تحقيقات وتقارير

التنزيلات.. لغة تداعب المشاعر وتلهب الجيوب


الإعلام تايم - رنا الموالدي

 

تنزيلات تصل إلى 75 %، فرصة مذهلة، وحسومات، على جميع أنواع الملابس بنسبة من 25 - 50 %، تنزيلات على أحدث الموديلات.. عبارات تجعل المستهلك في حيرة من أمره.
فعلى مشارف انتهاء الشتاء، تغص أسواق  دمشق  بإعلانات عروض وحملات تخفيض تستهدف المستهلك  تحت يافطة عريضة أبرزها الحرب على الغلاء، وحملة تحطيم الأسعار، فيما اختارت أخرى لغة الأرقام  بإعلان أسعار منخفضة ونسب تصل في بعض أحيان إلى 70%ما يخلق منافسة تدفع التجار إلى البحث عن كل وسيلة ممكنه لجذب المتسوقين.


حملات غالباً ما يقابلها جمهور المستهلكين بكثير من الريبة والتشكيك في مصداقيتها، ولكن الجديد هذا الموسم أنها بدأت مبكراً في غير مواسمها المعتادة، حيث بدأت معظم محلات بيع الألبسة في الإعلان عن بدء التنزيلات الكبيرة، لبيع ما تبقّى من بضائع في مستودعاتها، تمهيداً للبدء بطرح الثياب الربيعية، قبل حلول شهر آذار.


"الإعلام تايم"  تابع موجة التنزيلات التي تشهدها أسواق دمشق وآراء الناس حول طبيعة  وحقيقة تلك التنزيلات.!! وما هي ضوابطها؟؟! وما هي التأثيرات على السلوك الشرائي بالنسبة للمستهلك  والكثير..


تقول "نور" قبل التنزيلات البضائع تصل إلى أرقام خيالية  ثم تأتي التنزيلات لتكون الصاعقة إذ أن الملابس التي تكون ضمن التنزيلات قد لا تكون ذات جودة وربما كانت مقاسات صغيرة جداً أو كبيرة جداً وألوان معينة ويكتب بالخط العريض على المحل تنزيلات 50% – 60% ونتفاجأ عندما يتم الشراء أن المبلغ غير مخفض وسعره أعلى وعندما نستفسر منهم يردون بأن التنزيلات على بضاعة أخرى غيرها فهناك بضائع لا تدخل بالتنزيلات.. مطالبة بضرورة مراقبة هذه التنزيلات والاشراف عليها من قبل جهات الاختصاص.


بالمقابل في سوق الصالحية كانت إحداهن تحمل أربعة أزواج من الأحذية الشتوية اشترتها لنفسها وأفراد أسرتها ضمن عروض أسعار خاصة، وهو ما زاد لديها الحماسة لتجرب حظها مع حملات تنزيلات الملابس تقول "إيمان" زوجي يترك لي مهمة التسوق، ومن واقع خبرتي اعتقد أن الأمر مختلف هذا العام وهو أمر لم أتوقعه وموسم الشتاء والمطر في بدايته، فيما كنا نرى عروضاً على الشتوي في الصيف، وهذا لا ينفي وجود احتيال في ظل عدم معرفة المستهلك بتكلفة البضاعة الحقيقي ومدى جودتها ليتمكن من المقارنة متابعةً " اشتريت أربعة أزواج أحذية شتوية واعتقد أنها جيدة وتفي بالغرض لكن مع ذلك أسعارها لا تعتبر رخيصة  لكن أحسن حالاً من أول الموسم، وأنا ذاهبة لأكرر الأمر مع الملابس ربما أجد عروضاً تساعد في تخفيف العبء"..


ومثل كثيرين  تنتظر "أم أيمن" بفارغ الصبر التنزيلات الموسمية على الملابس والأحذية لتأمين حاجة عائلتها بأسعار تناسب قدرتها الشرائية وفي نطاق مهمتها ترى أن التنزيلات فكرة ممتازة للمواطنين خاصة محدودي الدخل لكنها قالت متذمرة بلغة لا تخلوا من اللوم وانتقاد وزارة التجارة وحماية المستهلك خصوصاً "إن الكثير من  المحلات تعلن عن تنزيلات وهمية وخادعة.. متابعة  "أواصل جولة على مختلف هذه المتاجر المعلنة عن تنزيلات وعروض للحصول على ما أريده وللأسف وجدت أسعاراً لنفس البضاعة والجودة في محلات ثانية لا تقدم تنزيلات بنفس السعر وربما أقل والسؤال عند الاعلان عن تنزيلات يدعي صاحب المحل أنها البضاعة ماركة عالمية  وتكتشف أنها مجرد كذبة، أليس هناك من يراقب ويحاسب على الالتزام بهذه العروض وحتى إذا كانت التخفيضات مغرية وتحثّناً على الشراء إلا أنّنا قبل شرائنا أيّ قطعة يجب أن نفكّر في ما إذا كنّا سنجرؤ على ارتدائها، في الموسم المقبل وإلا فيجب الاستعاضة عنها بملابس كلاسيكية لا تزول موضتها"، فيما تشاركها "لميس" الرأي أن تنزيلات الـ50% باتت شعارات تطاردنا ..و من ينتهزها هم أصحاب المحلات و الماركات للتخلص من بعض البضائع الراكدة أو التي تخطتها الموضة والتي ليست حتى مناسبة للموسم القادم سواء كان شتاء أو صيفاً والسبب أن هذه السلعة أو تلك لم ولن تجد من يشتريها فيكون الخصم الكبير هذا دافعاً للبعض لانتهاز الفرصة.


