات، ففي هذه العبارة تجسد الدكتورة مفهوم ونظرة أغلب الناس للحياة بعين التشاؤم رغم وجود دلائل وبشائر التفاؤل، فهم ينظرون إلى نصف الكأس الفارغ لا المملوء، ويرون الصعوبة في كل فرصة، بعكس المتفائلين الذين يرون الفرصة في كل صعوبة.

 

فالتفاؤل من الصفات الأساسية للشخصية الناجحة الذي يزرع الأمل ويجعل الفرد يواجه التحديات والمصاعب ويبذل الجهد الأكبر في المهمات بكل نشاط وقوة وعزيمة وإصرار، ويقدر ذاته حق قدرها، بالتالي يتقبل الواقع بتفكير إيجابي لا باستسلام فتكون المحنة أقل سلبية. وهذا ما أكدته دراسات علمية نفسية عدة مشيرة إلى وجود علاقة بين التفكير الإيجابي في الحياة والحالة الصحية الجيدة، وأن التفاؤل هو المفتاح السحري للصحة وطول العمر، حيث أن الأشخاص المتفائلين أقل عرضة لليأس والاكتئاب، كما أن دراسة بعنوان" التفاؤل وتأثيره على الصحة الجسدية والعقلية"، أكدت أن التفاؤل يؤثر وبقوة على الصحة الجسدية والعقلية، لافتاً إلى القدرة التي يعطيها للتأقلم مع تحديات العمل والمتطلبات الاجتماعية اليومية. كما تؤكد نتائج دراسة سيجرستروم وزملائها 1998 والتي أجريت على الطلاب الجامعيين أن التفاؤل قد ارتبط إيجابياً بارتفاع عدد خلايا تي المساعدة والخلايا الطبيعية القاتلة أي زيادة قوة جهاز المناعة في الجسم للطلاب المتفائلين عن الطلاب المتشائمين زيادة كبيرة جداً.

 

وتأكيداً على مقولة "التفاؤل يمنحك القوة في أحرج الأوقات" تشير الباحثة الاجتماعية الاستاذة هبة هندي إلى ضرورة أن يتحلى الإنسان بالتفاؤل كونه الفكرة التي تستجمع الطاقة الداخلية (الإيجابية) الكفيلة باستحضار القوة اللازمة لاستمرار الفرد بالحياة لا سيما في ظل الظروف الحالية التي يعيشها المجتمع السوري التي قد تثير مشاعر سلبية في بعض الأحيان وتصل لدى فئة من المجتمع إلى حد اليأس وهو أمر غير محبذ، لكون اليأس يخلق حالة من الاستسلام والضعف والانطواء تنجم عنها هوية اجتماعية وذاتية هشة ومضطربة.

 

 وتوضح هندي على أن قوة الشعب تكمن في امتلاكه القدرة على التكيف مع البيئة المحيطة وابتكار أساليب جديدة إيجابية تكفل استمرارية الحياة رغم قساوة الظروف، مشيدة بقدوم شهر رمضان المبارك الذي يحمل المعاني السامية التي نستشف منها علامات الرضا والتفاؤل، لكي نستمر كأفراد نكون بوحدتنا وباتحاد القوة الداخلية والخارجية لمجموعنا مجتمع سليم متماسك قادر على النهوض والتطور.

 

كما يستشهد خطيب مسجد علي بن أبي طالب بدمشق الشيخ خالد القصير بقول الرسول محمد صلى الله عليه وسلم: "تفاءلوا بالخير تجدوه"، مذكراً ومشدداً برحمة الله والثقة بفرجه بعيداً عن اليأس الذي يؤثر على قِلّة إنتاج الإنسان اليائِس فيميل إلى الخُمول والكسَل والإحبّاط مما يدفعُه إلى عدم العمل، لافتاً إلى أن الفرد هو أساس المجتمع، وإنْ صلُح أفرادُه صلُح المُجتمع بالكامل، فالمُجتمع لا يقوم وأفرادُه غارِقون في يأسِهم، بل يُريد منهم قوة يستنِد عليها، وتدفعُه إلى الأمام، فالحياة تستدعي من الإنسان الصّبر وقوة الإراة في أحيانٍ كثيرة، ومن الأمور التي تجعل الإنسان أكثر تفاؤلاً بالحياة أن يعيش سلاماً داخليّاً مع نفسه، فمن تصالح مع نفسه قبل أن يتصالح مع النّاس سرت روح التّفاؤل في جسده وقلبه، فتراه إذا خرج من بيته وواجهته مصيبةٌ أو مشكلة قال بلسان المتفائل لعلّه خير، وهو بذلك يعبّر عن التّصالح والسّلام الدّاخلي الذي يعيشه في قلبه، كما يعبّر عن الإيمان بالله تعالى.

 

وانطلاقاً من الحكمة "كما تفكرون تكونون" ابدأوا صباحكم كل يوم بروح مفعمة بالحيوية والنشاط، وحاولوا التخلُص من كل الأفكار التي تستدّعي اليأس، وابعدوا عنكم الأصدقاء ذوي النّظرة البائِسة اليائِسَة للحياة، وعززوا ثقتِكم بنفسِكم وسجلوا إنجازاتكم ونجاحاتكم في سجل حساباتكم وارجعوا إليها كل حين، رتّبوا حياتِكم وفق خُطّة مُنّظمة مبنيّة على أهداف، وحاولوا السيْر عليها حتى لا تكون فُرصة لحدُوث مُشكلات، وابتعِدوا قدْر المُستطَاع عن الروتين القاتل، قوموا بممارسة التمارين الرّياضية، وحافِظوا على مَظهرَكم الخارجي مُرتبَاً ونظيفاً، لأنّه ينعكِس إيجاباً على نفسيتكم، استفيدوا من تجاربكم، لا تتذمروا من الظروف المحيطة بكم، بل حاولوا أن تستثمروها لصالحكم.

 

Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://emediatc.com/?page=show_det&category_id=44&id=45688