الإعلام تايم - رأي اليوم
اللافت في هذا التصريح ليس فقط نظرته الدونية الى هذه الدول العربية، المفترض أنها حليفته، وإنما أيضا حديثه عن عزمه إقامة مناطق آمنة أخرى في غير سورية، وأنه سيرسل "الفاتورة" الى الدول الخليجية لتسديدها كاملة، وربما فوقها "إكرامية" أيضاً.
انتظرنا ان نسمع أي رد أو تعليق من قادة الدول الخليجية، أو حتى امبراطورياتهم الإعلامية وأذرعتها الضاربة على مثل هذه الاهانات، ولكن انتظارنا طال، ولا نعتقد أن بياناً سيصدر في هذا الصدد، فالصمت هو الخيار الذي جرى اعتماده باعتباره الأسلم، وهناك أمثلة عديدة في هذا المضمار.
هناك ثلاثة سوابق تتعلق بإقامة مناطق آمنة، القاسم المشترك بينها جميعاً هو التقسيم وتغيير الأنظمة: إقامة "منطقة أمنية" في سورية على مساحة خمسة آلاف كيلومتر، ربما يؤدي الى تحويلها الى منصة لتقسيم سورية الى كانتونات طائفية وعرقية متقاتلة في المستقبل، تدخل بعضها في تحالف استراتيجي مع دولة الاحتلال" الإسرائيلي" طلباً للحماية، على غرار ما يحدث حالياً من قبل دول خليجية متخوفة من ما تصفه بالتمدد الإيراني المتصاعد في المنطقة. تركيا ضالعة في هذا المخطط، وقواتها التي تحتل حالياً جرابلس والباب، وتخطط للتقدم نحو منبج، وبعدها الرقة، ربما تزحف لاحقاً نحو العاصمة السورية دمشق، وقال ذلك الرئيس اردوغان صراحة قبل أن يتراجع بضغط روسي، وبما يكفل له، أي اردوغان، تحقيق أمنيته في الصلاة في المسجد الأموي، إذا لم يتم إيقاف زحف قواته. إدارة ترامب تخطط لإقامة تحالف خماسي عربي بمشاركة "إسرائيلية" مباشرة، ولكن عبر التنسيق الاستخباري والعسكري، حسب تقارير شبه رسمية أمريكية تحت عنوان محاربة إيران، ومنعها من تطوير أسلحة نووية وتهديد جيرانها، ومن غير المستبعد أن تكون المهمة الأولى لهذا التحالف في سورية، أي ارسال قوات وطائرات لفرض الحظر الجوي بالقوة، ولكن السؤال هو عن موقف روسيا من هذه الخطوة، فهل تقبل بخدعة جديدة على غرار الخدع السابقة في العراق والبوسنة وليبيا؟ ثم كيف سيكون رد سورية وحلفائها في إيران ولبنان، وهي التي اعتبرت وجود القوات التركية (درع الفرات) في أراضيها يشكل انتهاكاً لسيادتها، واحتلالاً لأراضيها. إقامة مناطق آمنة ستكون عملية مكلفة جداً مالياً بالنسبة للدول الخليجية قد تصل الى عشرات الآلاف من المليارات، لأن أمريكا وتركيا سترسل اليها فواتير كل طلعة طيران، وكل تحرك لدبابة، وكل جندي سيقتل، وطلقة ستطلق، ولتر وقود سيستخدم في تشغيل العربات المصفحة والدبابات، فهل تستطيع هذه الدول تحمل كل هذه النفقات في وقت يقترض بعضها المليارات من الأسواق المالية العالمية لتسديد العجز في الميزانيات، وتفرض إجراءات تقشف على مواطنيها؟
سورية توضع حالياً على طاولة التقسيم والتجزئة بأموال عربية، وسواطير تركية، وخرائط أمريكية، إنها جريمة حرب بكل ما تعنيه هذه الكلمة من معنى، وصفعات مهينة لكل شيء اسمه عربي. مبروك عليكم هذا الحليف الجديد الذي سيحلبكم حتى آخر دولار، ثم يعود للتفاوض مع ايران، ويتوجها زعيمه للمنطقة تعين الولاة والحكام.. تماماً مثلما كاد أن يفعل أوباما.. لولا أن الوقت داهمه وانتهت ولايته الثانية.. والأيام بيننا. |
||||||||
|