وجهات نظر

مابين "وثيقة كامبل"و"وثيقة حوران".. لا يكمن إلا الشيطان

جمال رابعة


الاعلام تايم - آراء


المؤتمر الامبراطوري 1907 أو مؤتمر كامبل بنرمان، هو مؤتمر انعقد في لندن في 15 أبريل 1907 واستمرت جلساته حتى 14 مايو 1907، بدعوة سرية من حزب المحافظين البريطانيين بهدف إيجاد آلية تحافظ على تفوق ومكاسب الدول الاستعمارية إلى أطول أمد ممكن، وقدم فكرة المشروع لحزب الأحرار الحاكم في ذلك الوقت، حيث ضمت  الدول الاستعمارية حينها كل من : بريطانيا، فرنسا، هولندا، بلجيكا، اسبانيا، إيطاليا، وفي نهاية المؤتمر خرجوا بوثيقة سرية أسموها " وثيقة كامبل" نسبة إلى رئيس الوزراء البريطاني آنذاك هنري كامبل-بانرمان. كان أهم ما ورد في الوثيقة:
إن خطورة الشعب العربي تأتي من عوامل عدّة يملكها: وحدة التاريخ واللغة والثقافة والهدف والآمال وتزايد السكان) ولم ينس المؤتمر أيضاً، عوامل التقدم العلمي والفني والثقافي. ورأى المؤتمر ضرورة العمل على استمرار وضع المنطقة العربية متأخرا، وعلى إيجاد التفكك والتجزئة والانقسام وإنشاء دويلات مصطنعة تابعة للدول الأوروبية وخاضعة لسيطرتها، ولذا أكدوا فصل الجزء الافريقي من المنطقة العربية عن جزئها الآسيوي، وضرورة إقامة الدولة العازلة Buffer State، عدوّة لشعب المنطقة وصديقة للدول الأوروبية، وهكذا قام الكيان الصهيوني.


في هذا السياق.. اليوم يأتي وصف مركز أبحاث مقرب من دوائر صنع القرار في الكيان الصهيوني لما سمّي بـ"وثيقة حوران" التي وقعت عليها شخصيات  مأجورة تحمل الجنسية السورية مقيمة في تركيا بأنها "تطور يصب في مصلحة إسرائيل" بصورة غير مباشرة.

ونوه تقرير أصدره "مركز يروشليم لدراسة المجتمع والدولة" الذي يرأسه وكيل وزارة الخارجية العدو الصهيوني السابق دوري غولد إلى أن "إقامة إقليم يضم درعا وجبل الدروز (السويداء) والقنيطرة يعد من أفضل الخيارات التي يمكن أن تسفر عنها التسوية الشاملة للصراع في سورية".


وذكر التقرير الصهيوني أنه لو تم تطبيق ما جاء في "وثيقة حوران" فإن "فرص تحول منطقة جنوب سورية إلى مناطق تهديد لإسرائيل سواء من خلال تواجد إيران وحزب الله، أو من خلال تمركز الجهاديين تتقلص إلى حد كبير".
وكما كان  الأردن بنظامه العميل،  دائماَ خادماَ وفياَ  للمشاريع الاستعمارية ذات الأبعاد الصهيونية و بالتنسيق مع بريطانيا و ”الكيان الصهيوني” ينفذ عمليات عسكرية سرية داخل الأراضي السورية لدعم الإرهابيين  التكفيرين بما يسمى "المعتدلين" المدعومين من قبل "بني سعود"، ليتسلموا مفاتيح  البادية السورية من "داعش" كما حصل في سنجار العراقية حين سلمها تنظيم "داعش" للأكراد دون قتال يذكر بإشراف أمريكي مباشر، هذا في الوقت الذي كانت أمريكا وماتزال تدعم "قوات سورية الديمقراطية" المشكلة من العشائر العربية والأكراد في الشمال، وتلتقي و تتصل بالجماعات الإرهابية التي تشرف عليها أجهزة المخابرات الأردنية و بني سعود في مناطق شرق سورية (تدمر و دير الزور و الرقة) و بالتالي يفرض أمرا واقعا على الأرض لتحقيق أحلامهم بتقسيم سورية.


واشنطن تهدف باستراتيجيتها الحالية من خلال التحضير لعدوان على سورية من الجنوب لاستثماره ميدانيا محاولة منها الضغط على الدولة السورية في مفاوضات جنيف القادمة وعدم امكانية استثمار واستخدام انتصارات محور المقاومة الميداني لقوة مضافة نتاج حرب السنوات السبع وذلك  لتنفيذ ما يحلمون به في إغلاق الخط الواصل مابين طهران وبيروت مرورا ببغداد ودمشق، من هنا جاءت الحشود الأميركية والبريطانية لتنفذ مناورات تحت مسمى "الأسد المتأهب" داخل الأراضي الأردنية وحيث عين محور المقاومة لا تغفو عن الرصد و المتابعة لتلك الحشود عبر الصور الجوية، فكانت الرسالة للحلف المعادي بأننا نرصد و نراقب و نحن بأتم الجاهزية للرد، وهذا مالخصه تصريح وزير الخارجية وليد لمعلم بقوله  إن تصريح الناطق باسم الحكومة الأردنية، بخصوص الدفاع عن حدودهم من العمق السوري بعيد عن الواقع وإذا فعلوا فسيجدون الجواب المناسب، وأضاف المعلم: "إننا لسنا في وارد مواجهة مع الأردن لكن إذا دخلت قواتها دون تنسيق مع دمشق سنعتبرها معادية".


