الإعلام تايم - رأي اليوم لا أعرف لماذا تذكرت المستر لوند، وأنا أتابع عن كثب وقائع مؤتمر ميونخ للأمن الأخير، حيث وضعت جميع الدول المشاركة فيه خلافاتها جانباً، وتوحدت على "عدو" يعتبر الأخطر على أمن العالم واستقراره، وهو إيران، وليس الصين أو روسيا، أو حتى كوريا الشمالية. الكلمة المفصلية التي تفسر هذا التحرك المفاجىء والمتصاعد هي "إسرائيل" الذي أبلى وزير خارجيتها افيغدور ليبرمان بلاءً حسناً، ووجد من الإطراء والدعم ما لم يجده في تل أبيب، وخاصة من العرب والأتراك، الى جانب الأمريكيين والأوروبيين طبعاً، وحظي خطابه الذي ركز جميع فقراته على إيران وخطرها بتصفيق حاد. السناتور الجمهوري ليندسي غراهام، عضو لجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ الأمريكي قال في كلمته في المؤتمر نفسه، أن الكونغرس يبحث فرض عقوبات جديدة على إيران بسبب برنامجها الصاروخي الذي يهدد استقرار الشرق الأوسط، وينتهك قرارات الأمم المتحدة، وطالبها أن تغير سلوكها. نسأل السناتور غراهام عن التغيير الذي يقترحه في السلوك الإيراني، فتأتي الإجابة في ثنايا خطابه الذي نقلت فقرات منه محطة "صوت أمريكا" الرسمية، ومختصرها "أن تكف ايران عن كتابة شعار "الموت لإسرائيل" من على هذه الصواريخ".
بمعنى آخر ، لو كان الشعار المكتوب على هذه الصواريخ "الموت للصين" أو "الموت لروسيا"، فلا مانع من تطوير إيران لصواريخها، وإجراء ما شاءت من مناورات، وقطعاً ستجد كل تكنولوجيا الصواريخ الأمريكية في خدمتها، ولن تجد أي مشكلة في تخصيب اليورانيوم بأي درجة تريدها، أما أن تكتب شعاراً، مجرد شعار، يقول "الموت لإسرائيل" فهذا خط أحمر يستحق العقوبات، وربما الحرب لاحقاً. نتوقع في مؤتمر أمن ميونخ القادم أن يأتي الينا السيناتور غراهام، ووزراء خارجية تركيا وإسرائيل والمملكة العربية السعودية، بقوائم تحدد لنا الشعارات الجديدة التي يجب أن يرددها أطفالنا وأحفادنا في طوابير الصباح المدرسية، والا فإن قصف التحالف الرباعي أو الخماسي الجديد، الذي تريد إدارة ترامب تشكيله من أربع دول عربية وإسرائيل، جاهزة للقصف السجادي لتدميرنا كلياً. ايران رددت شعار "الموت لأمريكا" لأكثر من ثلاثين عاماً، إن لم يكن أكثر، وحولت العلم الأمريكي الى مداس لأحذية الإيرانيين، في مداخل فنادقها، ولكن هذا السلوك مسموح فيه، وربما يصنف في قائمة "حرية التعبير"، أما شعار "الموت لإسرائيل" فان من يردده هو الذي يستحق الموت. السيد جاويش أوغلو، وزير خارجية تركيا الذي طار الى طهران قبل ستة أشهر بحثاً عن حلول لإنقاذ اقتصاد بلاده من الانهيار، بعد فرض روسيا عقوبات اقتصادية قاسية كرد على اسقاط طائراتها فوق الحدود السورية بصاروخ تركي، وتمهيداً لزيارة رئيسه رجب طيب أردوغان الذي رحب به الإيرانيين، ووقعوا اتفاق معه برفع التبادل التجاري بين البلدين من عشرة مليارات الى ثلاثين ملياراً سنوياً، السيد اوغلو قال من على منبر المؤتمر نفسه "أن الدور الإيراني في المنطقة يزعزع الاستقرار، خاصة أن إيران تسعى لنشر التشيع في العراق وسورية". غريب أمر السيد أوغلو وتصريحاته هذه، فكيف تفاجأ بإقدام ايران على زعزعة استقرار المنطقة، ونشر التشيع الآن، وليس قبل ستة أشهر عندما زارها طالباً الدعم والمساندة ومتحدثاً عن التعاون بين دول الجوار الإسلامية الشقيقة؟ وهل بدأت ايران تنشر التشيع فور وصول ترامب الى البيت الأبيض، أي قبل ثلاثة أسابيع فقط؟ ختاماً نقول أنه إذا كان كتابة شعار الموت لإسرائيل سيؤدي الى فرض عقوبات وتحريك الأساطيل، فكيف سيكون رد فعل إسرائيل وادارة ترامب على المؤتمر الدولي السادس الذي تستضيفه ايران اليوم بمشاركة 80 دولة، وسيتحدث من فوق منصته جميع "ارهابيي" العالم الإسلامي، حسب التوصيفات الإسرائيلية والأمريكية والعربية أيضاً، ويطالبون بتحرير كل الأراضي العربية المحتلة، وتدمير دولة اسرائيل؟
من يقودون هذه الحملة ضد ايران من العرب والإسرائيليين والأمريكيين، ويقدمون خدمة لم تحلم بها إيران، وهي تعاطف نسبة كبيرة من العرب والمسلمين معها، وضد الأنظمة التي تعاديها وتتآمر ضدها، ففلسطين ورغم الخذلان العربي من قبل بعض أدوات أمريكا في المنطقة، تظل عنصر توحيد للعرب والمسلمين أو الغالبية الساحقة منهم. لا نعتقد ذلك حتى لو باعت السعودية كل شركاتها ابتداء من "سابك" وانتهاء بأرامكو، وما بينهما من حقول نفطية، ومناجم معدنية.. والأيام بيننا.
|
||||||||
|