تحقيقات وتقارير

في الحصول على وظيفة ثابتة.. هذا ما حدث!


الإعلام تايم - رنا الموالدي


واقع جديد غيّر تفاصيل حياة السوريين ومعيشتهم وأعمالهم وحتى مكان إقامتهم، حيث أصبحت هناك مهن جديدة يعمل بها الشباب الذي رمت به ظروف الحرب ليواجه الواقع المعيشي الصعب في البلاد ويبدأ حياته من جديد.


ومع استمرار الحرب اضطرت شركات كثيرة إغلاق أبوابها وتسريح موظفيها والبعض يرى أن السبب هو غياب الرؤية الاستراتيجية وضعف النمو الاقتصادي.. فما نراه أن البطالة في تزايد  وخاصة بين  صفوف الجامعيين برغم برنامج تشغيل الشباب الذي أمن  أكثر من 5000 فرصة عمل، حيث قرر ابن الثلاثين عاماً العمل في أحد المحال التجارية لبيع الألبسة بعيداً عن مؤهله الجامعي الذي كان يأمل أن يساهم في رسم مسار أفضل لمستقبله ومستقبل أسرته، التي ظلت تنتظر بلهفة أن يتخرج ويحصل على عمل، ليحمل جزءاً من المسؤولية الملقاة على عاتقهم.. أيمن الذي قضى سنوات في البحث عن استقرار وظيفي، عمل خلالها في أعمال كثيرة مؤقتة هو واحد من بين مئات الآلاف الذين يعيشون حرباً زادت معها نسب الفقر وارتفاع معدلات البطالة في أوساط الشباب الخريجين حديثاً، وفي أوساط أعداد كبيرة من العاملين الذين فقدوا وظائفهم بسبب الحرب.


في العام 2009 تخرج  محمد من كلية الاقتصاد ، ومنذ ذلك الحين و هو يبحث عن فرصة عمل مناسبة لمؤهله و للخبرات التي اكتسبها من التدريب و العمل المتقطع هنا وهناك ولكن عبثا، يقول" أتابع يومياً كافة الصحف والإعلانات و أتقدم لكل وظيفة مناسبة لدراستي بلا نتيجة مواجهاً المحسوبية والبيروقراطية في التسيير".
هذا الحال جعل محمد  يتوجه لفكرة السفر إلى أي مكان كما يقول، المهم أن يسافر بحثاً على فرصة عمل، وبالفعل بدأ بتقديم أوراقه بمساعدة أصدقاء له في دول عربية و أجنبية دون جدوى مادامت الأبواب مؤصدة في وجه السوريين .


وبيّن استطلاع  أجراه "الإعلام تايم" حول موضوع "نظرة الشباب إلى الهجرة " باعتبارها "أحد أمرين أحلاهما مر" فكان غالبية الشباب ينظرون إلى الهجرة بإيجابية فمنهم من اعتقد أنه سيجد فرصة العمل المناسبة، في حين الهروب من الاوضاع التي تعيشها البلاد كان لها نسبة غير ضعيفة من الاستطلاع، وجاءت نسبة الراغبين بإكمال تعليمهم لتحظى بقبول عدد كبير من الشباب الخريجين .

وعن الأمور التي قد تثني الشباب عن الهجرة، بيّن الاستطلاع أن نسبة كبيرة من الشباب سيعدلون عن الفكرة إذا أتيحت لهم فرص عمل مناسبة ، وآخرين سيتخلون عن الهجرة إذا انتهت الحرب، ونسبة مماثلة سترفض الهجرة إذا تحسنت الأحوال بشكل عام.


