وجهات نظر

باختصار: نقل السفارة الأميركية إلى القدس المحتلة

زهير ماجد


الإعلام تايم -الوطن العمانية

ليس خبراً عاديًّا حين تقول معلومات إعلامية أن كبير مهندسي البيت الأبيض الأميركي موجود في مدينة القدس المحتلة للتفتيش عن مكان للسفارة الأميركية التي يزمع الرئيس ترامب نقلها من تل أبيب إليها، الأمر الذي يعني أن هذا الرئيس قد لا يكون مثل غيره من الرؤساء الأميركيين الذين قالوا كلاماً حول نقل السفارة أثناء ترشحهم للانتخابات الرئاسية ثم تراجعوا عنه عندما واجهتهم معوقات معينة.

 

بعض المحللين يقولون إن التركيبة النفسية لـ ترامب لا تخضع للابتزاز، والرجل إن تم ابتزازه فهو لا يتراجع بل يكون أكثر إصراراً. نحن بدورنا اعتبرنا قوله في هذا الموضوع مجرد دافع انتخابي، إلا أنه لو حصل وفعلها فما الذي سيحصل وما هو المتوقع من العالمين الإسلامي والعربي!

 

الرد بكل اختصار إننا سنكتب ضد العملية، وستكون مناسبة لعدد من الكتابات اليومية، وستصدر بيانات بالجملة من هنا وهناك، وكلها رافضة للخطوة، وستقول المحطات العربية ما هو أكثر وكذلك الإذاعات التي لم يعد يسمعها أحد من العرب. ستقوم الدنيا ولا تقعد إعلامياً، وسينظر ترامب إلى كل ذلك بعين الشفقة فقط، ولن ينبس ببنت شفة، بل قد يصدر كلاماً قاسياً إذا ما أصاب البعض طول لسان كما يقال، وفي النهاية سوف تتلاشى المواقف تلك رويداً إلى أن تخفت تماماً ويتحول وجود السفارة الأميركية في القدس المحتلة إلى أمر واقع.

 

لقد قلنا في كتابة سابقة إن الله وحده يعرف ماذا يخبئ ترامب من مفاجآت خلال السنوات الأربع التي سيمضيها، وفي طليعتها قصة السفارة .. المضحك بل السخرية المرة تقول أن لا أحد يمكنه محاسبة أميركا تاريخياً، فكيف إذا كان على رأسها رئيس كالحالي .. أميركا أسقطت قنبلة ذرية على مدينتين في اليابان فمن عاقبها، دمرت فيتنام وقتلت ثلاثة ملايين، فمن قال لها ولو كلام غير لائق، ثم هي احتلت العراق بنقل آلاف الجنود إليه فلم نسمع سوى بعض الكلام المتطاير خوفاً مما هو أكثر عمقاً .. عشرات الإرتكابات الأميركية في العالم لم نسمع بالمقابل من تصدى أو مانع سوى عبارات قد تكون فبركة حتى من مخابراتها المركزية للتعريف بوجود معارضة.

 

نحن في الموسم الأميركي كما قال الصحفي المصري الراحل محمد حسين هيكل، ومن تأمل حركات ترامب الجسدية التي كانت تشبه الطاووس، لما تردد قيد أنملة في فهم الشخصية الأميركية الحاكمة للعالم وتحديداً الرئيس ترامب. شخصية عربية عايشت الأميركيين وسمعت منهم ما لا يقال عن رؤيتهم للعالم، وخصوصاً للعالم العربي من ازدراء، وليس الكذب الذي مورس على العراق من أجل احتلاله سوى النزر اليسير في ذلك .. بل من خلال مكاشفات الرئيس اللبناني إميل لحود لوزيرة الخارجية الأميركية أولبرايت توضح كيفية التعامل الأميركي مع العرب، ولعل اللقاء الذي جرى بين الرئيس السوري بشار الأسد ووزير الخارجية الأميركي كولن باول إثر احتلال العراق ما يدل على أن الأميركي وجه ما يشبه الأوامر إن لم يكن أوامر صارمة للأسد بفعل كذا وكذا ..

 

علينا إذن أن لا نفاجأ إن تم نقل السفارة الأميركية إلى القدس المحتلة، بل إن المفاجأة إن لم تنقل من خلال معرفتنا عقلية ترامب الصدامية والتزامه بكلام قاله سواء أثناء الترشح للانتخابات أو بعده. ولنستمع بعدها إلى ردود الأفعال الذي لن يتجاوز الكلام وحده، وحتى إن سمح به أيضاً.

Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://emediatc.com/?page=show_det&category_id=15&id=43104