حوارات ولقاءات

مسؤول في حزب الوطن التركي للإعلام تايم.. الاستفتاء أضعف أردوغان


الاعلام تايم _ يارا عاصي


حزب الوطن التركي المعارض أدرك منذ بداية الأحداث في سورية أنها هجمة عالمية تستهدف المنطقة كلها وليس سورية فقط، لذلك وقف إلى جانب الدولة السورية ودعم حربها ضد الإرهاب، أما حزب العدالة والتنمية فدعم الجماعات التابعة للإمبريالية العالمية، أمّا لغاية التي يسعى إليها حزبنا هي تحقيق الوحدة الاقتصادية والجيوسياسية بين تركيا وسورية والعراق وإيران وأذربيجان ولبنان وقبرص، أي "اتحاد غرب آسيا"، وتبفى الخطوة الأولى لتحقيق هذا الاتحاد هي دعم سورية في حربها على الإرهاب والحفاظ على وحدة أراضيها.. بهذه المقدمة بدأ مسؤول العلاقات الخارجية في حزب الوطن التركي دنيز بستاني لقاء لموقع "الاعلام تايم"، تناول فيه أهم المستجدات في الشأن الداخلي التركي والأحزاب المعارضة لأردوغان وعلاقاتها مع سورية ودول الجوار.


_ هل تعرضتم لضغوط من حكومة بلدكم بسبب هذه السياسات تجاه سورية، وما هي الضغوط إن وجدت؟
حكومة حزب العدالة والتنمية فقدت قوتها ولم تعد كما سبق ولم يعد بمقدورها تشكيل أي ضغط، ونستطيع قراءة ذلك من علاقاتها الحالية، فكما تعلمون أنها كانت قد عقدت اتفاقية مع جماعة فتح الله غولين منذ عام 2001 وحتى 2013، حيث انتهى هذا الاتفاق على الصعيد الداخلي، أما على المستوى الإقليمي كانت متعاونة مع الإخوان المسلمين؛ هذه الجماعة التي تعرضت للانكسار ابتداءاً من مصر وحتى باقي دول المنطقة، كما اتفقت مع الولايات المتحدة الأمريكية عبر مشروع الشرق الأوسط الكبير، وكان أردوغان رئيس المشروع الذي باء بالفشل أيضاً، أي لم يعد لدى حكومة حزب العدالة والتنمية قدرة على ممارسة أي ضغوط، حزب العدالة والتنمية يعاني من انقسامٍ داخلي، قسم يوالي أمريكا وآخر ضدها، والمجموعتان في حالة تصادم، ويمكننا هنا أن نقول أن الأصوات التي يحصل عليها حزب العدالة والتنمية تأتي لشخص أردوغان، إذاً لم يعد بمقدور حكومة حزب العدالة والتنمية تشكيل أي ضغط على معارضيها.

 

_ ما هي نشاطات حزبكم داخل تركيا؟
بدايةً يجب أن أقول، إن حكومة حزب العدالة والتنمية هي ليست الوحيدة التي ارتكبت أخطاء، أي ليست الحزب المخطئ الوحيد، فالأحزاب الأربعة الموجودة في مجلس الأمة التركية الكبير، وعلى رأسها حزب الشعوب الديمقراطي المتعاون مع حزب العمال الكردستاني "الإرهابي" ومع أمريكا، والثاني حزب الحركة القومية الذي صار ذيلاً لحزب العدالة والتنمية، والرابع الذي يضم أناساً يحملون مشاعر صادقة بالأصل هو حزب الشعب الجمهوري، الذي ابتعد عن فكرة الاستراتيجي والجيوسياسي، وركّز على السلطة فقط، وهو في هذا السبيل يتحرك حسب رغبة أمريكا وأوروبا، فعندما نقول مواقف خاطئة لا نحدد حزب العدالة والتنمية فقط، بل نرى من المناسب اتّخاذ مواقف ضد كل المواقف الخاطئة لكل الأحزاب في تركيا.


