وجهات نظر

دونالد ترامب .. إنه ناقوس الخطر

نبيه البرجي


الإعلام تايم-الديار
 

قبل أي شيء آخر، لا بد من أن نقرع ناقوس الخطر: هل اقتنع دونالد ترامب بنظرية، وبخارطة، دنيس روس حول تفكيك سورية الى دويلات؟ هذا ما يسعى اليه، على كل حال، بنيامين نتنياهو وافيغدور ليبرمان...

 

وهل أن ما عارضه باراك أوباما حيال المناطق الآمنة خشية انفجار الخرائط في الشرق، وصولاً الى البلدان الحليفة، هو ما يتبناه دونالد ترامب، ولكن بلغة القفازات الحريرية، لتبدو المناطق الآمنة بمثابة ملاذات انسانية، وقد تكون المدخل لإحداث هزات كارثية، وربما تغييرات بنيوية، في دول الجوار.

 

جبهة النصرة (فتح الشام)  على حدود الأردن، وتنظيم الدولة الإسلامية على حدود العراق، والتنظيمات على حدود تركيا، وداخل حدود لبنان. مناطق آمنة لتكلف الذئاب (الاسلامية) التي تأكل بعضها البعض أم مناطق آمنة للاجئين؟

 

قال "اللاجئون" ولم يقل "النازحون" ولن نستبعد أبداً أن يحاول فرض التوطين على البلدان المحيطة، ليكون لبنان الضحية الأولى لتوطين اللاجئين الفلسطينيين واللاجئين السوريين...

 

وكنا قد تساءلنا منذ نحو عام أوأكثر ما إذا كانت الجمهورية اللبنانية ستتحول الى جمهورية فيديرالية (لبنانية - سورية - فلسطينية) فيما قادتنا "التاريخيون" وهم شيوخ القبائل مثلما هم شيوخ المذاهب، يتصارعون حول المقاعد تحت قبة البرلمان، واقعاً.... تحت خيمة اللوياجيرغا (الافغانية).

 

لاحظوا كيف أن رجب طيب أردوغان، الذي يتأرجح بين لعبة الثعلب ولعبة الثعبان، استعاد حيويته فجأة لدى الحديث عن المناطق الآمنة على أنها السبيل الى إقامة دويلة تركية في الداخل السوري وتتراوح مساحتها ما بين الخمسة آلاف والعشرة آلاف كيلومتر مربع...

 

استطراداً، هل إن فلاديمير بوتين الذي يتقن اللعب في الضوء وفي الظل خدع من قبل ترامب وأردوغان معاً. بدا كما لو أن الاثنين تقاطعا في لحظة ما حول محاصرة القيصر في الداخل السوري بل في إحدى الزوايا السورية بعدما خال أن كل الخيوط تقريباً في يده، وأن له اليد الطولا في صياغة قواعد اللعبة في المنطقة وباتجاه مناطق اخرى في العالم.

 

ما فهمناه من دونالد ترامب الذي يعوّل كثيراً على اللوبي اليهودي في تأمين التغطية الداخلية له ما دام ضد كل مراكز القوة في الاستبلشمانت، ومن الصحف الى الشاشات والبنوك ووكالات الاستخبارات، أن الحرب السورية  طويلة، وطويلة جداً، حتى يتحقق القول التوراتي (سفر اشعيا) حول دمشق وغير دمشق...

 

إذا كانت الأمور تحصين نحو التسوية، ومن آستانا الى جنيف، حتى أن الروس وضعوا مسودة الدستور العتيد لسورية، فما هي، اذاً، خلفيات وآفاق الحديث، وفي هذا الوقت بالذات، الحديث الملتبس، عن المناطق الآمنة؟

 

الدستور السوري بأيد روسية. خطوة عجيبة حقاً، ولكن ألا تقول موسكو أن اللبنانيين الذين بينهم صراع يكاد يكون نوعاً من الفانتازيا السياسية، عجزوا، وعلى مدى ثماني سنوات، عن انتاج قانون للانتخاب، فإلى كم عقد يحتاج السوريون، وبينهم جبال الدم، ليضعوا دستور جمهوريتهم الجديدة؟

 

الذي أذهلنا هو نزع كلمة "العربية" من عبارة "الجمهورية العربية السورية". هذا هو منطق أشقائنا الأكراد الذين منهم صلاح الدين الايوبي ويوسف العظمة، وكل تلك المجموعة من الرجال الذين قاتلوا، وسقطوا، من أجل عروبة سورية.

 

الذي حدث في العراق يفترض ألا يحدث في سورية، ليس بسبب الفارق العددي بين الأكراد العراقيين والأكراد السوريين، وإنما لأن سورية هي العروبة والعروبة هي سورية. إذا سقطت الكلمة سقط تاريخ بأسره، وسقطت جغرافيا بأسرها. كيف لنا أن نتعامل مع دمشق على أنها ليست لؤلؤة العرب ولؤلؤة العروبة.

 

إذاً، إنه دونالد ترامب الذي يدفع أميركا، أم يدفع الكرة الأرضية، إلى الهاوية، فهل هو أكثر ذكاء مما نتصور أم أكثر حماقة مما نتصور، وإن كان جورج دبليو بوش سبقه في طرح مشروع إقامة جدار مع المكسيك كي لا تكون أميركا "مستودعاً للحفاة"؟

 

غداً قد يفاجئنا بإقامة جدار مع الصين على أنها الهاجس الاستراتيجي له. ما يخط له ضرائبياً قد يتجاوز منطق الجدار. أعدوا انفسكم لكل اشكال المفاجآت و...الحماقات!

Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://emediatc.com/?page=show_det&category_id=15&id=43187