المشكلات الاجتماعية التي يعاني منها الشباب تدخل في علاقات جدلية من حيث مستوياتها السيكولوجية والاقتصادية والسياسية، هذا ما تحدثت به  الاختصاصية النفسية خيرية أحمد "للإعلام تايم" موضحة أن المعطل يعيش صراع داخلي بينه و بين ذاته بسبب ملامح المستقبل غير الواضحة حالياً، إضافة إلى انخفاض تقدير الذات والشعور بالفراغ وعدم الرضا والضغوط النفسية وخيبة الأمل والإحباط  الناتج عن شعوره بعدم تقدير المجتمع له ولشهادته العلمية، مما ينعكس على أمن واستقرار الفرد في مراحله العمرية إما بتأخر سن الزواج لعدم القدرة على تأمين المستلزمات الضرورية أو التفكك الأسري بحدوث مشكلات داخل جو ومحيط الأسرة، ناهيك عن انتشار السلوكيات اللاأخلاقية  في المجتمع من العنف والسرقة وانتشار وتعاطي المخدرات والاحتيال والنصب والاغتصاب والسخط الشعبي وعدم استقرار العلاقات الاجتماعية.


منذ دراستي الثانوية وأنا أشاهد أخي الأكبر، لأكثر من ثلاث سنوات يبحث عن عمل في مجال تخصصه كمحاسب  دون جدوى، ففقدت الأمل في أن يكون لي مستقبل بعد تخرجي من الجامعة، هكذا بدأت  نهى 24عاماً حديثها  التي تخرجت من قسم المكتبات وعملت كسكرتيرة في مكتب سفريات وبالرغم من أن العمل كسكرتيرة لا يمثل طموحها، لكن كحال أي عمل خاص تم إنهاء خدمتها وتقول" إنها تتمنى لو تستطيع أن تعود للعمل ولو وبراتب لا يتجاوز 35 ألف".
الكثير من طالبي العمل يتساءلون عن توفر فرص العمل وعن المسابقات التي طال انتظارها خاصة وأننا نعاني من أزمة على كافة الصعد من كهرباء وماء ومواصلات وصولاً لأزمة فرص العمل التي يؤكد طالبوها على رغبتهم بتعلم الصيد وليس قبول السمك كهدية وما حال نهى إلا نموذجاً لحال الكثير من الشابات السوريات اللواتي يؤمن أن البقاء في الوطن والعمل يتطلب التضحيات لكنها لا تطالب بأكثر من فرصة عمل تقيها عوز أسرتها.


وبالرغم من الأهمية التي توليها وزارة العمل وبعض المؤسسات الأهلية للمشاركة في قضايا الشباب الخريج الذي يعاني من البطالة ، إلا أن حجم هذه المشاركة بالنسبة لأعداد الخريجين والذين يعانون من البطالة ضئيلة جداً وما زال أقل من المطلوب ، حيث ما زالت وزارة العمل تعتمد على البرامج المؤقتة التي تقدم للخريجين والتي لا تقدم لهم الحلول الجذرية لمشكلاتهم.


وعما يمكن أن يساعد في الحد من البطالة في ظل هكذا ظروف، مسابقات عدة أعلنت عنها مؤسسات حكومية، منها  المؤسسة العامة للنفط التي أعلنت عن إجراء مسابقة  للتعاقد بعقود سنوية مؤقتة، فيما حذت حذوها الشركة العامة الصناعية لخيوط النايلون والجوارب  ووزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية وتلتها وزارة التربية  التي أعلنت  عن إجراء مسابقة لتعيين مدرسين ومدرسات ومعلمين في جميع المحافظات السورية.


إن محاولة دراسة ظاهرة ما والكتابة عنها من برج عاجي بنصوص رتيبة، لا تغير شئياً في الوضع الراهن، فبين مصطلحات التوظيف من الوظيفة والبطالة والتأهيل والتدريب، "طالب الوظيفة" يتقلب على مواجعه، ويتأرجح بين تلك المصطلحات لا يعي أين مربط الفرس، وأين الجرح؟ ليضع يده عليه، وتنتهي معاناته، السؤال الأهم الوظيفة مسؤولية من؟ الجهات الموظفة أم الجهات المؤهلة أم طالب الوظيفة؟ أسئلة لن تجد لها إجابة شافية سوى آراء تعكس واقع التوظيف في البلد

Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://emediatc.com/?page=show_det&category_id=44&id=43938