تحقيقات وتقارير

"الخوذ البيضاء".. سلاحٌ آخر على السوريين


الإعلام تايم - نسرين ترك

 

ضجّت مواقع التواصل الاجتماعي ووسائل إعلام عربية وغربية بالحديث عن دور "إنساني" للمنظمة التي عرّفت عن نفسها بأنها "الدفاع المدني السوري"، وهم من يعرفون بـأصحاب "الخوذ البيضاء"، ووصفت نفسها بالحياد لما يجري على الأرض السورية، إلّا أنها اقتصرت "بحيادها" وعملياتها "الإنسانية" في مناطق انتشار المجموعات المسلحة شمال سورية، لتصنع من عناصرها "أبطالاً" و"رموزاً للأمل" في سورية، بلغت حدّ المطالبة بمنح المُنظمة جائزة "نوبل للسلام"..

 

فيلم "الخوذ البيضاء" الذي حاز على جائزة الأوسكار عن فئة أفضل فيلم وثائقي قصير، في الدورة 89 من الجائزة التي تتواصل فعالياتها في هوليود، عاصمة السينما في العالم، ما جعل حفل توزيع جوائز الأوسكار هذا العام، والذي يُعتبر من أهم الأحداث في عالم السينما، "دراما سياسية" بحسب ما وصفته وسائل إعلام أمريكية، لتأتي الجائزة تعزيزاً للبروباغاندا العالمية وأحد الأدوات المكمّلة والأركان الأساسية للآلة الإعلامية العالمية في الحرب على سورية..

 

وليس عبثاً أن يتم استخدام نجوم هوليوود كسلعة في الترويج لهم، وهذا ما أعلنه النجم "جورج كلونيط استعداده لإعداد فيلم خيالي عن "الخوذ البيضاء "، متجاهلاً ما بات معروفاً عن ارتباط هذه المنظمة بتنظيمات مسلحة، بينها "جبهة النصرة"، وتلقّيها دعماً مالياً من "الوكالة الأميركية للتنمية" (USAID)، إضافة إلى فبركتها للصور والأخبار..

 

فالإعلام أصبح مشاركاً في الجريمة، كما يظهر في حالة الإعلام المعاصر الذي استخدم التقدم التكنولوجي الكبير والتطور في أساليب الاتصال، ليتحول إلى ما يشبه "عصا سحرية" يمسك بها الساحر فيتحكم ويؤثر على عقل ووعي الآخرين لتشكيل رأي عام يتوافق مع أهدافه، عصا لها قوة طاغية قادرة على خلق واقع آخر له قوانينه الخاصة... فيقلب الباطل حقاً والحق باطلاً.. مرتددياً ثوب الحقيقة والحرية ومُنادياً بالدفاع عن "الإنسانية"..
إلاّ أن من يقف وراء المعلومات والصور لا يقدم إلا نظرته وفكرته.. فيجعلنا نعيش في واقع مصطنع معلناً بذلك "موت الواقع الحقيقي".

أصحاب "الخوذ البيضاء" أحد الأمثلة الكثيرة التي استُخدمت في الحرب على سورية، وتقديمهم بصورة ملائكية والترويج لهم على أنهم "العزّل والحياديين".. وهو ما يُناقض ما تم فضح زوره، فأصحاب "الخوذ البيضاء" الذين يرفعون في العلن شعار "نحن من الشعب وللشعب"، ويعملون "بحيادية وإنسانية ومن دون تمييز" بحسب ما ترويه مجلة "نيوزويك" الأميركية، هم في الحقيقة شيء آخر.. فالعشرات من الصور ومقاطع الفيديو، والتي يتم تغييبها، تُثبت عكس ذلك وتُظهر أن "الخوذ البيضاء" يعملون مباشرةً مع تنظيمات مسلحة بينها "جبهة النصرة"، ويشاركون في الحملة الدعائية ضد الحكومة السورية عبر المشاركة في فبركة صور وأخبار بهدف التأثير في الرأي العام.

 

الصحافي "ريك ستيرلنغ" في مقال بعنوان "المتلاعبون الأكثر فعالية" وصفهم، بأنهم في الواقع "فريق الإنقاذ لجبهة النصرة". ويضيف: "يُقال إنهم غير منحازين إلى أي طرف، ولكنهم جميعاً من المناطق الخاضعة لسيطرة المسلحين في إدلب وحلب". وفي أحد مقاطع اليوتيوب، يظهر الحاج أبو أحمد، أحد متطوعي "الخوذ البيضاء"، وهو يقول: "حلّت علينا بشائر النصر في جسر الشغور على أيدي المجاهدين قوّاهم الله.. عقبال آخر معاقل النظام في اللاذقية ودمشق". وفي مقطع آخر، يظهر مجموعة من أفرادهم وهم يحتفلون مع مسلحين من "جبهة النصرة"، فضلاً عن صور لمتطوعين في المنظمة يرفعون علامة النصر في مواقع سيطرت عليها "النصرة".

وغيرها الكثير من الأمثلة التي تفضح زيف الصورة التي تصنعها لهم الإمبراطوريات الإعلامية وما يتخفون وراءه من قيم الإنسانية والحيادية.. لكنهم في الحقيقة قصدوا من خلالها شيطنة صورة أبطال الجيش السوري لأغراض سياسية وبكل السبل وللحصول على تعاطف الرأي العام العربي والعالمي والحصول على قرارات لخدمة مصالحهم السياسية..


يُذكر أنّ منظمة "الخوذ البيضاء" تأسست عام 2013 على يد البريطاني "جميس لو مجيرر"، المستشار السابق في وزارة الخارجية البريطانية والضابط في الجيش البريطاني و المنسق السابق لاستخبارات حلف شمال الأطلسي في كوسوفو، والذي انضم في 2008 إلى "غود هاربر إنترناشونال"، وهي مجموعة متخصصة بـ "الأمن" في دبي.

Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://emediatc.com/?page=show_det&category_id=44&id=43951