_ ما موقفكم من السياسات الخاطئة لباقي الأحزاب، وكيف تتعاملون مع الأخطاء ؟
إن موقف حزب الوطن هو قومي أي موقف ضد الإمبريالية وضد التقسيم، و يظهر تعاملنا من خلال ضبطنا خرق القوانين خلال الاستفتاء الأخير، حملنا القضية إلى المحكمة، وعندما اعتدت أمريكا على سورية ودعمها أردوغان، نظمنا مظاهرةً أمام السفارة الأمريكية في أنقرة، أما حزب الشعب الجمهوري أو الأحزاب الأخرى فلم تستطع اتخاذ هكذا مواقف، وإذا تابعتم سترون أن الحزب الوحيد الجريء في مواقفه والذي يفكر بشكل استرتيجي هو حزبنا، وهذا ليس بالكلام فقط، بالكلام كل الأحزاب تستطيع الادعاء بالمواقف بالكلام، هذه نتائج لنشاطاتنا، فها أنتم ترون أننا في سورية، أي حزب موجود في سورية اليوم؟! لا يوجد أي حزب تركي في سورية غيرنا، عندما كان الحظر على إيران من قبل كل العالم أي حزب ذهب إلى إيران وفتح ممثليّة له، وأسس علاقات مع إيران؟ أيضاً حزب الوطن، عندما انقطعت العلاقات بين تركيا وروسيا إثر إسقاط الطائرة، أيضاً حزب الوطن ذهب إلى روسيا وأعاد العلاقات، اليوم حزب الشعب الجمهوري والأحزاب الأخرى تتبع سياسات معادية للشعب وتخدم أمريكا في سبيل السلطة، أما نحن فحزب يسعى للسلطة، بالقوة الشعبية وليس القوة الأجنبية.


_ رغم معارضة الحكومة التركية، ما سبب إصراركم على نشاطاتكم هذه وعلى إعادة العلاقات مع سورية، وهل أنتم الطرف الوحيد في تركيا المصر على هذا الموقف وهذه العلاقات؟
نحن لسنا حزب متعنت لأفكاره، بل حزب يفكر بشكل استراتيجي، و نعمل على تصويب الطريق للحكومة ووضعها على النهج الوطني، أياً كانت الحكومة، وهذا ينطبق على سياستنا الداخلية والخارجية، و نضع الأولوية في سياستنا لخدمة هدفنا نحو وحدة غرب آسيا، و نرى هذا الأفق وهذا ليس خيار، بل ضرورة، لتركيا وسورية ولإيران والدول الأخرى، طبعاً ونحن لسنا مكتفين بتصويب سياسة الحكومة، بل نعمل على الوصول إلى السلطة باتباع السياسة الصحيحة.
_لماذا حزبكم ليس له تمثيل في البرلمان، وما هي خطتكم للوصول إلى البرلمان؟
إذا نظرتم إلى الشعب من الناحية الفكرية، وإلى فكر حزبنا، ترون وجوب حصول حزبنا على 70% من الدعم الشعبي، لكن الوسط السياسي في تركيا ليس كما تظنون؛ فإذا نظرتم إلى الشعب من نافذة عدائه للإمبريالية تجدون أن 90% من الشعب التركي معادٍ للإمبريالية، حتى ضمن المصوتين لحزب العدالة والتنمية، والحركة القومية... لكن هناك حالة وكأن الأحزاب تجمع فِرق لها؛ فحزب العدالة والتنمية مثلاً يتبع سياسات خاطئة، وبالمقابل حزب المعارضة الأكبر حزب الشعب الجمهوري (ويليه الحركة القومية، ويليه الشعوب الديمقراطي) يخرج ويقول إن الرئيس الأسد استخدم السلاح الكيماوي في سورية، أما نحن  فقمنا من خلال قناتنا (أولوصال) وصحيفتنا (آيدنليك) وانتقدنا هذا الحزب وحزب العدالة والتنمية معاً، فكيف كانت الدعاية الإعلامية بحقنا؟ حزب الوطن ينتقد حزب الشعب الجمهوري، إذاً هو يدعم حزب العدالة والتنمية، هذا النقد إذا توجه لحكومة حزب العدالة والتنمية لا تحصل أية مشكلة، لأن لديهم عشرات القنوات الإعلامية، والصراع معهم صعب جداً، ولكن لدينا مشاريع وخطوات استراتيجية، للصراع مع هؤلاء وسنناضل ضدهم، ودعم حزب الوطن التركي يزداد يوماً بعد يوم، واليوم إذا أغلق حزب الوطن سيُرفع قانون (سدّ الـ10%) بكل سهولة، ولن يكن هناك خوف من دخول أي حزب إلى المجلس، لأن الحزب الوحيد غير الموجه من الإمبريالية الصهيونية هو حزب الوطن، وباقي الأحزاب تُدار من قبل الإمبريالية علماً أن 90% من الشعب الذي يصوت لها هو ضدّ الإمبريالية.