وفي السياق ذاته تأتي تصريحات واشنطن في إطار تعزيز التوترات الدولية مع ايران وكوريا الديموقراطية بهدف تضليل المجتمع الدولي لإمكانية تحقيق استراتيجيه عسكرية بعينها في سورية عبر أدوات محلية وجيوش بالإنابة بعد فشل هذه العصابات الوهابية بشكل مباشر، ومن خلال ورقة الاكراد في الشمال والنظام الاردني في الجنوب، للسطو المسلح على سورية و سرقة ثرواتها الباطنية و ضخها عبر فلسطين المحتلة، وتأمين مرور خط الغاز القطري شرارة الحرب الأولى لتهميش الدور الروسي وحصارها اقتصاديا.


تبرز أهمية الجنوب السوري إضافة الى تأمين حزام أمني للكيان الصهيوني أهمية اقتصادية كبيرة وحسب تقرير مارتن ارمسترونغ(الجنوب مهم لاسرائيل حيث التقديرات الاقتصادية الحالية تشير الى مخزن ضخم من النفط الخام في هضبة الجولان يفوق حجم مخزن السعودية)، وأيضاً يأتي ما يحدث في الجنوب استجابة  لما اكده معهد بروكينغز عام 2015 مطالبته أصحاب القرار في واشنطن عن العدول عن القتال عبر المجموعات الارهابية  والتدخل المباشر بقوات عسكرية أمريكية.


و من الاسباب المباشرة لتعديل الخطة الامريكية وتنفيذ مقترح معهد بروكينغز باستكمال العدوان على الدولة والشعب السوري، حيث تبدأ من الجنوب السوري متجهة الى الشرق و الشمال الشرقي لسورية اتصالاً مع مناطق النفوذ التي تسيطر عليها الأكراد بدعم أمريكي، كل ذلك سببه الرئيس انتصارات الجيش العربي السوري  والقوات الصديقة والرديفة وعلى كامل الجغرافية السورية، في هذا الاطار يتجسد الدور المشبوه للنظام الاردني ومخابراته في تحقيق وتنفيذ الأجندة والمصلحة الأميركية بالجنوب السوري، أما في الشمال فيتم عبر ورقة الأكراد واستبدالهم عوضاَ عن  الأتراك، إذ تقول  هدية يوسف، الرئيسة المشتركة للمجلس التأسيسي للفيدرالية الديمقراطية شمالي سورية( التي توسَّعت من منطقة الإدارة الكردية في شمالي سورية "روج آفا" لتضم أراضي عربية كبيرة)، تقول لصحيفة "الأوبزرفر" البريطانية: "إنَّ الوصول إلى البحر المتوسط هو ضمن مشروعنا في شمالي سورية، وهو حقٌّ مشروع لنا"، حسب قولها.


وعند سؤال هدية عمَّا إذا كان ذلك يعني مطالبة الولايات المتحدة بتقديم دعمها السياسي لهم من أجل الحصول على طريقٍ تجاري يصل إلى البحر، بمجرد أن يساعدوها على استئصال داعش من شمالي سوريا، قالت: "بالطبع


وهذا كله يصب حقيقة الامر خدمة للمشروع الصهيوني ولجهة ترحيل القضية الفلسطينية بل تصفية للقضية المركزية في الصراع العربي الصهيوني عبر إيجاد  كانتونات ودويلات طائفية وعرقية  والدخول في صراعات بينهم بعيدا عن الصراع الرئيسي العربي_الصهيوني.


إن سياسة الادارة الامريكية والغرب الاطلسي تتميز بالنفاق وازدواجية المعايير ولابد من القول إن قرار الادارة الامريكية ليس محصورا بيد الرئيس فهناك المخابرات CIA وزارة الدفاع الامريكية وتأثير اللوبي الصهيوني المباشر على صناع القرار في امريكا لذلك نشهد تراجع وعدم التزام لتصريحات المسؤولين الامريكيين فهاهو ترامب لم يلتزم بأي تصريح أطلقه قبل وأثناء الانتخابات تحت هذه الضغوط.


واستراتيجية واشنطن لانتزاع شمال و شرق سورية و جنوبها معا هي استراتيجية تفاوض من موقع القوة لفرض شروط الحل، أو تقسيم البلاد في حال لم يتم التوافق على الحل الذي لا يناسبها، لكن هذا الخيار لم يحسب حساب الجيش العربي السوري والمقاومة  الوطنية الشعبية وحلفائهم القادرين على إعادة جنودهم محملين بصناديق الى بلادهم.   

Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://emediatc.com/?page=show_det&category_id=15&id=45489