وجهات نظر

هم مَن صنعوا "داعش" وهم مَن يقرعوا الطبول لحربها

جمال رابعة


الإعلام تايم -  رأي

 

هكذا صنعنا "داعش" وهكذا نقرع طبول الحرب ضدّها هذا ما صرّح به ضابط المخابرات البريطاني ( تشارلز شوبيردج ) لفضائية روسيا اليوم، إن وكالة الاستخبارات الأميركية CIA والاستخبارات البريطانية دفعتا دولاً خليجية إلى تمويل وتسليح تنظيمات مُسلّحة في مقدّمتها "داعش" ، وأضاف إن كلا جهازي المخابرات البريطاني والأميركي وراء كل الأحداث التي تعصف بدول الشرق الأوسط مثل سورية والعراق وليبيا.

يبدو أن البيت الأبيض قد انصاع لتأثير البريطانيين الذين حاولوا بكل الوسائل الحفاظ على هذه المجاميع الإرهابية من "القاعدة" و"داعش" التي تم تصنيعها في أقبية المخابرات البريطانية والأميركية. من جهة أخرى، العاصمة البريطانية لندن تقوم بإيواء قادة هذه المجموعات الإرهابية المُسلّحة، التي "تقوم بذبح المسيحيين والأقليات الأخرى في الشرق الأوسط" كما قال المندوب الروسي لدى الأمم المتحدة.

واتّهم نائب المندوب الروسي لدى الأمم المتحدة الحكومة البريطانية بأنها "تخدم مصالح هذه المجموعات"، مُشدّداَ على أن تغيير النظام في سورية أمر أهم بالنسبة إليها من مواقف غالبية أعضاء الأمم المتحدة. إن سياسة الإدارة الأميركية والغرب الأطلسي تتميّز بالنفاق وازدواجية المعايير ولابدّ من القول إن قرار الإدارة الأميركية ليس محصورا بيد الرئيس، فهناك المخابرات CIA وزارة الدفاع الأميركية وتأثير اللوبي الصهيوني المباشر على صنّاع القرار في أميركا. لذلك نشهد تراجعاً وعدم الالتزام لتصريحات المسؤولين الأميركيين فها هو ترامب لم يلتزم بأي تصريح أطلقه قبل وأثناء الانتخابات تحت هذه الضغوط.

الإرهاب في سورية والعراق باتت نهايته قريباً، وذلك بفضل الجيش والشعب والقوات الرديفة والصديقة وموقف ومشاركة الأصدقاء من روسيا وإيران في محاربة الإرهاب الدولي، فكان لابدّ من إيجاد أماكن بديلة لقيادات "داعش" للاستمرار باستثمار الإرهاب الدولي من قِبَل الإدارة الأميركية، لذا كان لزاماً أن يعيدوا خلط الأوراق وإشاعة حال من عدم الاستقرار وهذه استراتيجية سياستهم، من هنا كان العدوان السافر على السيادة الوطنية السورية في مطار الشعيرات لتسهيل انتقال قيادة "داعش" ومن لفّ لفيفهم باتجاه المناطق الشرقية لمحافظة حمص بعد مسرحية الانسحاب من الرقة، وإشاعة حال عدم الاستقرار في لبنان في مخيّم عين الحلوة ظناً منهم أن يكون خياراً آخر لانتقال هؤلاء القتلّة المأجورين إلى لبنان لتنفيذ سيناريو جديد من الإرهاب الدولي.

وما يحدث في مصر هو كذلك لذات الأهداف والنتائج، من هنا أستطيع القول إن السياسات التي تعتمدها الإدارة الأميركية في استثمار الإرهاب الدولي لتحقيق المصالح الاقتصادية والسياسية، هي إشاعة حال عدم الاستقرار وانتشار الفوضى اعتمادها الأساسي على أدوات الإرهاب الدولي صنعت بين أروقة أجهزة المخابرات البريطانية والأميركية عبر جيوش بالإنابة تدمّر وتذبح وتقتل شعوباً بالإنابة عن الجيشين الأميركي والبريطاني، مما تقدّم تهدف وتعمل السياسة الأميركية لتعطيل العملية السياسية في سورية، بدليل أن أيدي بني سعود ودكتاتور أنقرة لا تزال تعيث فساداً وتشعل جذوة الصراع في سورية عبر العصابات الإرهابية الوهّابية، ولا توجد حقيقة الأمر لدى واشنطن لا رغبة لا حتى القدرة على وقف هذا الغيّ والعبث والإجرام في سورية، إضافة إلى الخلاف الكبير على استراتيجية الحرب على الإرهاب الدولي، واستمراريته بين واشنطن التي تدعم الإرهاب وموسكو التي تحاربه .

