وجهات نظر

باختصار: تاريخ من تاريخ

زهير ماجد


الاعلام تايم_الوطن العمانية

كنت في دمشق في ذاك اليوم الذي اندلعت فيه أحداث درعا كمؤشر على بداية الحرب على سورية، حين سئلت بالصدفة عن تصوري لما قد يجري، قلت بأنها حرب تصفية لن تنتهي بسهولة وقد تمتد سنين لأن المطلوب إنهاء الحكم وتغيير سورية رأسا على عقب، هي المؤامرة التي لم تنتهِ بالضربة الكبرى في حماة وفي كل سورية.. وأضفت أن تنفيذ المؤامرة على بلدان عربية قبل سورية، إنما هي من قبيل خلق نماذج متعددة في عملية إسقاط قادة عرب وأنظمة قد يصلح بعضها لها أو كلها … وكان برأي صناع المؤامرة يومها والذي كشف لاحقا، أنه إما أن يهاجر الرئيس الأسد مثلما فعل زين العابدين بن علي، أو يتدخل الجيش ضده كما فعل الجيش المصري مع حسني مبارك، وإما أن تنطلق فوضى مسلحة فتودي بالرئيس مثلما حدث لمعمر القذافي..

في بيروت، قابلت بالصدفة صحافيا أعرف المعية دماغه وقدراته التحليلية والمعلوماتية، فاتفقنا أن هذه الحرب سيكون عمرها عشر سنوات على الأقل، لسبب بسيط، أنهم لن يتمكنوا من إسقاط: الأسد أولا، ومن اللعب على الجيش العربي السوري بتفتيته ثانيا، ومن ثم فرز قوى شعبية بأعداد غفيرة لممارسة الفوضى المسلحة، وهو ما لم يحدث، فكانت الاستعانة بالخارج ثالثا، ثم تفتيت الدولة والحكومة والأجهزة المختلفة وخصوصا السلك الدبلوماسي .. كل هذا لم يحصل وانتهى عهده مع انهيار عدد من المسؤولين لا تتجاوز أصابع اليد الواحدة.

اليوم وبعد دخول المؤامرة عليها السنة السابعة، يتطلع اللاعبون باندهاش إلى دولة عصية عليهم، وإلى رئيس قال مؤخرا إنه لم يفكر ولن يفكر إطلاقا بالخروج من سورية، وإلى جيش يتطلع إليه العالم بإعجاب وتساؤل حول مصادر قوته التي لم تتزحزح والتي لو واجهت أعتى جيوش العالم لما صمد شهورا ، بل هو يتحضر أيضا إلى معارك كبرى وفاصلة، وإلى شعب صابر صامد ما زال يلتف حول دولته ورئيسه وجيشه ونظامه، وإلى مؤسسات وطنية ما زالت كأن الحرب لم تمسها.

لا شك أن دراسات غربية، العرب لا يدرسون، تبحث عن مكامن قوة سورية التي مكنتها من الصمود طوال السنوات الست، ويبدو أنها مؤهلة لأن تصمد أكثر بكثير مما هو متوقع وموضوع له لدى هذا الغرب الذي يعيد النظر في مواقفه وتوجهاته، وأن سورية دخلت في شتى المتغيرات الدولية وفي بيانات الانتخابات التي ستواجهها فرنسا وربما أوروبا وأميركا أيضا.

العقل المؤامراتي الغربي يضع الخطط بالجملة وقد تكون متشابهة لهذا البلد أو ذاك، لكنه لم يدخل في عمق سورية العربية ولم يعرف تاريخها ولم يتسن له أن يعرف شعبها وأن يقرأ في عقيدة جيشها، وأن يتعرف على السبب الذي سيجعل روسيا في قلبها وإيران أيضا، ومن ثم قوى متعددة كان لا بد لها أن تتطلع استراتيجيا إلى مشاركتها في الدفاع عنها كحزب الله وآخرين.

عندما كتب للشام الشاعر سعيد عقل أحد الأبيات التي تناولها بها وهو "شآم يا ابنة ماض حاضر أبدا/ كأنك السيف مجد القول يختصر" كان يقدم شهادة من التاريخ على تاريخ مستمر فيه الخلاصة التي قيل فيها وهي قلب العروبة النابض، وأن من يجلس في دمشق يطل على القدس كما فعل صلاح الدين ويصون لبنان ويعين الأردن ويهفو على العراق ويعايش مصر. هي الشام المجد الذي لم يغب.

Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://emediatc.com/?page=show_det&category_id=15&id=44224