تحقيقات وتقارير

الزواج عبر الانترنت.. بين الحقيقة والخداع


الإعلام تايم - خيرية أحمد


بين التنقل من حارة لحارة وسؤال الجارة، و"جمعة النسوان ببيت مرت عكيد الحارة"، تحقق "الخطّابة" دورها بجدارة، هذه الأساليب كانت بـ"أيام الزبدية الصيني يلي بترن من وين ما رنيتها وبتحوي كل أسرار أهل الحارة متل "أم زكي وأم سعيد".. أما اليوم بوجود مواقع الزواج الإلكترونية فالحكاية تبدأ بوضع الاسم الوهمي والبريد الالكتروني بالإضافة إلى تحديد الجنس والمواصفات الشكلية والضمنية حسب الرغبة، ومن هنا يكون الشخص عضواً في الموقع وتبدأ عملية البحث عن الطرف الآخر من خلال تصفح صور المسجلين في الموقع، وخلال هذه الطريقة نسمع آلاف السردات والنهفات التي قد تنتهي بـ"أكلة رز معزوز أو ببرغل محظور".


مسميات عدة لمواقع الزواج عبر الشبكة العنكبوتية تختلف باختلاف طابعها، فمنها ما هو مجاني أي يمكن التسجيل فيه من دون دفع رسوم، ومنها ما لا يمكن التسجيل فيه إلا عبر دفع الرسوم عن طريق البطاقات الائتمانية، بينما هناك مواقع يمكن التسجيل فيها بدايةً بشكل مجاني إلا انه لا يمكن الاستمرار فيها إلا بدفع الرسوم، ولدفع الرسوم طرق قد تكون شهرية أو لثلاثة أشهر أو ستة أو لسنة.


أساليب عديدة تتبعها هذه المواقع للترويج عن نفسها عبر الإعلانات التلفزيونية والإذاعية، وتقديم وعرض صور لأشخاص تم زواجهم عن طريق المواقع، وقد ثبت حسب موقعهم نجاح الزواج بهذه الطريقة، بالإضافة إلى وضع روابط هذه المواقع على صفحات وسائل التواصل الاجتماعي.


وحول رأي الدين بالزواج عبر المواقع الإلكترونية، يقول خطيب مسجد علي بن أبي طالب بدمشق الشيخ خالد القصير "يحتوي الإنترنت على كثير من الخُدَع وعمليات النصب في هذا المجال، وهناك العديد من الشباب يقومون بخديعة الفتيات تحت حجة نية الزواج"، مضيفاً: "فإذا كان الشخص راغباً وعازماً على الزواج فإن التعامل مع العالم الواقعي الذي تظهر فيه الأمور يقيناً يثمر أكثر بكثير من التعامل مع عالم افتراضي لأن الاعتماد على مواقع التواصل بالزواج يشوبه كثير من إشارات الاستفهام، ويدخل بحالة من المخاطرات والمغالطات المتخوَّف منها، ولذلك لا بد أن نستبعد هذه الطريقة من الزواج لأنها طريقة غير ناجحة لبناء أسرة قويمة سليمة، حتى وإن نجحت في بدايتها فلن يستمر هذا النجاح لأن الأساسات غير سليمة".


ويؤكد القصير على أن الإنترنت هو عبارة عن وسيلة ثقافية للاتصال بين المجتمعات، وفيه النافع والضار، وتقع المسؤولية على من يستخدمه؛ فمن يستخدمه في أغراض نافعة فلا إثم عليه، أما من يستخدمه بصورة غير شرعية فهو المسؤول شرعاً عن تصرفه".


وعن ماهية مواقع الزواج الإلكترونية، يذكر الاختصاصي بعلم النفس والمحاضر بكلية التربية الاستاذ ثائر عيسى أن هذه المواقع هي مواقع تعارف بالدرجة الأولى، والغالبية منها ذات طابع تجاري بحت، ولا تحمل الأمان والثقة والمصداقية لمن يستخدمها سواء للرجل أو للمرأة، فالكثير من الشباب والفتيات يدخلون هذه المواقع لغرض التسلية وقضاء وقت الفراغ أو تكوين صداقات، وقد يحدث مشكلات خطيرة من خلال استخدام هذه المواقع وذلك بطلب الشاب صورة الفتاة على اعتبار أن هذا من حقه للتعرف إليها، بالإضافة إلى التعلق بالشخص الذي قد يبقى وهمي، متناسين أهم وأبرز الشروط للارتباط من التعارف واللقاء وفهم الآخر بطبيعته وأفكاره وتوقع مدى الانسجام معه والنظر إلى أخلاقه وعلمه وعمله وأهله".


كما أن دراسات حديثة أوصت إلى عدم انسياق أفراد المجتمع وراء هذه المواقع الالكترونية الوهمية، وعدم قيام الفتيات أو النسوة بإعطاء الثقة للغير عن طريق إرسال الصور أو البوح بأي معلومات عنهن أو عائلاتهن عبر مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة، حتى لا يكنّ ضحايا لهذه المواقع الإجرامية.


واستشهاداً بمقولة "لكل وسيلة تواصل محبيها ومعجبيها" تبقى مواقع الزواج عبر الإنترنت سلاح ذو حدين، وتعتمد في علاقاتها منذ البداية حتى النهاية على مدى صدق الطرفين وجديتهما في إكمال العلاقة.

Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://emediatc.com/?page=show_det&category_id=44&id=45114