وجهات نظر

باختصار: العالم الذي يتغير

زهير ماجد


الإعلام تايم- الوطن العمانية

العالم يتغير، بدله مستخدمو الشعارات الإسلامية. منذ أن أطلقوا رصاصتهم الأولى، كانت فكرتهم قد حاصرت الأمل في عالم ثابت الحقائق، ولم يطل الوقت حتى سيطرت على هذا العالم علامات القلق والخوف التي لم يعتدها من قبل، الأمر الذي صار دافعا إلى التغيير والتبديل.

أوروبا اليوم هي غيرها بالأمس .. ما فعله مستخدمو الشعارات الإسلامية أسس بداخلها نموا من التعصب القومي، والذي لا يمكن مقاومته أو تبديل قناعته. صار السؤال في بلدانها عما يمكن فعله لتجاوز هذه الحالة المرضية. صار السؤال الشعبي للحكومات: إلى متى الصمت والحصار النفسي يزداد؟ هو بحث عن حقوق المواطنية في أن تعيش بأمان كما كانت، وأن يكون السلام الوطني رأسمالها الوحيد، صحيح أنها قارة عجوز، وفي هذه الحالة فهي تحتاج لراحة بال، فيما اندفع مستخدمو الشعارات الإسلامية في اختراقها مما سبب لها وجع رأس ودفعها إلى التمسك بهويتها طارحة بكل جرأة أن لا مكان للمسلمين بيننا.

علينا أن نفهم هذا الأوروبي الذي خسر حياته الهانئة فصار يترقب من يرفع عنه هذا الضيم، إذا أحصينا الواقع الأوروبي اليوم، سنجد أنها جميعا تتجه إلى اليمين بل إلى أقصاه، وأن الأحزاب التي تدعو إلى إخراج المسلمين من البلاد هي المترقب لها أن تنجح في انتخاباتها المفترضة سواء في هولندا، أم في الدنمارك أم في فرنسا وغيرها، هي لعنة حولها مستخدمو الشعارات الإسلامية إلى ضربة على رأس كل مسلم يعيش اليوم في البلاد الأوروبية، وكل أمله أن يستمر بعدما صارت أوضاع بلاده في منتهى السوء والعيش فيها ممنوع ومحرم.

من المؤسف القول، إن بلدانا أوروبية ساهمت في أزمات المنطقة، بل كانت قوة من قوى عديدة أدت إلى واقع الحال، فرتبت على نفسها ما تحصده اليوم وما قد تحصده غدا عندما لا يبقى مكان للإرهاب في سوريا والعراق وفي ليبيا، فهو سوف يتجه إلى مموليه سائلا عن المكان الذي يفترضونه مربطا له.

إن فهم ردود الأفعال الأوروبية التي برزت في الأيام الأخيرة، هي التحول الطبيعي القادم للواقع المتغير الذي ستحصده أحزابها اليمينية، والتي لا تحمل فقط العداء للمسلمين، بل في رأس أولوياتها أيضا خروجها من الوحدة الأوروبية بعدما وضعت بريطانيا الحجر الأول في هذا التوجه وفعلته في استفتاء شعبي وليس مجرد وجهة نظر رسمية.

القادمون من أوروبا اليوم وحتى المقيمون فيها من مسلمين، يقرون بالتغيير المتوقع للبلدان التي تحتضنهم .. كان الفكر الأوروبي يعمل على صهر تلك المجموعات الإسلامية التي ضمها ضمن مفاهيمه وأفكاره وحتى عاداته وقيمه، لكنها رغم مرور الزمن عليها لم تستطع "الأوربا" أي أن تصبح أوروبية، ظلت كما جاءت ووصلت إليها، لم تغير نموذج حياتها ولم تقبل أن تكون جزءا من الحياة الاجتماعية الأوروبية، سقوط هذا الرهان الأوروبي دفع الأوروبيين بالتالي إلى الإيمان بما قاله يوما الكاتب المصري الراحل سلامه موسى بأن "الشرق شرق والغرب غرب ولن يتوافقا".

من هنا نفهم القلق الأوروبي المهموس وعضه المعلن، وإذا فهمنا أسبابه، سوف نتعرف على المفاجآت التي ستحملها انتخاباته القادمة، وقد لا نعرف ردود الأفعال تجاه المسلمين إذا ما صار هذا التغيير واقعاً مطبقاً.
 

Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://emediatc.com/?page=show_det&category_id=15&id=44120