وجهات نظر

التوازن الإلكتروني بين حزب الله وإسرائيل

نبيه البرجي


الإعلام تايم- الديار



لن تعثر على "اسرائيل" داخل المؤسسات الأميركية فقط. هي أيضاً داخل الرؤوس الأميركية. حين انتهى صمويل كوهين من وضع تصاميم القنبلة النيترونية التي تدمر الكائنات البشرية دون الممتلكات (عام 1979)، وصلت التصاميم الى مناحيم بيغن قبل أن تصل الى جيمي كارتر...

وحين أطلق رونالد ريغان برنامج "حرب النجوم"، وبتلك المواصفات التقنية، والالكترونية، والإشعاعية، الخارقة، كان هناك في واشنطن من يدفع في اتجاه الشراكة "الإسرائيلية" في صناعة المعدات الأكثر تعقيداً في المجال الالكتروني...
وبالفعل حطت طائرة المدير التنفيذي للمشروع الجنرال جيمس أبرامسون في مطار بن غوريون في صيف 1981 ليوقع اتفاق الشراكة، وليكرس نوعاً من "التوأمة الالكترونية" بين الولايات المتحدة و"اسرائيل"...

ما ينشر منذ ربع قرن أو أكثر في اسرائيل يؤكد أن خططاً سرية، وباهظة التكاليف، وشاركت فيها أدمغة غربية (يهودية بوجه خاص) وضعت من  أجل تحقيق انجازات الكترونية "فذة" في القطاع العسكري، والى حد التفكير في إطلاق طائرات مزودة بأجهزة متطورة، وتكون عبارة عن منصات فضائية متحركة تضرب الصواريخ العربية بعد ثوان من إطلاقها...

إلى حد ما نسخة عن المنصات الفضائية التي لحظها البرنامج الأميركي لتدمير الصواريخ السوفياتية، بأشعة اللايزر أو بالجزيئيات الالكترونية، وفي أي مكان على امتداد الكرة الأرضية بعد 7 أو 8 ثوان من إطلاقها.
هذه الخطة لم تحقق النجاح المطلوب، حتى إن الولايات المتحدة تخلت عن بناء المنصات بسبب كلفتها العالية ولاحتمال تدميرها حتى بواسطة الأقمار الصناعية "الانتحارية". وتردد أن "الاسرائيليين" اكتشفوا أن المسألة أكثر تعقيداً بكثير مما تصوروا...

ولدى تسلم هيلاري كلينتون وزارة الخارجية في بداية عهد الرئيس باراك اوباما، تلقت تقريراً بعث به البنتاغون الى مستشار الأمن القومي حول خارطة القوى في العالم بالنسبة الى الشرق الأوسط، كان هناك فصل كامل يتحدث عن النشاطات التي يبذلها الإيرانيون لتحقيق اختراقات مثيرة في مجال الصواريخ الذكية التي يمكن أن تصل أو ستصل، حتماً، الى "حزب الله".

وفي التقرير أن "اسرائيل" التي تتمتع بتفوق عسكري استثنائي لا بد أن تواجه وضعاً معقداً بل وخطيراً إذا ما توصل أعداؤها الى امتلاك ترسانات من الصواريخ. من هنا كانت دعوة كلينتون العلنية الى تل ابيب لإيلاء الأولوية للعملية الديبلوماسية باعتبار أن التكنولوجيا باتت مشرعة أمام الجميع، وهي تعمل ضد "التفوق الاسرائيلي".

وكان رئيس الأركان السابق دان حالوتس قد وصف التكنولوجيا المعادية حيناً بالتكنولوجيا الحمقاء وحيناً بالتكنولوجيا العرجاء الى أن وصلت الأمور بالخبير الاستراتيجي الأميركي انطوني كوردسمان الى حد التساؤل ما إذا كانت إدارة باراك أوباما قررت تزويد اسرائيل بقاذفات الشبح "اف -35" لتحقيق التفوق أو حتى التوازن مع "غابة الصواريخ" إن لدى الإيرانيين أو لدى "حزب الله".

بين الحين والآخر ضجيج "اسرائيلي" "هاآرتس" تحدثت عن مأزق سيكولوجي قد يكون سببه الجدار الحديدي الذي أقامه الحزب أمام أجهزة الاستخبارات والذي بدا حتى الآن إن من المستحيل اختراقه...
الثابت للملأ، لا سيما لدى الأميركيين و"الاسرائيليين"، إن الإيرانيين مضوا بعيداً ربما بعيداً جداً، في تطوير منظومات صواريخهم، لا سيما الباليستية، والتصريحات التي واكبت أو أعقبت الإعلان عن صفقة الـ "اف -35" أوحت، بشكل مباشر، إن الهدف من امتلاك تلك الأرمادا (50 طائرة قد ترتفع الى 75 حتى عام 2022) هو تدمير المنشآت النووية، ومخازن ومصانع الصواريخ، الإيرانية...

لكن "الاسرائيليين" الذين يتحدثون عن تطوير "حزب الله" بنيته الالكترونية باستقطاب أفضل الأدمغة المتخصصة في هذا المجال، يعتبرون أن الكثير مما حققه الإيرانيون، وهو كثير حقاً، وصل حتماً الى "حزب الله"، بحيث أن السيد حسن نصرالله، وحين يشير الى القوة في مواجهة "اسرائيل"، لا يكشف سوى القليل القليل مما لديه (هنا تحديداً هاجس القيادة السياسية والعسكرية في تل أبيب).

وإذا كانت الحروب تبدو، في النظرة الاسرائيلية ضرورة توراتية، بالتالي ضرورة الهية، فإن أصحاب الرؤوس الباردة يحذرون من "اللحظة المجنونة".

استطراداً، لا لحظة مجنونة في المدى المنظور. اطمئنوا...

Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://emediatc.com/?page=show_det&category_id=15&id=43882