تحقيقات وتقارير

في ذكراها الـ17.. مجزرة جنين شاهد على إجرام الصهاينة


خاص الاعلام تايم


"إن الوضع في مخيم جنين مذهل ومروع لدرجة لا تصدق.. الروائح الكريهة المنبعثة من الجثث المتحللة تحوم في أنحاء المخيم.. يبدو كما لو أنه تعرض لزلزال، شاهدت فلسطينيين يخرجون جثثا من بين حطام المباني المنهارة، منها جثة لصبي في الثانية عشرة من عمره"، هكذا وصف تيري رود لارسن، الممثل السابق للأمين العام للأمم المتحدة في الشرق الأوسط، الوضع في مخيم جنين بعد المجزرة الاسرائيلية في نيسان 2000.


في الذكرى الـ17 لمجزرة جنين شمال الضفة الغربية في فلسطين المحتلة التي ارتكبتها قوات الاحتلال الاسرائيلي في الفترة الممتدة من1_12 نيسان في العام 2000 بحق أبناء الشعب الفلسطيني، الكيان الصهيوني المستمر في مجازره في كل بقعة من الاراضي المحتلة يعطي الاشارة لقواته باقتحام مدينة جنين فجر اليوم ليعيد الى أذهان أبنائها ذكرى سوداء لن تمر كما يحب ويشتهي ذلك الكيان الغاصب.

 
 
 

ورغم أن الهدف الذي أعلنه جيش الاحتلال لاقتحام المخيم هو القضاء على العناصر المسلحة القاطنة به، فإن ما حدث كان بمثابة تصفية لعدد كبير من المدنيين العزل والأطفال والشيوخ، حتى أن جيش الاحتلال الإسرائيلي رفض دخول المساعدات الطبية أو إسعاف الجرحى، وقتل واعتقل منهم الكثيرين بلا رحمة أو إنسانية تذكر، فأصبح المخيم مسرحًا لمعركة شرسة بين طرفين أحدهما منهك ومنزوع القوى، لكنه تمتع بالإرادة الكافية لقتل 23 جنديًا إسرائيليًا، مقابل ما يزيد عن 300 شهيد فلسطيني.


أعمال القتل العشوائي واستخدام الدروع البشرية ومنع المساعدات الطبية والاعتقال التعسفي وممارسة التعذيب ضد المعتقلين، جميعها كانت من ملامح المجزرة، والتي قال عنها الروائي البرتغالي "خوسيه ساراماجو" بعد زيارته للمخيم إثر المذبحة: "كل ما أعتقدت أنني أملكه من معلومات عن الأوضاع في فلسطين قد تحطم، فالمعلومات والصور شيء، والواقع شيء آخر، يجب أن تضع قدمك على الأرض لتعرف حقاً ما الذي جرى هنا.. يجب قرع أجراس العالم بأسره لكي يعلم أن ما يحدث هنا جريمة يجب أن تتوقف.. لا توجد أفران غاز هنا، ولكن القتل لا يتم فقط من خلال أفران الغاز.. هناك أشياء تم فعلها من الجانب الإسرائيلي تحمل نفس أعمال النازي أوشفيتس.. إنها أمور لا تغتفر يتعرض لها الشعب الفلسطيني".


انتهت المجزرة مخلّفة 1300 أسرة مشردة في الشوارع لا مأوى لها بعد تدمير منازلهم لعدة أسباب منها هدم 484 منزل بشكل كلي، و7000 منزل بشكل جزئي وإلحاق الضرر بـ1300 آخرين، فكان معظمها غير صالح وغير آمن للسكن. "ناصر فراحته" رب أسرة تضررت من مجزرة "جنين" وفقد منزله وظلت أسرته مشردة في الشوارع لفترة زادت عن 20 يومًا، روى ما تعرض له من أحداث مأساوية لوكالة الأنباء والمعلومات الفلسطينية "وفا"، فقال: "جرافات الاحتلال هدمت منزل العائلة المؤلف من ثلاثة طوابق، مدمرة بذلك أربع شقق مأهولة ومحلات تجارية كانت مصدر رزق للأسرة التي يزيد أفرادها عن 18 فرداً"، وتذكر مأساة المخيم قائلًا: "بدأ الناس بالهروب من منازلهم بشكل اضطراري حفاظاً على أرواحهم من الموت، وأتذكر لحظة مغادرة منزلنا الوحيد، كان الناس يتراكضون بلا وعي، لا يعرفون حقيقة ما يجري". "توجهت جموع الهاربين من الموت إلى مناطق مختلفة، وأفراد أسرتي تشتتوا، قسم في منازل قريبة وآخر في جمعية الهلال الأحمر، وقسم غادر المخيم إلى قرى مجاورة، إنها مأساة حقيقية انتهت بفقدان المنزل الذي ضمنا لسنين طويلة وتشتيتنا في بيوت مختلفة في المدينة"، معاناة حقيقة مليئة بالأوجاع عاشتها أسرة "فراحته" الذي أكد أن كل ماحدث إرهاب بمعنى الكلمة وتهجير قسري للفلسطينيين عن وطنهم.


كما تحدث شهود عيان أكدوا أن شاحنات إسرائيلية شوهدت تدخل المخيم وتخرج منه وهي محملة بجثث الشهداء ومتجهة إلى جهة مجهولة وقال بعضهم فيما بعد أنها اتجهت إلى غور الأردن ودفنتها في قبور جماعية، فيما قال متطوعون في الطواقم الاسعافية "إذا كان العالم قد صمت ولم يحرك ساكناً خلال تنفيذ المجزرة ولم يقم بأي جهد لإنقاذ حياة الجرحى والأحياء (تحت الأنقاض) فهل سيتحرك اليوم للكشف عن الأموات؟".‏
الوضع في المخيم بعد المجزرة..‏ حشد العدو الإسرائيلي في حرب الإبادة الجماعية التي يشنها على الشعب الفلسطيني قدراته العسكرية والاستخباراتية والدبلوماسية والإعلامية وجميع أساليب الكذب (واليهود أساتذة كبار في فن الكذب) والتضليل والخداع لتدمير البنى المادية والبشرية للانتفاضة والمقاومة، حيث تجلت وحشية وهمجية إسرائيل في تدمير المخيم والبلدة القديمة في مدينة نابلس والإعلان بوقاحة تفوق وقاحة النازيين ولا مثيل لها على الإطلاق في التاريخ البشري.


حرب الإبادة التي تشنها قوات الاحتلال الصهيوني على الشعب الفلسطيني في مخيماته ومدنه وقراه حرب للدفاع عن وجود "إسرائيل". ولكن انتصاراتها بسبب التأييد الأميركي والأوروبي والتخاذل الرسمي العربي كانت دائماً انتصارات مؤقتة وقصيرة الأجل لأنها كانت تواجه وستواجه بمقاومة بطولية وعمليات استشهادية لن تتوقف، مما حرمها ويحرمها وسوف يحرمها من الأمن والاستقرار والشعور بالأمان.‏

 

 

 

Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://emediatc.com/?page=show_det&category_id=44&id=44524