وجهات نظر

باختصار: القضية هي غير فلسطين

زهير ماجد


الإعلام تايم- الوطن العمانية

 

حماس تلبس جلد "العرفاتية"، الأمر ليس جديداً بعدما خرج إلى العلن قبل مدة .. بين التعليق والـ لا تعليق، هنالك من قال جمله ومشى، حماس التي نعرفها صارت وراءنا، إنه التبدل المنتظر في عقل يريد أن يتقدم ليشتري موقعاً يناسب الواقع والصراع القائم.. فهل يحمل رئيس السلطة محمود عباس هذا التطور ليرميه على طاولة لقائه مع الرئيس الأميركي ترامب الذي فجع بقرار اليونيسكو من أن القدس محتلة من قبل إسرائيل، بمعنى أن السفارة الأميركية إذا ما نقلت إليها ستكون مشكلة دائمة ليس بوسع الأميركي تحملها أمام عالم إسلامي ليس عربيا على الأقل.

 

تغيرت القضية الفلسطينية إلا فلسطين من الثوابت، سبعون سنة تقريباً انمحى فيها كلام كثير قيل بمناسبة وغير مناسبة، وحوارات عشقت الوصول إلى أهدافها لكنها لم تصل، وصراخات تعبوية أثمرت أوسلو في أحسن الأحوال، بعدما كان الراحل الكبير رئيس يوغوسلافيا السابقة جوزيه بروز تيتو قد أصر لياسر عرفات في آخر لقاء له قبل وفاته أن لا تعترف بإسرائيل. في هذا الطلب التيتوي كمنت شخصية عرفات في أن يرى متراً من الأرض الفلسطينية عليها علم فلسطين.

 

كل ما اضطربته القضية ظلت مقابلها فلسطين أنقى. في القضية حكاوي وآلاف الشهداء وملايين الكلمات المتناثرة وعمر متفاوت بين أجيال منها ما هرس ومنها ما كبر وشاخ، صحيح أن الأعمار بيد الله، لكن بالنسبة للقضية تصير بيد من يمسك الراية أيضا، ويجب أن لا تقطع تلك اليد مهما تم تناقلها بين الأيدي، رغم ثقلها لما فيها من حمولة لا يمكن لأي أكتاف تحملها مهما كانت قوية ومعافاة.

سيلتقي الرئيس عباس بالرئيس ترامب، الضرورة تستدعي ذلك، بل كلما تجددت الرئاسة في أميركا وجب تحريك متجدد للقضية فيما فلسطين معلقة. يقال إن هنالك أملاً لدى عباس وجماعته من هذا الاجتماع بما هي دلالات شخص الرئيس الأميركي ونفوذه المفترض في الواقع الإسرائيلي .. لكن الذي جرى على مدار ما بعد أوسلو نسف تلك الاتفاقية ولم يبقَ من مجال لدولة فلسطينية سوى أن تقام بين المقابر باعتبارها الأمكنة الوحيدة ذات الطابع الفلسطيني.

 

ستظهر في هذا الاجتماع كل الحقائق منذ الجمل الحوارية الأولى بين الطرفين، لكن من ضرورات الموقف الفلسطيني أن تظل فلسطين هي الطاغية على اللقاء، التفاصيل توهان في القضية وملحقاتها المتعبة، وإذا ما أقر اللقاء لجاناً ومبعوثاً فمعناه أننا عدنا إلى ما سبق ووقع، مقابل أن الإسرائيلي لن يخسر شيئاً، وسيكون ما وصل إليه سواء في المستوطنات وفي الرفض قد وصل، وجل ما قد يعطيه عودة المباحثات وهو أمر لا يشكل حدثاً مهما البتة.

قبل يومين أو ثلاثة عشت لقاء بين شخصين التقيا في مقهى بيروتي بعد أكثر من أربعين سنة، وإذا بهما من رعيل تلك الأيام التي كان فيها النضال الفلسطيني في أوجه، تحدثا عن التدريب الذي مارساه في منطقة "الهامة" السورية مع حركة "فتح"، قالا تلك الأيام بمودة مسحت وجوههما التي لا يزال غبار الثورة معقوداً فيه. إنها حادثة جيل ارتبط بفلسطين لكنه عاش القضية بكل ما مرت به وما وصلت إليه وما تشعبت منه وما فرخت من قضايا عربية هي الأصل فيها .. الاثنان ليسا عاديين، إنهما من كبار المثقفين، وهم لبنانيان وليسا فلسطينيين قبل كل شيء، فكم كانت فلسطين عربية الوجه والعمق والمحتوى والأصالة.

Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://emediatc.com/?page=show_det&category_id=15&id=45236