وجهات نظر

فقط في الاردن.. جواسيس بمرتبة ملوك!!

طارق ابراهيم


خاص الاعلام تايم


ماذا من الانسان يبقى.. حين يعتاد على الهوان؟؟.. عبارة تختصر قصة مملكة.. عندما كنا في المرحلة الثانوية في تسعينات القرن الماضي ونناقش فقرة في كتاب التاريخ المعاصر حول تشكيل إمارة  شرقي الاردن، وكيف تمكن أولاد الشريف حسين من إقامة تلك الامارة؟ يقول أحد الاصدقاء لا تتعب نفسك كثيراً في البحث.. "القصة ومافيها".. هبّ الامير عبدالله بن الشريف حسين لنصرة أخيه فيصل المتوج ملكاً على العراق وسورية في بداية القرن الماضي، فلاقاه الانكليز وكان حينها متجهاً لقتال الفرنسين الذين أزاحوا فيصل عن العرش وطردوه خارج البلاد، ثم عرضوا عليه قطعة أرض لتنصيبه أميراً عليها فوافق، وبدأ يتنازل ويتنازل للإنكليز والفرنسيين وأراضي إمارته تتسع لتصبح إمارة "بتعبي العين" وتتحول بعدها الى مملكة، شريطة ألا يعارض في إقامة دولة لليهود في فلسطين عبر اتفاق سري مع الإنكليز و الوكالة اليهودية.


في تاريخهم المعاصر لم يشهد العرب خيانة أقبح من تلك التي يضطلع بها "ولاة أمر" الاردنيين.. ففي "كل عرس لهم قرص".. فمنذ ما قبل نكبة فلسطين والتمكين لليهود فيها مروراً بجميع الازمات.. من المستحيل ألا تجد للقائمين على عرش الاردن موطئ قدم في كل نكبة تعرض لها العرب.. من عبدالله الاول(مئير) الى عبدالله الثاني("مستر.." لم يعرف بعد الاسم الحركي) والعهد الملكي قائم على تطبيق البرتوكول الصهيوني وكلما علوا في طاعتهم ارتفع شأنهم وسادوا على نظرائهم في العمالة.  


الفلسطينيون قتلوا عبدالله الاول في القدس ليقينهم بأنه باع فلسطين لليهود بثمن بخس 150000 جنيه استرليني، ثم هلك بعده ابنه طلال المعروف عنه بكره الانكليز، ليس لأنه الشواذ في "مملكة الجواسيس"، باعتبار "أن لكل قاعدة استثناء" ولكن لأن البريطاني"غلوب باشا" قائد الجيش الاردني، خانه مع زوجته، ليخلفه ولده حسين طفل بريطانيا المدلل أو "المستربيف" كما أطلقت عليه وكالة الاستخبارات الاميركية، أهم عميل للوكالة صاحب الاجر الاعلى (مليون دولار شهريا) منذ عام1957 وحتى عام 1975  وفق وثائقها، ثم جاء عبدالله الثاني ابن الانكليزية ليحافظ على تركة والده وينفذ الوصية في حماية "أمن اسرائيل".


ليس استنتاجاً ما نسرده ولكن بالوثائق التي بدأت مع الواشنطن بوست الاميركية التي نشرت في 1977  حكاية " مستر بيف " تحت عنوان " المخابرات المركزية الامريكية دفعت الملايين ولمدة عشرين عاما للملك حسين"، فضحية من العيار الثقيل تناولها عميد الصحافة العربية الاعلامي المصري محمد حسنين هيكل في كتابه الجديد " كلام في السياسة " الممنوع من التداول في الاردن.. والذي حاول ربط عمالة الملك لواشنطن بالنكبات التي أصابت منطقة الشرق الاوسط بسبب التسريبات الامنية التي كانت تتم دون أن يعرف أحد مصدرها وتبين لاحقاً أنها كانت تتم من قبل موظف في الوكالة اسمه حسين بن طلال وكان يشغل وظيفة ملك في الاردن ويُعرف في أوساط المسؤولين في المخابرات الامريكية بالاسم الكودي "مستر بيف".


