وجهات نظر

باختصار: نهب الأمة بالجملة

زهير ماجد


الاعلام تايم-الوطن العمانية
ليست الآثار في المنطقة العربية هي التي تنهب، وخصوصاً حيث مواصفات الأمن فلتانة، بل هنالك مواصفات نهب لو قدر لنا إحصاؤها لتفاجأنا بالكثير. فالنفط ينهب، والأفكار الوطنية والقومية نهبت، وخامات لا حصر لها تتعرض للنهب، وأراضٍ عربية تم نهبها، وتاريخ من التزوير يجري تداوله ..
نحن أمام واقع عربي مكشوف تماماً.. في جميع عواصم العالم ستجد آثارا من منطقتنا، قبل الاستيلاء على متحف العراق سواء داخل حجراته أو تلك في الهواء الطلق، كان النهب ساري المفعول، فكيف حين تم العبث بالمتحف العراقي، يوم بكى العاملون فيه وهم يرون الكارثة الوطنية تحط أمام أعينهم. وكان واضحاً أن ثمة من يريد الثأر من تاريخ المنطقة، من سرقة أرشيفها الباقي الذي تم حفظه بقوة الاستمرار من جيل إلى آخر. ثم أعيد نهب العراق حين جاء البرابرة الجدد من “داعش” ومشتقاته. أما سورية فقد تعرضت هي الأخرى إلى أبشع نهب لآثارها، بل تم ذبح أهم مسؤوليها الذي حفظوا آثارها.. وأعتقد أن الكلام عن سرقات إضافية سيأتي في وقته، خصوصا عندما تعرضت حلب إلى ما تعرضت إليه، وقبلها حمص وحماة، واليوم تدمر لمرتين متتاليتين، فما يمكن للبرابرة من نهبه وحمله فعلوه، والباقي خضع لدمار ممنهج. وأعتقد أن عملية التدمير ليست من بنات أفكارهم، بل ثمة من يدير من بعيد، عمليات السرقة الممنهجة. وما تبقى يأتي الأمر بتدميره لكي يتم إخلاء عالمنا من أية ذاكرة تاريخية.
إذا تجاوزنا نهب النفط الذي له ملكاته التي تتحدث عنه، فأنا سأقف عند أخطر ما واجهنا، حيث نهبت مجتمعاتنا بقتل مبدعيها وقواها العقلية المميزة، ومن استسلم تم نقله إلى الخارج ليقدم خدماته الإبداعية عند هذا الأجنبي الذي ليس المرة الأولى التي يتعرض فيها مبدعونا لعملية الاغتيال أو الاستفادة منهم. لقد بنى صدام حسين على سبيل المثال جيلا جيشا من المبدعين والمفكرين والمخترعين كهدف سامٍ من أجل عراق مختلف ثم أمة مختلفة، لكن الاغتيالات فيهم لم تتوقف والباقي صار في بلاد الغرب، وكذلك الحال مع السوريين ومع الإيرانيين ومع لبنانيين. كل خسارة مادية يمكن تعويضها إلا رجالات الإبداع والاختراع، فهؤلاء عقول تأتي مصادفة وهي قليلة العدد قياسا بالقوى المتعلمة الهائلة التي تزيدنا بيروقراطية.
والآن أيضا يحدث إعادة الاعتبار إلى مفهوم تم القضاء عليه في السابق، تتم إعادته لأسباب سياسية، وقضي عليه في السابق للأسباب ذاتها .. مفهوم طالعروبة" الذي كان تعبير مرحلة خصبة نقية في حياة الأمة العربية، تمت محاربته من قبل الغرب وبعض العرب، وعمل على أن يتم انقراضه بكافة الطرق كي لا يشكل إشباعا يؤدي إلى قوى تغييرية .. اليوم يتم نهب الفكرة على الطريقة الحديثة بأن يتم إعادتها إلى التداول لكن لأسباب الضرورة والمواجهة، بما يشبه النهب والاستيلاء للاستعمال بدون قناعة بها بالطبع، سوى أنها عملية تسويق، حتى يمكن للإسرائيلي مثلا أن يساعد في تسويقها وهو يعرف مدى خطورتها عليه، أو حتى قوى الغرب وغيره، ومن لا يصدق عليه أن يعود إلى كتابات حديثة صدرت قبل مدة تحت عناوين “العروبة الجديدة” وكان هنالك جديدة مختلفة عن تلك الحقيقة.

Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://emediatc.com/?page=show_det&category_id=15&id=43464