من هنا أقول لو كانت هناك نيّة صادقة لمُحاربة الإرهاب الدولي كما يدّعون، لكان تعاونهم وتنسيقهم بشكل مُطلَق مع الجيش العربي السوري القوة الوحيدة والقادرة على سحق الإرهاب الدولي، لا استهداف قواته البرية وقواعده الجوية لإضعاف قدرات الجيش العربي السوري لصالح "داعش" و"النصرة". قال ترامب الأربعاء الماضي إنكم سترون ما الذي سنفعله بحزب الله في سورية، وقرار النتن ياهو عقد اجتماع مُغلق للمجلس الوزاري المُصغّر لدراسة زيادة التدخّل العسكري الصهيوني في سورية، وجاء توبيخ بوتين لـ النتن ياهو حذّره من التمادي في هذه الادّعاءات بهدف التحريض العسكري.

من هنا جاء الردّ القوي من غرف العمليات المشتركة لقوات الحلفاء بالقول إن أي عدوان وأي تجاوز للخطوط الحمراء من قِبَل أي كان وأن أميركا تعلم القدرات على الردّ جيّداً. استراتيجية واشنطن لانتزاع شمال وشرق سورية وجنوبها معاً في استراتيجية تفاوض من موقع القوة لفرض شروط الحل أو تقسيم البلاد، في حال لم يتم التوافق على الحل الذي لا يناسبها، لكن هذا الخيار لم يحسب حساب الجيش العربي السوري والمقاومة الوطنية الشعبية التي ستُعيد جنودهم محمّلين بصناديق إلى بلادهم.

إن "داعش" لها المصلحة والحقيقة المستفيدة ميدانياً وسياسياً من استمرار هذا العدوان، ما لا تقرّ به ولا تقبل شعوب المنطقة والعالم حيث يناسب ويحقّق أهداف السياسة الأميركية. أما ادّعاء الحلف المُعادي تحويل الرقة إلى مدينة آمنة بعد اتمام مسرحية خروج "داعش " منها، حيث يصبح نواة لأيّ مشروع تقسيمي قادم حسب مشروعهم وورقة تفاوض بيد واشنطن على طاولة المفاوضات، وعودة واشنطن إلى هذه الطاولة الرئيسية الخاصة بالوضع السوري.

ولجهة محاولة واشنطن السيطرة على مطار الطبقة وتجهيز مطار هاجر، وهناك استعدادات لتجهيز مطارين في القامشلي، من هنا يأتي استهداف مطار الشعيرات ظناً منهم أنهم يخرجونه من الخدمة لتأمين حدود الأمان لتمركزهم في المناطق الشرقية لسورية، والسيطرة على الطريق الواصل من طهران إلى بيروت كما هم يحلمون. في هذا الإطار يأتي التنسيق والعدوان بين العدو الصهيوني والإدارة الأميركية، كان آخرهما العدوان على أهداف عسكرية للجيش العربي السوري في منطقة تدمر مستثمرين ومستغلّين اتفاقية السلامة الجوية مع أميركا فوق سورية بين روسيا والإدارة الأميركية.

ونظراً للأهمية الاستراتيجية والخصوصية في جنوب سورية ومحاذاتها لفلسطين المحتلة والجولان المحتل، والدعم المُطلَق لهذه العصابات الإرهابية الوهّابية من العدو الصهيوني والنظام الأردني ومخابراته عبر غرفة موك، ومن خلال الحماقات المتكرّرة والعدوان الصهيوني على بعض الأهداف في سورية تحت ذريعة نقل الأسلحة وتواجد قوات لحزب الله في الجنوب السوري، جاء التحذير شديد اللهجة تحت عبارة (أياً كان ) لأجل ذلك نحن ننتظر بفارغ الصبر البيان رقم (2) من غرفة العمليات المشتركة لقوات الحلفاء عن أيّ عدوان خارجي يستهدف الجغرافية السورية وهذا ما نراه ونتوقّع حدوثه.

ما يؤكّد ذلك تقول موسكو: مستعدون لكل الاحتمالات والتطوّرات في سورية، وما قاله وليد المعلم بعد انتهاء اجتماع وزراء خارجية روسيا إيران سورية لدينا إجراءات مشتركة لصدّ أيّ عدوان يتم شنّه على الأراضي السورية.

 

Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://emediatc.com/?page=show_det&category_id=15&id=44905