وجهات نظر

باختصار: الحدود الممنوعة

زهير ماجد


الاعلام تايم _ الوطن العمانية


المنطقة العربية محكومة من فوق، من أعالي السماء، ومن تحت، من الأرض. لاتمر صغيرة وكبيرة إلا ويتم التقاطها، بل إن المدى العربي مشاهد على مدار الساعة، ويعرف المسؤولون العرب مدى خضوع تحركات جيوشهم أو أي شيء لافت لتلك الأقمار التي تتجسس ولا تترك نفسا إلا وتحصيه وتعده وتراه وتلاحقه.


فلن يكون إطلاقا القول إن من باب الخطأ حصل كذا وكذا مجالا للتصديق. لقد باتت الأرض أصغر أمام التكنولوجيا المستنفرة، فكيف لمنطقة فيها تبدو كأنها قرية صغيرة يحرك فيها لاعبون، يصوبون نحو أهداف في الحياة، وهي أيضا مرئية. لانقول ذلك من باب التخويف، بل من خلال المعرفة والتذكير.


الصورة قاتمة، ببساطة تضرب القوات السورية المتحركة على خط بغداد دمشق من قبل التحالف الدولي وهو الاسم الحركي للولايات المتحدة. وسواء قالوا خطأ أم لم يقولوا، فقد وقع المحظور، وعلينا أن نفهم. هي برقية لها معنى بأجساد رجال الجيش العربي السوري، ليس فيها أي شيفرة معقدة، بل إنها مفضوحة تماما تقول هذه الحدود السورية العراقية ممنوع تقارب الجيوش في مابينها.


فهمت الرسالة البرقية، لايحتاج الأمر إلى طول شرح، ومنذ هذه اللحظة على الأفرقاء أن يتصرفوا، وخصوصا السوريين، ومن ثم العراقيين.. لاشك أن هنالك دائما في هذا المشهد المؤثر تطورات يجب أن تفهم بعناية كي لايتورط أحد في ماهو مرسوم له وما هو مرسوم عليه. السعي الدولي أن يجعل من الجيش العربي السوري تحت إمرته، مثله مثل بقية التنظيمات الموجودة على الأرض، ويجب دائما التنبه إلى أن اللعبة لها زعيم مباشر هو أساسها ومرجعها، ولا تقوم قائمة إلا من خلاله. تلك القصة فهمناها يوم بشرت وزيرة الخارجية السابقة كوندوليزا رايس بمصطلح الفوضى الخلاقة، تصوروا فوضى وخلاقة .. لكن الجمع العربي بكل مكوناته، فوق وتحت، رآها كل من زاويته الخاصة، وبأنها كلام متداول مثل أي كلام يقال في مناسبات قد يأخذ وقتا طويلا من أجل تنفيذه. لم يتصور عربي أن يبدأ تنفيذ المصطلح بعد فترة وجيزة، وأن تتساقط أعمدة عربية، وأن تتغير واجهات عربية، وأن تغتال تلك الفوضى الأمن والاستقرار في عدد من عالمنا العربي، وأن تبرز بشكل فجائي، مجموعات من الإرهاب على شكل تنظيمات منظمة بأسلحتها وعدد أفرادها وسرعة نموها، بل سرعة انقضاضها باقتناص أهدافها وتحقيقها بالتقسيط.


هل هنالك مازال في عالمنا العربي من لم يفهم حقيقة تفاصيل مايجري وبأنه صناعة مركبة هي وليدة اختمار وتحضير وتسخير، بل هي ابنة زمن من التجارب والبحث عن الأشكال التي تحولت اليوم إلى شكل تنفيذي، من الآن ولاحقا لن يكون هنالك أمل بتغيير صورته؟ أقول بصدق العبارة، إن من يراهن على أي حل للأزمات العربية الماثلة، لايملك حس قراءة مايجري أو خلفياته، والمراد منه وهو الأصل ببقاء إسرائيل مزيدا من السنين والوقت والأمل بأن تعيش أطول فترة ممكنة، بل يراهن العقل الصهيوني على أن يظل كيانه مدى الدهر مثله مثل بقية الدول الموغلة في تاريخها.


ليس جديدا هذا السواد الذي لايمكن تبديده من مناخ الأمة .. نحن في أول المعركة، وعلينا أن لانعد السنين كي لانغرق في أرقامها.

Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://emediatc.com/?page=show_det&category_id=15&id=45569