وجهات نظر

باختصار: متى يطل ترامب على الأزمة السورية ؟

زهير ماجد


الإعلام تايم - آراء


كان الله بعون الوفد السوري على تقبل التفاوض مع وفود لمنظمات إرهابية، مجرد وجود هذا الوفد استفزاز لمشاعر وطنية وقومية، ومن ثم وجود وفد تركي، وهؤلاء يشكلون وحدة موقف، فتركيا عقلهم وروحهم وداعمهم وممولهم، وهم أذرعتها ومن الواضح أن ليس هنالك مايحدث عادة بين الكواليس، لأن السوري جاء سلفا كي يرى ويسمع وعلى ضوئه يحدد نقلته النوعية، فهو بالتالي جاهز لأية خطوة مهما كانت أبعادها، وفي عقله شيء واحد ، لابد من إنهاء الأزمة ، لكنها كيف تنتهي وما شكل النهاية.


من الواضح أن مؤتمر أستانة استراحة حرب للجميع، وخصوصا للقوى الإرهابية التي تريد إجراء مراجعة مع عقلها التركي والعربي ومع قواها إثر هزيمتها الكبرى المدوية في حلب. لكن الجميع بدون استثناء عيونهم وآذانهم على اول خطوة قد يخطوها الرئيس الأميركي ترامب، فهي ستحدد صورة الوضع القادم للحرب على سوريا. وهذا ينطبق أيضاً على روسيا وإيران وحتى تركيا وجماعتها من الوفود، أما سوريا فيهمها أن تتعرف على الرئيس الجديد في أميركا وهل مازال على كلامه إزاء أزمتها.


رئيس الوفد السوري في المحادثات الدكتور بشار الجعفري له معجبون كثر، وخصوصا بصراحته المعهودة، ومن الواضح أنه أكثر المستفزين من وجود القوى الإرهابية ومن تركيا، لكنه يصر على اتباع براجماتية واضحة، وليس أمامه سوى التسليم بشروط المؤتمر، وضروراته، ربما، في هذا الوقت، فلعله يقدم ولو خطوة ميمونة، رغم أنه يعرف سلفا صعوبة الاعتماد على أية كلمة يتفوه بها خصومه بل أعداؤه.


المؤتمر ينتهي ككل نهايات المؤتمرات السابقة، ففي هذا البلد البعيد كازاخستان يراد لأول مرة أن تكون التنظيمات الإرهابية لها رأيها في السياسة، أما السوريون فيصرون أنهم ليسوا من يقف وراء هذا المؤتمر سوى أنهم مشاركون به، وهذا يعني ان الروسي صاحب باع في المؤتمر، وربما التركي الذي يحاول أن يتخذ من أستانة منصة لإبداء جديد في رؤيته، وهو الذي يتحمل كل هذا الطوفان من الأحداث المؤلمة في سوريا، كما يتحمل دم السوريين في اية بقعة في العالم، وخصوصاً على الأراضي السورية، كما يتحمل اطالة الحرب عليها، ناهيك عن تخريبها وسرقتها وتدمير بناها التحتية، بل مسؤولة حتى عن تدمير آثارها التي هي ملك للإنسانية جمعاء وليس لسوريا وحدها.


هل مؤتمر أستانة ضرورة في هذا الوقت؟ قد يكون كذلك، بل لابد من قراءة الروسي المتحمس له والعامل على ضمانة مجرياته وهو يعرف أيضا صعوبة الحرب المشنة على سوريا، والتي سمحت له أن يطل تلك الإطلالة العالمية الناجحة، وأن يعود إلى دور كبير يتحضر من خلاله إلى كسر مفهوم القطب الأميركي الواحد، رغم أن البعض يرى أنه كسره فعلاً، وأنه يعكس الآن بل يعود ليكون الوجه السوفياتي الذي تراجع كثيرا في فترات انتقالية ، وكان لابد من أزمة كبرى تعيد انعاشه، وها قد جاءت.


إذن، مؤتمر أستانة ليس هو من حسم امور حرب كبرى على سوريا، هو جزء من معادلة البحث عن أفق حل يبدو واضحا أن لاسبيل الا من خلاله، بل بكيفية تكسير الإرهاب في الميدان أولا.
 

Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://emediatc.com/?page=show_det&category_id=15&id=43055