وجهات نظر

رأي الوطن: نداء يضع حدا للابتزاز ويحفظ الكرامة


الإعلام تايم-الوطن العمانية
 

اللاجئون السوريون كانوا ـ ولا يزالون ـ أول العناوين التي تصدرت مشهد الأزمة السورية، لكونهم نتاجاً مباشراً للإرهاب العابر للحدود والمدعوم من أكثر من ثمانين دولة من جهة، وهدفاً رئيساً ضمن مخطط تدمير الدولة السورية من جهة أخرى، وذلك لتفريغ سورية من طاقاتها البشرية الهائلة التي تميزت في العلوم والمهن والحرف والمجالات التي تدخل في حياة الناس ومعيشتهم ورفاهيتهم، وتدعم بصورة مباشرة الاقتصاد الوطني السوري، الأمر الذي ميز الشعب السوري مع جملة أخرى من المميزات التي جعلته شعباً عاشقاً للعمل وكادحاً من أجل تأمين لقمة عيشه، ومن أجل خدمة وطنه سورية، ولعل الوضع الاقتصادي السوري قبل تفجير مخطط الأزمة يعكس هذه الحقيقة. فلم تكن سورية مديونة لدولة أو لمؤسسة مالية دولية أو خاصة، وشبه مكتفية غذائيّاً وتصنع ما يلبس أبناؤها، وهذا مما يحسب للسياسات الناجحة التي وضعتها الدولة السورية، ويحسب للشخصية السورية العاشقة للعمل والساعية إلى الاحتراف في الوظيفة أو المهنة أيّاً كان مجالها، وهو ما جعل الاقتصاد السوري اقتصاداً منافساً دللت عليه العدوانية المعبرة عن الكراهية الشديدة من خلال طبيعة الاستهداف الممنهج للمصانع السورية وتفكيك آلاتها وبيعها خردة في السوق السوداء من قبل التنظيمات الإرهابية التي أنتجتها ودعمتها القوى المتآمرة على سورية.

على أن الهدف الأهم بجانب هدف تفريغ سورية من الخبرات والمهارات المتراكمة التي يشار إليها بالبنان في مجالات العلم والثقافة والفن والأدب والصناعة والتجارة والزراعة، هو حرمان الجيش العربي السوري من الاستفادة من طاقات الشباب السوري، وذلك بحكم أن عملية التدمير والاستهداف للدولة السورية تبدأ من تدمير جيشها وإنهاكه في أتون الحرب الإرهابية المدعومة من قوى التآمر والشر، بحيث لا يتمكن من استعادة حيويته ونشاطه وتماسكه بتجنيد المزيد من الشباب السوري في صفوفه، من منطلق تلبية نداء الوطن ووجوب الذود عن حياضه. والهدف الآخر هو تفريغ سورية من ثقلها السكاني، وتهجير الأهالي من مناطقهم إلى مناطق أخرى والعكس صحيح، لكونه وسيلة تسهل خلخلة الوضع الديمغرافي لغير صالح الدولة، وبما يخدم مخطط التدمير.

ولذلك، ما يلقاه اليوم اللاجئون السوريون في مخيمات اللجوء من انتهاك لحقوقهم الإنسانية، ومحاولة بعض مدعي الدفاع عن الشعب السوري، إلى تحويل هذه المخيمات إلى سوق نخاسة، وابتزاز الأسر السورية، والمساس بشرف بعض هذه الأسر، وستر هذه الاعتداءات والانتهاكات غير الإنسانية وغير الأخلاقية والمنافية للقيم والمبادئ والعقيدة الإسلامية بذرف دموع التماسيح وفق ما يتطلبه مقتضى واقع الحال المشبع بالنفاق، كل ذلك لا يمكن وضعه إلا في إطار مخطط الاستهداف وتفريغ سورية من سكانها، وقتل المشاعر الجياشة تجاه العروبة في أنفسهم.

الحكومة السورية والجيش العربي السوري، رغم حملة التكالب والتآمر عليها وعلى الدولة السورية كلها، لم يتوقفا لحظة عن الوفاء بمسؤولياتهما تجاه الشعب السوري، ولا يزالان يناضلان في الميدان والسياسة من أجل الدفاع عن كرامة وشرف الشعب السوري وتأمين المأوى الآمن والغذاء والدواء والماء الصالح للشرب، ولم تتوانَ الدولة السورية عن إطلاق النداءات للاجئين المهجرين عنوة ومطالبتهم بالعودة إلى حضن الوطن السوري، حيث الكرامة والكبرياء والستر والصون من الابتزاز والابتذال والانتهاك، ويوم أمس جدد وليد المعلم وزير الخارجية السوري "دعوة الحكومة السورية اللاجئين السوريين في الدول المجاورة إلى العودة لبلدهم"، مؤكدًا "استعدادها لاستقبالهم وتأمين متطلبات الحياة". وهي دعوة ينبغي على اللاجئين السوريين أن يأخذوها بعين الاعتبار والثقة؛ فالمناطق السورية غدت هادئة إلا بعضها وهي مناطق معروفة، ولو كان معشر المتآمرين صادقين فيما يقولون ويفعلون لما لجأوا إلى عملية التهجير أساسًا، ولوفروا ملاذات آمنة للاجئين، مع مظاهر العيش الكريم والحياة المستقرة المطمئنة الخالية من الابتزاز والانتهاك، وامتنعوا عن شحنهم بالكراهيات ضد وطنهم سورية، وتجنيد الشباب والأطفال للقيام بالأعمال الإرهابية، بدلًا من تعليمهم، مع أنه حتى ما يروج عن تعليمهم، يتم فيه غرس قيم ومبادئ وولاءات لغير الوطن السوري.
 

Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://emediatc.com/?page=show_det&category_id=15&id=43209