وجهات نظر

باختصار: أبعد من احساس مصري

زهير ماجد


الإعلام تايم-الوطن العمانية

ربما أدق وصف لحالة العالم اليوم ما قاله الرئيس اللبناني ميشال عون من على منصة جامعة الدول العربية في القاهرة من أن هنالك حربا عالمية ثالثة يقودها الإرهاب .. لاشك أن الوقائع السائدة مختبر لهذا الكلام الدقيق، الذي تعرفه مصر مثلما تعرفه سورية والعراق وليبيا وهذا العالم. لكن المؤسف أن هذا الإرهاب هنالك من يحمله على الراحات، والدلالة على ذلك الدعم القوي على شتى الصعد من قبل أكثر من ثمانين دولة له، فكيف إذن يكون هذا التناقض بين من يخبأ رأسه في الرمال أملاً في انقاذ نفسه من دعمه للإرهاب، وبين دول تتقدم إلى الواجهات رغم إمكانياتها لمقاتلته.

في حضرة كلام الرئيس عون قفزة إيجابية صميمة كرستها لجنة الاتصالات العربية في مجلس الشعب المصري حين تحدثت عن ضرورة عودة سورية الى جامعة الدول العربية إضافة إلى دعمها ضد الإرهاب والوقوف معها وإلى جانبها في حربها الكبرى. لكن تلك الجامعة مازالت مزنرة بقواعد سلوك عاشتها منذ أن كبرت المؤامرة على سورية ونالت من بعض العرب احتضاناً لها. رب ضارة نافعة، فعملية إخراج سورية منها، جاء لتعزيز النضال السوري ضد الإرهاب بكافة أشكاله، ولتعرية مواقف محددة ساهمت في شكل المؤامرة ..

مطلب اللجنة المصرية لم يكن ليقال لولا ما نعرف من حرص مصر على سورية، وهي التي مازالت ترى في سورية أنها القطر الشمالي لما هي في جنوبه. المسألة أكثر من احساس، إنها حقيقة تشعرها مصر كما تشعرها سورية، لكن السؤال الذي يسأله السوريون يظل طلسما، حول الفراغ الدبلوماسي في السفارة المصرية في دمشق.

المشاعر المصرية الفياضة إذن ليست جديدة، بقدر ما هي تأصيل مصري تجاه دمشق. تعرف القاهرة أن سورية التي تم اخراجها من جامعة الدول العربية، سوف لن تعود اليها كما هي عليه من صورة سوداء .. تريد سورية من الجامعة أن تكون الرائدة في قيادة العالم العربي، عندما اتخذت عام 1968 موقفها الصارم في مؤتمر القمة في السودان " لا صلح لا تفاوض لا اعتراف "، لم تكن تنطلق من حالة الضعف العسكري العربي الذي نتج عن الهزيمة، بل من ارادة صلبة لأمة مجتمعة طليعتها جامعة الدول العربية.

لاشك أن الإرهاب الذي تجري مقاتلته بكافة الطرق سوف ينتهي عاجلاً أم عاجلاً .. هي ليست مجرد رغبة، بل قانون وقرار، ولاشك أن الحرب العالمية الثالثة التي يقودها الإرهاب على حد تعبير الرئيس اللبناني ميشال عون يجب أن تتوج بفعل عالمي أيضاً .. ولذا فهي فضيحة لأولئك الذين مازالوا على غاياتهم في دعم الارهاب، غير آبهين بالحقائق التي صنعها الصمود السوري في وجهه، فعراهم تماماً، لكن استمرارهم في دعمه يجب فضحه علانية، والتأشير على أصحابه.

لقد أثلج صدرنا وأفرحنا موقف اللجنة المصرية في مجلس الشعب وهو ليس بالموقف الجديد بقدر ما هو تعبير عن جوهر مصر وإيمانها العميق بما تمثله الشقيقة سورية، بل الحاجة السورية لمصر في ظروف التآمر الكبير الذي مازال يفعل في الساحة السورية، لكنه هزم دوماً ومازال يحاول، على أمل أن يخترق الجدار المكين والصلب والصلد الذي يمثله الجيش العربي السوري.
 

Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://emediatc.com/?page=show_det&category_id=15&id=43574