تحقيقات وتقارير

ذكرى إضراب 1982... يوم أغرّ في تاريخ الجولان


الإعلام تايم - تقارير

 

أحيا أبناء الجولان العربي السوري بشطريه المحرر والمحتل أمس 14 شباط  الذكرى الخامسة والثلاثين للإضراب المفتوح الذي أعلنه الأهالي في القسم المحتل وتصدوا من خلاله لقرار الكنيست "الإسرائيلي"  بضم الجولان، حيث وأقام أبناء الجولان في القسم المحتل احتفالاً في قرية بقعاثا شارك فيه أبناء قرى مسعدة ومجدل شمس وعين قنية، مؤكديين أن الهوية السورية ستبقى أبد الدهر ملازمة لأبناء الجولان.


و يعتبر الرابع عشر من شباط يوم أغرّ في تاريخ الجولان. والجولانيون الذين يحيون سنوياً هذا اليوم يستذكرون نضالات الأهل الذين خاضوا معركة الشرف وهم عزّل من كل سلاح إلا من انتمائهم الوطني، حيث جاءت انتفاضة الرابع عشر من شباط عام 1982 في الجولان المحتل حلقة جديدة في سلسلة نضالات طويلة خاضها الجولانيون سلمياً للتمسك بالأرض من خلال استصلاح كل شبر منها بغية الوصول الى استقلالية اقتصادية تمنع عنهم كسر اليد وتكون دعماً لهم في مقاومة أسرلة الأرض والأبناء..


"الاضراب الكبير"... ستة أشهر متتالية من الإضراب الذي أعلنه أهالي الجولان في 14 شباط 1982 رفضاً للقرار "الإسرائيلي"  بضمّ الجولان وتطبيق القانون "الإسرائيلي" فيه، وتحميل أهله الجنسية "الإسرائيليّة".
بدأ الإضراب الكبير وفرض الجيش الإسرائيلي حصاراً يمنع وصول المعونات والمواد الغذائية والطبيّة، كما منع وصول أي وسائل إعلام إلى الجولان المحاصر. ستة أشهر تحوّل فيها المجتمع في الجولان إلى معركةٍ تقع في مركزها العصاميّة الاقتصاديّة في مواجهة الحصار.


تصدى أبناء الجولان لمحاولات الحكومات "الاسرائيلية" أسرلتهم، وناضلوا متحدّين الخوف والاعتقال والتعذيب وخاضوا معارك مشرّفة عندما قرروا الرد بالرفض على قانون الكنيست الإسرائيلي فرض جنسيته عليهم، فأصدروا وثيقة العهد الوطني التي كتبها أبناء الجولان المحتل وأصبحت دستور العمل النضالي الذي تُوّج بإضراب الرابع عشر من شباط 1982 والتي سطر فيها الأهل في الجولان أروع ملاحم الانتماء الوطني، رافضين قرار الكنيست الإسرائيلي المتضمن بدء تطبيق القوانين الإسرائيلية على الجولان المحتل وفرض الهوية الإسرائيلية بالقوة على الجولانيين.


وفي الأول من نيسان 1982 دخلت قوّات الجيش الإسرائيلي قرى الجولان في محاولة لفرض الجنسية الإسرائيليّة بالقوّة، قامت تلك القوات بمصادِرة الهوية التي وزعها الحاكم العسكري على السكان بعد هزيمة الـ 67، وموزعة مكانها الهويّات الإسرائيليّة الزقاء التي تحمل الجنسية الاسرائيلية. كانت تلك معركة الهويّة التي أشرف عليها من الجانب "الإسرائيلي" وزير الدفاع في حينه آرييل شارون، بينما كانت المعركة شعبية وعفويّة من جانب الجولانيين.
سارع سكان كافة قرى الجولان في الأول من نيسان من ذلك العام لرفض قبول الهوية الإسرائيلية التي فرضها جنود الاحتلال عليهم بالقوة بعد إغلاق القرى واستقدام أعداد من الجنود تفوق أعداد السكان الرافضين، وفرض عليهم منع التجوال بغية إرهابهم وتخويفهم، لكنهم أصروا على قرارهم ورموا بالهويات الاسرائيلية التي استجلبها الجنود الاسرائيليون "ديلفري" في سابقة لم يشهدها التاريخ من قبل ... خدمة توصيل الجنسية الاسرائيلية الى بيت الجولانيين حتى البيت.. وغصباً عن السكان.


