وجهات نظر

واشنطن تضغط على موسكو .. أبواب الدبلوماسيّة مهددة

حسين سمّور


الإعلام تايم -المنار

 

منذ أن دخلت الولايات المتحدة الامريكية بثقلها العسكري في الميدان السوري قبل أيام، تبدل المشهد بصورة كبيرة، وارتفعت حدّة الكباش السياسي وسط تلويح بضربات عسكرية جديدة من هنا وهناك هذه التطورات الحاصلة في سورية ومن ورائها في الدوائر الدولية والاقليميّة المتعلقة بالأزمة تبشر بمزيد من التوتر والتصعيد المتبادل.

 

حتى هذه اللحظة لم تنجح الدول الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة بشكل حقيقي وفعال في فرض أجندتها بعد العدوان الامريكي على سورية، وبعد هذه الضربة أيضاً تحاول واشنطن جاهدة العمل على إيجاد شرخ بين روسيا وحلفائها في المنطقة وعلى وجه التحديد "إيران"، بغية فرض نفوذها بشكل أكبر على الساحة السورية ووضع ضغوط أكبر على موسكو. فواشنطن تعلم تمام المعرفة أن اي محاولات ضغط على ايران للابتعاد عن الرئيس السوري بشار الأسد كمن يحاول البحث عن ماء في سراب، لذلك تلجا اليوم للضغط على روسيا والتي لن تكون بوارد خسارة كل ما عملت عليه خلال سنوات في سورية وتقديم كل شيء على طبق من ذهب لواشنطن، – ولكن لا باس من محاولة يقول الأمريكي –  فاللهجة الامريكية تبدو واضحة وصريحة كما الأداء المتبع منذ أيام، وهو ما ظهر في كلام رئيس الدبلوماسية الأمريكية ريكس تيلرسون الذي خيّر موسكو على هامش قمّة الدول السبع في ايطاليا بين واشنطن من جهة أو الرئيس السوري بشار الأسد وايران وحزب الله من جهة أخرى، معتبراً أن موسكو ربطت نفسها بتحالف مع الأسد غير جدير بالثقة على حد تعبيره. كما أن زيارة تيلرسون الى موسكو لن تكون في مضمونها ورسائلها بعيدة عن مطالبات واشنطن لموسكو بالابتعاد عن الرئيس السوري وايران.

 

ولا تبدو واشنطن وحيدة في محاولات حشرها لموسكو بهدف اخراجها، فالمواقف الأوروبية وعلى رأسها الفرنسية والألمانية تأتي متطابقة مع واشنطن من حيث دعوة موسكو لدعم العملية السياسية من أجل تسوية سلمية في سورية والتعاون مع المجتمع الدولي. ولكن كل محاولات الحشر والتضييق والضغط التي تمارس على موسكو، إزاء خيارات واشنطن وتوجهاتها بعد العدوان على سورية تبدو في العين الروسية ضمن مخطط تحاول الولايات المتحدة الأمريكية من خلاله تحقيق مكاسب أكبر في سورية، فيلوح البيت الأبيض بالقيام بضربات عسكرية جديدة، في وقت يعود الكلام في السر والعلن عن رغبة أمريكية بالسيطرة على مناطق على الحدود الأردنية تمتد لتصل الى وسط سورية، وهي تعمل على هذا الأمر وبدأت باستقدام تعزيزات عسكرية كبيرة على مناطق قريبة من المتوسط، والى الأردن أيضاً. وظهرت اليقظة الروسية بشكل حاسم في كلام الرئيس فلاديمير بوتين الذي اعتبر أن ما تحاول أمريكا القيام به اليوم شبيه بما حصل في العراق عام 2003 عندما بدأت القوات الأمريكية حملتها على بغداد، وكشف بوتين عن مخططات يحضر لها ستستخدم خلالها الاسلحة الكيميائية في منطقة دمشق ليتهم النظام بها، وتؤخذ كمبرر لهجمات جديدة على سورية.

 

واشنطن ترفع السقف مستخدمة لغة التهديد والوعيد، وموسكو تبدو يقظة من الهجمة الامريكية على سوريا بعد أن تنحى التركي جانباً، وبالتالي فإن الكباش الحاد سيستمر وربما يصل الى مكان تكون فيه القطيعة الدبلوماسية بين الأمريكي والروسي إذا ما واصلت واشنطن هجومها وفشلت زيارة تيلرسون الى موسكو وسقطت أوراقه "المسمومة" التي يحاول توزيعها لتحصيل مكاسب كبيرة على الساحة السورية.

الوضع حاد وحرج للغاية، واللقاءات مستمرة الى حين وربما الى ما هو أبعد، كما أن وزراء خارجية كل من سورية وإيران سيصلون بعد أيام الى الساحة الحمراء في روسيا للبحث في آخر التطورات، والوقوف على ما يريده الأمريكي في هذه المرحلة، لتبقى الأمور مفتوحة على كل الاحتمالات…

Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://emediatc.com/?page=show_det&category_id=15&id=44771