ومن الشواهد التي طرحها هيكل لإثبات ضلوع "المستر بيف" في أزمات الشرق الاوسط، أن الملك حسين هرب 16طائرة حربية أردنية من طراز فانتوم الى تركيا قبل أيام من حرب حزيران 1967حتى لا يستخدمها المصريون في الحرب ضد "اسرائيل" رغم أن الملك وقع مع عبد الناصر اتفاقية دفاع مشترك قبل الحرب بأيام ... كما أنه اعترف بـ"عظمة لسانه" في لقاء مع الـ"بي بي سي" أنه طار شخصيا الى "تل أبيب" قبل حرب تشرين والتقى بغولدا مائير وحذرها من الهجوم المصري السوري.. وقال وقتها "إذا خسر السادات القاهرة يمكنه أن ينسحب إلى أسوان، إذا خسر الأسد دمشق يمكنه الانسحاب إلى حلب أما أنا اذا خسرت عمان فإلى أين أذهب؟ إلى الصحراء؟".
جيش قائده البريطاني "غلوب باشا" لمدة 26 عاما، بل وأكثر أشرف على تأسيسه، كان دخل الى فلسطين لتحريرها من اليهود عام 1948م!!!! وخاض حربا في حزيران 67 مع طرف من المفترض أنه "العدو المغتصب" لم يقتل من جنوده سوى 16 جندياً، أليس من المثير للسخرية أن يخسر نصف مملكته في تلك الحرب!!!! علماً أن أي "خناقة" بين حارتين في مدينة عربية يسقط فيها قتلى أكثر من تلك الحرب التي خاضها الجيش الاردني "المغوار"ضد "اسرائيل".
عائلة تستحق التمجيد من اليهود.. وكان لها من خلال كتاب"تواطؤ عبر الاردن" للكاتبين الصهيونيين يوسي ميلمان ودان رفيف اللذين لم يقصدا بما أورداه فيه الاساءة أو الفضحية للعائلة "الهاشمية" إنما أردا أن يوضحا لليهود مدى إخلاص أولئك الحكام لـ"اسرائيل".


عبدالله الاول يقول" سيجد اليهود في كل العالم في شخصي لورد بلفور جديد، وأكثر من ذلك لقد منح بلفور أرضا ليست له وأنا أتعهد بأرضي"وقد نفذ الوصية حفيده "بيف" صاحب اتفاقية "وادي عربة للسلام مع اسرائيل 1994" الذي قدم لـ"اسرائيل"ما لم يقدمه تيودور هرتزل مؤسس الصهيونية،.. وفي لقاءاته المستمرة مع رئيسة كيان الاحتلال المتكررة، بحسب ما كتبه الحارس الشخصي لها "عوفاديا ناتان"،  كان يطلب مساندته ضد التنظيمات الفلسطينية وضد سورية التي لايزال الاردن يكيد لها المكائد وآخرها "وثيقة حوران" أو كما أسمتها صحف اسرائيل "وثيقة العهد" التي خرجت من عباءة "الموك" الاردنية لتظهر في عمامة السلطان العثماني، بمباركة اسرائيلية، والتي أرادت من الجنوب السوري ألا يكون سورياً يديره "جيش لحد السوري" بقيادة قوات الهاشمية التي انتفخت عضلاتها زيادة عن حجمها بحقنها بفيتامينات "المارينز" و"الموساد"، خاصة وأن مناورات ما يسمى"الأسد المتأهب" في نسختها السابعة على أراضي المملكة بدأت بمشاركة نحو 7000عسكري من نحو 20 دولة والمستمرة لـ18 الجاري، بحجة عمليات "مكافحة الإرهاب" وتعزيز "أمن الحدود" و"عمليات البحث والإنقاذ".


التجسس ليس ظاهرة حديثة في المملكة، وهنا يقتصر حديثنا على العائلة المالكة فقط، بينما يخالفها الشعب الاردني "النشمي" الذي مازال ينادي بكل ما أوتي من نخوة"كفّوا أيديكم عن سورية".. مائير وحفيده المستر بيف تركا الساحة لعبدالله الثاني.. و"المكتوب يفسر من عنوانه"، لذلك لن نتعب أنفسنا كثيراً ففي قادمات الايام سيخرج مسؤول صهيوني ليسرب الاسم الكودي للملك الجاسوس والخدمات التي يقدمها للصهاينة، ويكفينا"شر البحث".

Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://emediatc.com/?page=show_det&category_id=15&id=45434