وجهات نظر

خشية إسرائيلية من "ميناء بحري" إيراني... في اللاذقية

يحيى دبوق


الإعلام تايم-الأخبار

تعكس تحركات المسؤولين الإسرائيليين النشطة حجم الهاجس من ترسخ الوجود الإيراني في سورية والشرق الأوسط، الذي كان آخر فصل فيه الحديث عن "بناء ميناء بحري إيراني" في اللاذقية. ويرتكز خوف إسرائيل الرئيسي على احتمال قدرة القوات الإيرانية على الانضمام سريعاً من تلك القاعدة إلى حزب الله، في أي مواجهة قد تنشب بينه وبين إسرائيل

حافظت إسرائيل أمس كما في الأيام الماضية، على وتيرة مرتفعة للمواقف والتقارير التي سبقت وواكبت وأعقبت زيارة رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو لموسكو، و"حمله" ملف تعاظم التهديد الإيراني وحزب الله في سورية، إلى القيادة الروسية.

ركيزة الحملة، كما عبّر عنها نتنياهو أمام الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، هو هاجس إسرائيل من ترسخ الوجود الإيراني في سورية، مع الحل السياسي الذي ينشغل فيه الروس، أو من دونه، لإنهاء الحرب السورية، وبما يشمل ما تقول تل أبيب: "بناء ميناء بحري إيراني" على الساحل السوري، من شأنه أن يشكّل خطراً وتهديداً غير محمولين.

رفع الصوت الإسرائيلي عالياً أمام الروس، والتأكيد المفرط للمواقف والتقارير العبرية على "الخطر البحري" الإيراني من سورية، الذي من شأنه "تغيير موازين القوى في المنطقة"، يستأهل الكثير من التأمل، خاصة أنه يأتي في موازاة تحذيرات إسرائيلية مشابهة، عن خطر تشغيل "ممر بري" من إيران عبر العراق، إلى سورية، وأيضاً من "قوى كردية" تتعاون مع طهران، لنقل السلاح إلى سورية.

التحذير الإسرائيلي يتركز على "نية" طهران بناء ميناء بحري، تقول تقارير تل أبيب إنه سيقام على ساحل مدينة اللاذقية، وهو السبب الذي دفع نتنياهو كي يصطحب معه إلى موسكو رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية هرتسي هليفي، ليقنع الروس بحقيقة "الميناء البحري" الإيراني، و"هول التهديد" الذي يشكّله.

مصادر أمنية إسرائيلية أكدت أمس لموقع "واللا" العبري أن "الخشية الإسرائيلية كبيرة جداً"، من أن تستغلّ إيران "الفراغ السياسي" مع دخول الرئيس الأميركي الجديد دونالد ترامب، إلى البيت الأبيض، في مسعى منها (إيران) لتعزيز تأثيرها المتنامي في منطقة الشرق الأوسط. تؤكد المصادر نفسها، وجود تهديدين رئيسيين بارزين: ميناء بحري إيراني على الساحل السوري من شأنه الإضرار بالتفوق البحري العسكري الإسرائيلي، وكذلك الممر البري من الحدود العراقية ــ السورية الذي يعبّد الطريق أمام "ممر جديد" لنقل السلاح عبر العراق.

المصادر الأمنية الإسرائيلية حذّرت من أنّ "الميناء الإيراني" في سورية، يتيح للجيش الإيراني حرية مناورة وعمل عسكري أوسع في مواجهة إسرائيل، إذ مسافة 170 ميلاً بحرياً فقط تفصل اللاذقية عن الساحل الإسرائيلي، وهي "مسافة مائية قصيرة جداً"، تمكّن طهران من الاحتكاك السريع مع البحرية الإسرائيلية، و"تمكّنهم أيضاً من مراقبتها في الحالات الروتينية، أما في حالات الطوارئ، فسيتمكنون من الانضمام سريعاً إلى حزب الله، في أي مواجهة قد تنشب بينه وبين إسرائيل... الأمر الذي يفرض على سلاح البحرية إعادة تقدير الوضع، وإعادة الانتشار بناءً على التحديات المقبلة".

وما يقلق إسرائيل، أيضاً، الدور الكردي في "تسهيل" نقل السلاح الإيراني إلى سورية. هذا ما ورد أمس في تقارير عبرية، ومنها موقع "واللا"، الذي أشار إلى أنه في الوقت الذي تضغط فيه تل أبيب على موسكو لمنع "الخطوة الإيرانية"، بما يشمل حثها على قطع الطريق على "لواء القدس" التابع للحرس الثوري الإيراني باتجاه سورية، يسعى الإيرانيون إلى فتح الطرق التي توصل السلاح الإيراني مقاصده... و"طهران نجحت في تجنيد قوى من الكرد، أتاحت لها نقل وسائل قتالية ومنظومات عسكرية مختلفة، باتجاه لبنان وقطاع غزة".

إلا أن الميناء البحري الإيراني، المنوي لاحقاً إقامته، وكذلك الممر البري من العراق، غير المتاح عملياً في هذه المرحلة، ونقل السلاح عبر القوى الكردية، المجهولة الهوية حتى الآن، هي استعراض إسرائيلي لتهديدات آتية، مرتبطة بالتطورات الميدانية الأخيرة في سورية، وبمرحلة ما بعد الانتصارات التي حققتها الدولة السورية وحلفاؤها. هي ضمن سلة نتائج الانتصار، أقله من ناحية نظرية، وليست حالات منعزلة عن الانتصار نفسه. رفع الصوت الإسرائيلي عالياً، تحذيراً من هذه النتائج، هو في واقع الأمر، تحذير من انتصار الدولة السورية ومن انكسار مشروع إسقاطها.

Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://emediatc.com/?page=show_det&category_id=15&id=44151