وجهات نظر

تدنيس وتدمير دليل على الثقافة الإسرائيلية الحاقدة


الاعلام تايم- الوطن العمانية

بعيدًا عن المبالغات والمزايدات، فإن الأوضاع التي تمر بها المنطقة عامة والوضع العربي خاصة لا تزال تواصل إفراز المفارقات والتناقضات التي تتجاوز في إسفافها حد المسرحيات الهابطة، ذلك لما هذه التداعيات الخطيرة من نتائج كارثية على صعيد القضايا المركزية للعرب خاصة والمنطقة عامة، حيث بدت واضحة حالة الاستغلال الإسرائيلي لهذا الوضع المتردي في النيل من رموز العقيدة الإسلامية ألا وهو المسجد الأقصى (أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين)، والمس بحقوق الشعب الفلسطيني (شقيق الشعوب العربية)، حيث باتت حالة التنازل والتفريط كأنها أمر مسلم به، للأسف الشديد.


فليس غريبًا إذن، والحال هذه، أن يجد كيان الاحتلال الإسرائيلي ومستوطنوه مرتعًا خصبًا، وأرضًا ممهدة للعربدة وانتهاك المقدسات الإسلامية في القدس المحتلة تحت مرأى ومسمع من العالمين العربي والإسلامي، وتحت حراسة مشددة من غيوم “الربيع الإسرائيلي ـ الغربي” ومؤامراته وكوارثه، حيث تتواصل الممارسات العدائية والانتهاكات غير الإنسانية وعمليات التهويد والتدنيس في كامل الأرض الفلسطينية وخاصة في مدينة القدس المحتلة والأقصى الشريف الذي يسعى الكيان المحتل ومستوطنوه إلى فرض واقع تدميري مستفز لا يهدف إلى تقسيم زمني ووقتي بين المسلمين والمتطرفين اليهود فحسب، وإنما يهدف من ذلك كمقدمة إلى نسف المسجد بأكمله.


إن قيام مجموعات يهودية متطرفة باقتحام باحات المسجد الأقصى وتدنيسه تحت حراسة شرطة الاحتلال الإسرائيلي بصورة مستمرة، لا يشكل استفزازًا لمشاعر ما يزيد على مليار مسلم فحسب، بل إنه بالإضافة إلى كونه يأتي في إطار مخطط التهويد للمدينة المقدسة فإنه يمثل دليلاً إضافيًّا آخر على حقد دفين تتميز به قلوب غلاة الصهاينة المتطرفين ضد كل ما هو عربي وإسلامي، وعلى كره متأصل في دواخلهم يُبرز بوضوح لا يقبل الشك ثقافة الإلغاء للطرف الآخر، والتي في الوقت ذاته تبرهن على عدم وجود استعداد لدى الكيان الإسرائيلي للرضوخ لمطالب المجتمع الدولي بوقف سرطان الاستيطان وتنفيذ قرارات الشرعية الدولية ذات العلاقة، حيث لم تنفك حكومة الاحتلال الإسرائيلي اليمينية المتطرفة برئاسة بنيامين نتنياهو وجميع أركان هذه الحكومة عن المحاولات الدؤوبة لعرقلة أي مسعى دولي نحو إيجاد حل دائم للصراع العربي ـ الإسرائيلي، فلا تزال أساليب المراوغة والاحتيال والالتفاف على الاستحقاقات المترتبة عليها والواجب عليها الالتزام بها، هي الحاكم لكل السياسات الإسرائيلية، بل والقفز على هذه الاستحقاقات بالمطالبة بتلبية إملاءات تناقض مقتضيات عملية السلام وكل الرؤى والخطط المطروحة والقرارات الدولية ذات العلاقة، فقد بدت إملاءات المحتل الإسرائيلي وشروطه معاول هدم لكل عمليات البناء في جدار السلام التي تضافرت الجهود العربية والفلسطينية بالتعاون مع القوى الكبرى والمؤسسات الدولية وصولاً إلى نهاية تعطي كل ذي حق حقه.


والمؤسف والمؤلم في الوقت ذاته، أن استباحة اليهود المتطرفين المسجد الأقصى عند باب المغاربة يوم أمس وبحراسة معززة ومشددة من قوات الاحتلال الخاصة وبمجموعات متتالية ومتضاعفة الأعداد جاءت متزامنة أمس مع قيام قوات الاحتلال الإسرائيلي بهدم منازل قرية العراقيب الفلسطينية في النقب للمرة الـ110 على التوالي، وهذا إن دل إنما يدل على ما وصل إليه الوضع العربي من شلل وعجز عن إبداء أي موقف لمنع هذا التدنيس والتدمير الذي يطول المقدسات الإسلامية والأرض الفلسطينية، ويؤكد في الوقت ذاته استمرار كيان الاحتلال الإسرائيلي في سياساته الاحتلالية، وفي التعبير عن ثقافته الإلغائية الحاقدة، وعدم اعترافه بحقوق الشعب الفلسطيني، وهو ما يطرح سؤالًا مهمًّا: إلى متى سيظل الوضع العربي مشلولًا وعاجزًا؟

Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://emediatc.com/?page=show_det&category_id=15&id=44031