ووفقاً  لرصد أسعار التنزيلات أجراه "الإعلام تايم"  وصلت عروض التخفيضات في عدة محال للملابس إلى 70% لكن ما تبين أثناء محاولة الرصد  أن سعر بنطال الجينز النسائي ما زال يتراوح بين 6- 10 آلاف ليرة، في حين تبيع بعض المحال بنطال القماش بسعر 7 آلاف وسطياً أما بالنسبة للكنزات بلغ سعر كنزة شتوية نسائية بعد التنزيلات 6000 ليرة في سوق الشعلان، في حين سعر المعطف النسائي يتراوح ما بين 13 ألف و20 ألف ليرة، حسب نوعه ومصدره.‏

وفيما يتعلق بالأحذية النسائية، وبحسب ما تعلنه المحلات، فسعرها وسطياً حوالي 7 آلاف ليرة، وقد وصل سعر الجزمات في بعض  الماركات في موسم التخفيضات إلى 13000 ليرة وسطياً، بعد أن كانت تصل إلى 25 و 30 ألف ليرة كما وصل سعر الحقيبة النسائية مع التخفيضات إلى 8 آلاف ليرة، أما في سوقي الصالحية والحمراء، فالأسعار أقل من سوق الشعلان بنسبة بسيطة، فمثلاً سعر كنزة شتوية نسائية 5400 ليرة، والبنطال النسائي مابين 5 آلاف إلى 6500 ليرة.‏

وبالانتقال للملابس الرجالية لا يقل سعر بنطال الجينز الرجالي عن 6 آلاف ليرة، صعوداً إلى 10 آلاف، و الكنزات بسعر يصل إلى 9000 آلاف ليرة، وأحياناً أكثر من ذلك بكثير، حسب النوع والمصدر، ويصل سعر القميص إلى ما بين 4500 و6800 ليرة، والمعاطف الرجالية يبدأ سعرها من 15 ألف ليرة ويصل إلى 22 ألف ليرة‏ كما ارتفعت أيضاً أسعار الطقم الرجالي فبعد التخفيضات يتراوح بين 30 – 40 ألف ليرة، وهناك ماركات يصل سعر الطقم لديها إلى 60 ألف ليرة.

أما حال ألبسة الأطفال ليس أفضل، فهي بالأصل مرتفعة الثمن، حيث أن سعر الطقم الولادي يبدأ من 4500 ليرة ويصل إلى 6 آلاف ليرة، وثمن أي كنزة شتوية ولادية يتراوح مابين 3 آلاف و4500 ليرة، والمعاطف الولادية يبدأ سعرها من 4500 ليرة ويصل إلى 8500 ليرة وكل ذلك بعد التنزيلات.‏


وبالنسبة لجولة معرفة آراء التجار حول ظاهرة التنزيلات فكانت باتجاه آخر والبداية كانت مع "أبو محمد" الذي أكد  مدافعاً أن ليست جميع التنزيلات خدعة، "فهناك محالات  تلتزم بتنزيلات حقيقية، ولا أشك في مصداقيتها وهذه المصداقية تجعل تلك المحلات تحافظ على سمعتها ومكانتها لدى زبائنها، ولا تعمل على خداعهم من أجل البيع".
فيما تذمر آخرون أن حركة التسوق غير نشطة بسبب تردي الوضع الاقتصادي للمواطنين وكثرة الالتزامات المالية المترتبة عليهم، وحاجة الأسر في الشتاء إلى وسائل تدفئة باهظة الثمن ويعد تأمين وسيلة التدفئة من أهم أولوياتهم ، متهمين بشكل مباشر أصحاب البسطات  أنهم بدأوا تدريجياً  بغزو الأرصفة والاعتداء عليها، عقب فشل الجهات المعنية في ترحيلهم إلى مواقع بديلة، خاصة وأنهم يبيعون البضائع بأسعار رخيصة ولا يتحملون أجرة محال وعمال وضرائب وترخيص..


وما بين التاجر و المستهلك نجد ركوداً في حركة البيع وكساداً في البضائع، بسبب ضعف القدرة الشرائية للمواطن، الذي أعاد ترتيب أولوياته من جديد بعد الحرب، لتصبح الملابس في آخر القائمة واقتربت في تصنيفها من الكماليات، فعروض التنزيلات رغم ضخامتها الشكلية لم تغير شيئاً من حقيقة ارتفاع الأسعار، والتي لم تعد مناسبة لمستوى الدخل غير المتوازي مع تصاعد التكاليف وغلاء المعيشة بكل جوانبها.

Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://emediatc.com/?page=show_det&category_id=44&id=43214