وجهات نظر

باختصار: في الوقت الضائع

زهير ماجد


الإعلام تايم- الوطن العمانية

 

ينسى المسلحون الإرهابيون دائماً أنهم أمام جيش مختلف، لكن عقيدته واحدة، فيتسابقون إلى المحاولة علهم يغيرون معادلات الأرض والميدان. يقال إن العمليات التي يقومون بها في منطقة العباسيين عمرها ثلاثة أشهر، وكان يجب أن تنفذ منذ ذلك الوقت، لكن المعارك فيما بين الفصائل المسلحة أرجأت المحاولة، فإذا بها تصادف قبل جنيف 5 بأيام والذي موعده اليوم، ما يعني أنها مرتبطة بشكل وثيق بهذا الموعد.

محاولتهم العسكرية إذن صورة ميدان أولاً، وثانياً هي خطوة من أجل تغيير المعادلة القائمة رغم معرفتهم صعوبة حصوله، وثالثاً ينتظر مسؤولو الفصائل المسلحة من مقاتليهم ولو لفتة نصر صغير كي يعلنوه ترجمة في مباحثات اليوم. المسألة كلها لها ارتباط بالسياسة، بمفهوم الخبط على الطاولة والدخول إلى قاعة الاجتماعات مثل أي طاووس منفوش الريش.

 

كان الرهان منذ العام 2012 اجتياح دمشق العاصمة، فقد انتظر من انتظر، أن يدق باب المهاجرين ليقال إلى الرئيس الأسد أن سلم نفسك، أو أنه يكون قبلها قد غادر طوعاً. كل المحاولات التي زنرت عاصمة الأمويين دمشق لم تفلح في الاقتراب أكثر مما هو مسموح لها في لعبة المؤامرة الأكبر على سورية. مرت السنوات الأربع دون جدوى من اختراق مدينة المدن دمشق رغم كل الإعلان الذي كثيرا ما ضخم الوجود الإرهابي حولها ووضع لها توقيت السقوط في يده، إلا أن الحياة العادية ظلت تجري كما أن لا حروب حولها ولا تهديدات، وكل من ذهبوا إليها وعادوا منها وصفوا حياتها بالطبيعية والعادية، وأن كل شيء فيها على طبيعته المعروفة، أناسها صامدون، والعمل على قدم وساق، والمدارس تستقبل طلابها، وكذلك الجامعات، والفنانون يرسمون لوحات من وحي الحب والإنسانية والطبيعة، والمغنون يذهبون لتسجيل أغنياتهم في الإذاعة التي لم تتوقف ثانية واحدة، والتلفزيون السوري المخصص للدراما يبث بشكل عادي مسلسلات من وحي ما يجري أو قصص حب وغرام، ودمشق القديمة عابقة بروائح تاريخها والناس فيها دائمة الحركة، وبناء البيوت جارٍ كعادته، والمطاعم مزدحمة بالآكلين، وحتى دور السينما لم تتوقف، والصحف تصدر وبها كتابات المرحلة، والمقاهي تستقبل زبائنها، فمنهم من يدخن الشيشة، ومنهم من يلعب النرد، ومنهم من يناقش مجموعة تلتف حول رأيه … كثيرة هي معاني الحياة في العاصمة السورية الأبية التي ما زالت إلى اليوم منذ أن أطلقت رصاصات المؤامرة على سورية.

 

أما حول دمشق فكانت المعارك ليل نهار، وكان الجيش العربي السوري يتنقل من نصر إلى آخر يدفع فيها فاتورة شهداء باهظة دون أن يعني الأمر توقفا عن الصراع مع الإرهاب الذي كم سموه في البداية تحركات إصلاح، وتبين للعالم أن المقصود إسقاط سورية بكل ما فيها من دولة ونظام ورئيس وشعب ومؤسسات…

معارك العباسيين والقابون وجوبر الأخيرة، لم ترد الاستفادة من كل هذا التاريخ المعلن والمشاهد والمجرب. جاء المسلحون الإرهابيون في الوقت الضائع، وفي الزمن السوري المزين بانتصارات ما زالت واجهتها حلب، حاولوا فتركوا قتلاهم شواهد على إخفاقهم، ولسوف يحاولون كلما حان توقيت سياسي يريدون من خلاله تحقيق مكسب على الأرض يفرض شروطاً في المؤتمرات.

Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://emediatc.com/?page=show_det&category_id=15&id=44326