وجهات نظر

لعبة ما فوق الأمم

نبيه البرجي


الاعلام تايم_الديار
بفظاظة قال أحد مساعديه "لكأننا نحمل مأوى عجزة على ظهورنا...".
قبل دونالد ترامب، وصف جورج دبليو بوش القارة العجوز بـ"البقرة التي خارت قواها". علينا أن نتصور طبيعة الخلفيات السيكولوجية والتاريخية التي حدت بمسؤول أوروبي الى القول أن الرئيس الاميركي يمثل الخطر الثالث على القارة بعد فلاديمير بوتين وأبي بكر البغدادي.
الترجمة الحرفية لما قاله أن دونالد ترامب هو الخطر الاكبر لأنه يترك أوروبا وحيدة وسط تلك الاعاصير وحيث الانتقال من لعبة الامم الى لعبة ما فوق الامم...
تيريزا ماي قالت له في البيت الابيض إن بريطانيا شيء آخر، وإنها خرجت من الاتحاد الاوروبي لتدخل في الولايات المتحدة الاميركية... تماماً على خطى مارغريت تاتشر التي تماهت مع رونالد ريغان حتى في الرؤية الفلسفية للاقتصاد، وتبنت مثله نظرية "النقدوية" التي أطلقها ميلتون فريدمان، وقد خصص له الرئيس الاميركي الراحل غرفة الى جانب مكتبه...
في أوروبا قلق بعيد المدى. اعتادوا على الوصاية (والمظلة) الاميركية. واشنطن هي القاطرة، والدول الاوروبية هي عربات القطار. في عام 1967، وضع جان - جاك سرفان - شرايبر "التحدي الاكبر"، ودعا فيه الى التبعية السياسية والاقتصادية وحتى البنيوية للولايات المتحدة...
السياسي والصحافي والوزير الفرنسي لاحظ كيف تتساقط اللغات الاوروبية أمام اللغة "الاميركية". وفي حين كان جان بول سارتر يراقص الهباء، أو يراقص العدم، من خلال فلسفة الوجودية التي بحثت، عبثياً، في معنى الكائن البشري، كان الاميركيون يدربون الرجال الذين سيطؤون سطح القمر...
لا بل لاحظ أنه من بين 500 شركة كبرى في أوروبا هناك 340 شركة أميركية. لم يغفل كيف استشرت ثقافة الجينز والمارلبورو والهوت دوغ والكوكا كولا، وحاول سرفان - شرايبر وهو اليهودي، أن يتلاعب بالمعادلة اللاهوتية لدى المسيحيين.
قال في حديث غداة صدور كتابه "أليست أوروبا هي التي بعثت بابنها الى هناك ليكون الى ذلك العالم بل الى العالم بأسره؟". تاركاً لارنولد توينبي أن يتحدث عن العلاقة الفرويدية بين ضفتي الاطلسي..
التعليقات من كل حدب وصوب في أوروبا. البعض رأى في دونالد ترامب نسخة أميركية عن ادولف هتلر. وحين يشكك في جدوى حلف شمال الاطلسي، فهو يسخر، حتماً، من الاتحاد الاوروبي الذي لا يرى فيه أكثر من مخلوق ديغولي بائس.
وللعلم فقط، كان فرنكلين روزفلت يكره شارل ديغول، بقبعته العالية التي عليها صليب اللورين، وبأنفه العالي الذي كما لو أنه أنف لويس الرابع عشر. لم يمنع الجنرال الفرنسي من المشاركة في قمة يالطا (مع جوزف ستالين وونستون تشرشل) فحسب بل فكر في اقتطاع قطعة من فرنسا وأخرى من بلجيكا لإقامة دولة فالونيا...
وها إن دونالد ترامب يكره انغيلا ميركل.
ويتردد أنه أوعز "لكبار مساعديه لإزاحتها في الانتخابات المقبلة. لا امرأة "كبرى" في اوروبا سوى تيريزا ماي التي لعلها ذكرته بكلام الكاتب الانكليزي انطوني بورجيس بأن بريطانيا "عشيقة استراتيجية" لاميركا.
لا، لا، بريطانيا لم تعد جزءاً من أوروبا والفرنسيون الساخرون يقولون إن الليدي تيريزا نامت في سرير دونالد ترامب...
الاوروبيون خائفون. الصين امبراطورية وتكاد تكون في كل بيت من الكرة الارضية، والهند تبيع منتجات في تكنولوجيا المعلومات بـ465 مليار دولار، أما روسيا فتبعث بقاذفاتها الى عمق الشرق الاوسط. أين هي القارة العجوز وسط مهرجان الاباطرة؟
الفرنسيون وعلى خطى فرنسوا فيون اذا نجا من فضيحة زوجته بينيلوب، يفضل التبعية لروسيا على التبعية لألمانيا. ماذا عن الاخرين؟
اوبيرفيدرين يدعو الى رصّ الصفوف. أية صفوف؟!

Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://emediatc.com/?page=show_det&category_id=15&id=43286