 

_ماذا عن استفتاء تعديل الدستور الذي جرى مؤخرا ؟
بدايةً أريد الحديث عن الاستفتاء قليلاً، كما تعلمون أن في 15 تموز عملت أمريكا على تنفيذ انقلاب عسكري، حين أظهر فتح الله غولن وجهه الحقيقي، واستهدف البرلمان بالقنابل، وكان حزب الوطن التركي منذ 40 عاماً يحذر من غولن هذا، طبعاً الجيش التركي هو الذي أعاق الانقلاب وليس السياسيون ولا غيرهم، وكان الذين حاولوا تنفيذ الانقلاب ثلّة قليلة من العسكريين، نحن أكّدنا مراراً وتكراراً على ضرورة إعادة العلاقات مع روسيا ومع سورية وإيران، وهنا صار حزب العدالة والتنمية وفي الأشهر الأولى ينصت إلينا، لكن هناك أشخاص تسللوا إلى محيط أردوغان، ومنهم من أصبح مستشار له، ولكن لا نعرف الأسماء، لكن يبدو ذلك من نشاطاتهم التي تخدم أمريكا.
أما بالنسبة للاستفتاء؛ فكان قرار الاستفتاء بحدّ ذاته مضراً لأردوغان بـ"نعم" أو"لا"، وكان قرار الاستفتاء خاطئاً، ولو كانت النتيجة نعم أو لا فهي ليست لصالح أردوغان، انظروا إلى مرحلة ما بعد 15 تموز وقف الشعب بيمينييه ويسارييه إلى جانب الدولة بغض النظر عمّن في السلطة، وكان الشعب يداً واحدة ضد الانقلاب الأمريكي، أما الاستفتاء فكان فخّاً نصبته أمريكا لأردوغان ووقع فيه، حيث انخفضت نسبة الشعب الواقف مع أردوغان من 100% إلى 50%. خاصةً وأنّه حصل على نتيجة "نعم" بالحيلة، وسيتم الانتقال إلى النظام الجديد في 2019، فهل سيحصل أردوغان آنذاك على 50% من الداعمين بعد هذه الحيل التي لعبها؟ وبعد اتّهام المصوتين بـ"لا" بالإرهابيين، فقد قسم أردوغان الشعب إلى قسمين، وأوجدت أمريكا رجلاً يتهم شعبه بالإرهابيين، فأردوغان فقد الدعم الشعبي الذي وقف إلى جانبه يوم الانقلاب فقط لأن الانقلاب خلفه أمريكا، ففكر الشعب أنه إن أراد إسقاط رئيس لن يسقطه بيد أمريكا، اليوم ليس يوم الاستفتاء، اليوم زمن الحرب من أجل الوطن ابتداءً من سورية وحتى إيران وروسيا.
اما الانقلاب العكسي فهو مستحيل تماماً لأن الشعب التركي يقف إلى جانب الثورة التي قام بها مصطفى كمال أتاتورك قبل 100 سنة. اذهبوا واسألوا حتى المصوتين لحزب العدالة والتنمية إن كانوا يحبون أتاتورك، قد يظهر لديكم أن 0.1% لا يحبه. مثال صغير؛ لقد أجرينا استطلاع رأي بخصوص الضربة الأمريكية على سورية التي أيدها أردوغان، وكان السؤال"هل تدعمون تدخل أمريكا بسورية؟" وكان بين الآراء التي شملها الاستطلاع من حزب العدالة والتنمية والحركة القومية ومن كل الشرائح، وكانت النتيجة "90% لا يدعمون".

 

_هل يمكننا وصف أردوغان بالرجل المريض اقتباساً من تشبيه نيكولاي الأول للسلطنة العثمانية؟
أنتم تسألون من سيأتي بديل لأردوغان، أو مَن سيلي حكومة حزب العدالة والتنمية والجواب وأنا أقول بكل وضوح إن "حكومة وطنية ستحلّ محلّة وذلك قريباً جداً".. هي الحكومة التي تضم الشرائح الدينية والقومية والكردية، وستكون حكومة معادية للإمبريالية تضم 78 مليون تركي،  والأحزاب التركية مجبرة على تشكيل هكذا حكومة، وأنتم ترون حالة الدولة  في حين النار تلتهم المنطقة  تذهب الحكومة للاستفتاء، كما أن تركيا مقبلة على أزمة اقتصادية، وأمريكا تهدف من الاستفتاء إلهاء الشعب عن مشاكلة الأساسية بالانقسام إلى مواليين ومعارضين للاستفتاء، لكن الشعب لم ينقسم ولم يحصل أي صدام، فكمال كلتشدار أوغلو خرج ونادى الشعب إلى الشوارع، لكن لم يخرج أحد واتبع الشعب سليقته السليمة، نعم الدستور الجديد قد يكون خطيراً لكن حالياً الدفاع عن الوطن أهم، ولو وضع الرجل الضعيف كل سلطات الدولة بيده لن يستطع فعل شيء، لقد أضعف هذا الرجل نفسه جداً. 


 

Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://emediatc.com/?page=show_det&category_id=43&id=45157