لكن الجولانيين رفضوا استلام الهويات "الاسرائيلية"  وقاموا بجمع ما جلبه الجنود وقاموا برميها معلنين أن "لا بديل من الهوية السورية ولن نتنازل عن الجنسية السورية" مرددين "المنيّة ولا قبول الهوية الإسرائيلية".
وقف أهالي قرى الجولان وقفة رجل واحد، ولم ترهبهم سياسة الترهيب والترغيب رافضين قرار فرض الجنسية "الإسرائيلية عليهم" رغم التهديدات باعتقال كل من يرفض قبول الجنسية المفروضة.


استمر الإضراب العام المفتوح أكثر من ستة أشهر، حاولت قوات الاحتلال بكل جبروتها تطبيق قوانينها المخالفة لكل الأعراف والتقاليد والقوانين الدولية على شعب أعزل، مستعملة مختلف أصناف الحصار بعد فرض التعتيم الإعلامي على ما يجري في الجولان المحتل، وقامت خلالها تارةً بقلع الأشجار وتارةً بمصادرة المواشي.


إلا أن إرادة وتصميم وصبر أهالي قرى الجولان المحتل وتكاتفهم وإيمانهم بالانتماء الى الجسم السوري أدت إلى إسقاط قرارات الحكومة "الاسرائيلية"  وسحب قوات الجيش من داخل القرى دون تحقيق أهدافه.


والتزم أبناء الجولان بقرارات الوثيقة الوطنية الصادرة عن مواطني الجولان في 25/3/1981 والتي باتت دستوراً وطنياً ملزماً، والتي جاء فيها:
"نحن المواطنين السوريين في المرتفعات السورية المحتلة، نرى لزاماً علينا أن نعلن لكل الجهات الرسمية والشعبية في العالم أجمع، ولمنظمة الأمم المتحدة ومؤسساتها، وللرأي العام العالمي والإسرائيلي، ومن أجل الحقيقة والتاريخ وبصراحة ووضوح تامين عن حقيقة موقفنا من الاحتلال الإسرائيلي، ودأبه المستمر لابتلاع شخصيتنا الوطنية، ومحاولته ضم الهضبة السورية المحتلة حيناً، وتطبيق القانون الإسرائيلي علينا حيناً آخر، وجرنا بطرق مختلفة للاندماج بالكيان "الإسرائيلي"، والانصهار في بوتقته، ولتجريدنا من جنسيتنا العربية السورية، التي نعتز ونتشرف بالانتساب إليها، ولا نريد بديلاً عنها، والتي ورثناها عن أجدادنا الكرام، الذين تحدرنا من أصلابهم، وأخذنا عنهم لغتنا العربية التي نتكلمها بكل فخر واعتزاز، وليست لنا لغة قومية سواها، وأخذنا عنهم أراضينا الغالية على قلوبنا وورثناها أباً عن جد منذ وجد الإنسان العربي في هذه البلاد قبل آلاف السنين، أراضينا المجبولة بعرقنا وبدماء أهلنا وأسلافنا، حيث لم يقصروا يوماً في الذود عنها وتحريرها من كل الغزاة والغاصبين على مر التاريخ، والتي نقطع العهد على أنفسنا أن نبقى ما حيينا أوفياء ومخلصين لما خلفوه لنا، وألا نفرط بشيء منه مهما طال زمن الاحتلال "الإسرائيلي"، ومهما قويت الضغوط علينا من قبل السلطة المحتلة لإكراهنا أو إغرائنا لسلب جنسيتنا، ولو كلفنا ذلك أغلى التضحيات، وهذا موقف بديهي وطبيعي جداً أن نقفه، وهو موقف كل شعب يتعرض كله أو جزء منه للاحتلال.


وانطلاقاً من شعورنا بالمسؤولية التاريخية الملقاة على عاتقنا تجاه أنفسنا وأبنائنا وأجيالنا القادمة أصدرنا هذه الوثيقة".‏‏

Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://emediatc.com/?page=show_det&category_id=44&id=43568