وجهات نظر

باختصار: قمة تفوقت على نفسها

زهير ماجد


الاعلام تايم_الوطن العمانية


كما كان متوقعا من مؤتمر القمة العربي الثامن والعشرين، وكما هي سياسة الأردن العربية القائمة على التوازنات الدقيقة، فقد نوفر للواقع العربي إمكانية أن تتغير ملامحه وخطواته، وأن نقول بصراحة ما لم يكتب في بيانه الختامي، اننا أمام ما قبل التصالح العربي ودفن المعوقات. فازت سورية هذه المرة بما يليق بتضحياتها حين أقر المؤتمر الذي كانت كأنها حاضرة فيه ولم تكن، بكل ما هو من أهمية لها في حربها ضد الإرهاب، وفي ثباتها على وحدة أراضيها ومؤسساتها ودولتها ونظامها وشعبها وجيشها. لا شك أن التقدم الذي أحرز في هذا الصدد إنما هو تعبير عن شوط كبير وإيجابي مارسه "جميع" أعضاء المؤتمر ولعب فيه الأردن مهندس أفكار وتطلعات، وهو يعرف أن سورية التي تمر في أحلك ظروفها تحتاج للكلمة الشجاعة والموقف الكبير.


بكل بساطة يدفن العرب بعد هذا المؤتمر ما ترتب في مؤتمرات قمة سابقة ليتم فتح صفحة جديدة يؤمل منها أن تكتب حاضرا كمقدمة لمستقبل واعد. لا نخاف على العرب عندما يعوزهم الإيمان بكونهم وحدة حال، فتراهم يعبرون اليأس، يذهبون إلى منطق السماحة آخذين بعين الاعتبار أن كل شيء يتغير، وأن الميت وحده هو من لا يتغير.


كان مؤتمرا إذن تفوق في قولة الحق حين أحاط سورية بتلك العناية الفائقة فكان موقفه تعبيرا عن عمق التزامه بعودة السلام إلى سورية، ونحن نعرف أن العرب جميعا تأذوا من الإرهاب ودفعوا أثمانا باهظة في الأرواح والممتلكات بسببه، وأن هذا الإرهاب يجب دفنه بمساعدة سورية وبتقديم العون للعراق وليبيا وتخليص اليمن. ربما لم يقل المؤتمر كيف تلك المساعدة، لكن مجرد الموقف الإيجابي الذي اتخذه فقد عبر عن ذلك بين السطور والكلمات.


لعل شجاعة الرئيس اللبناني ميشال عون كانت الأميز حين أرسل كلمات كأنها استغاثة لكنها في الوقت ذاته صادمة للحاضرين، فهو تحدث عن جرح عربي وليس فقط عن سوري وعراقي وليبي ويمني، قال ما معناه ولو بصيغة الجمع، إنه صحيح أن سورية مصابة والعراق وليبيا واليمن، لكنها الأمة جمعاء تدفع الثمن، فهي بالتالي صاحبة الجرح، وهي التي طالبها بأن تتمكن من إغلاقه ومسؤوليتها أن تعمل على تجاوز محنتها، منهيا كلامه التاريخي بقوله اللهم إني قد بلغت وكأنه يستبق زمنا صعبا.


لا شك كما قلنا إن الأردن لعب دورا في هندسة الكلمات، حتى أن عين نفسه وصيا على أزمات العرب فكانت الوصفة التي جاءت بالنسبة لسورية على الأخص، وهو بالتالي توأم العراق لا يمكنه إلا أن يكون واضحا في موقفه منه وفي تغليب لغة السلاح التي يخوضها من أجل تحريره من الإرهاب .. وكلنا يعلم مدى عذابات العراق التي لم تبدأ فقط من يوم الاحتلال الأميركي له، بل منذ تاريخه الأسود مع الكويت.


سيظل يقال في مؤتمرات القمة العربية القادمة، إن ثمة واحدة أقيمت في الأردن عام 2017 صنعت نقلة نوعية في المواقف العربية، وترجمت توجها جديدا ربما يكون سباقا على فعل مطلوب يتحقق في مستقبل تلك القمم الموعودة. فهل ذلك تمهيد لحدث أو أحداث إيجابية ترسم حالة عربية خلاصية. سؤال برسم الأمل .. مع التنويه بتمسك المؤتمر بما يجب أن تفوز به القضية الفلسطينية دائما وفي كل المؤتمرات.

Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://emediatc.com/?page=show_det&category_id=15&id=44515