وجهات نظر

الانفجار العالمي الجديد

نبيه البرجي


الاعلام تايم_الديار
لم يعد الشرق الاوسط، وكما قال هيرودوت عام 500 قبل الميلاد، على خط الزلازل، أوبير فيدرين، وزير الخارجية الفرنسي السابق، أوحى الينا، في حديث أخير الى "اللوموند" (15/16 كانون الثاني) أن الكرة الارضية كلها الان على خط الزلازل...
قبل ذلك بنحو عام، لاحظ أن منطقتنا التي على "خط الآلهة" تعيش، تراجيدياً، صراع الآلهة، هكذا هي الحال، كيسنجرياً،  بين العرب واليهود، وهكذا هي الحال، في رأي توماس فريدمان، بين العرب والعرب...
الحرب بين السنّة والشيعة هي ذريعة جيوبوليتيكية، وعلى صهوة ذلك الحصان المجنون الذي يدعى... الغيب...
فيدريني كاد يقول لنا إن ما قبل دونالد ترامب لكأنه ما قبل التاريخ (وما قبل الجغرافيا)، ومعه ما بعد التاريخ أو ما بعد الجغرافيا).
في نظره أن ثمة تصدعاً دراماتيكياً في العلاقات، والمعادلات، الدولية. واذا كان زبغينو بريجنسكي قد قال بالفوضى العالمية الجديدة، تعقيباً على كلام جورج بوش الأب حول النظام العالمي الجديد، يستخدم الديبلوماسي الفرنسي المخضرم، والرؤيوي، مصطلحات أشد هولاً الانفجار العالمي الجديد...
بدا ترامب وكأنه دخل الى البيت الابيض على صهوة حصان آت من ذلك الغرب الأميركي البعيد (اذا كنتم تذكرون جون واين وإيست كلينوود وفرانك سيناترا وهو يغني للجمر تحت حوافر حصانه).
فيدرين يدعو الدول الكبرى في القارة العجوز (فرنسا، بريطانيا، المانيا) الى إعادة هيكلة علاقاتها مع روسيا والصين. كما أبو بكر البغدادي لم يأت من فراغ، وانما هو جزء من سياق ايديولوجي معقد وعاصف، كذلك دونالد ترامب الذي قال نيوت غينغريتش إنه "ابن تلك الايديولوجيا العارية التي تعيد انتاج اميركا بين الحين والاخر".
الرئيس الخامس والاربعون قد تتملكه، وإن بطريقة ملتبسة، عقدة أوديب، هو الاتي من الرحم الاوروبي قد لا يتردد في أن يقتل اوروبا التي يرى أنها تحولت، استراتيجياً وديبلوماسياً، ومالياً بطبيعة الحال، الى عبء على الولايات المتحدة...
أي رئيس قبله كان يتجرأ على القول بانتفاء الحاجة الى حلف شمال الأطلسي، فيدرين، وحين كان مستشاراً لفرنسوا ميتران الى جانب جاك آتالي ويرجيس دوبريه، كان مع هذين الاثنين يرى أنه لولا اوروبا لما وُجدت أميركا، ولما تحولت الى امبراطورية...
استدراج وودرو ويلسون الى الحرب العالمية الاولى، ثم استدراج فرنكلين روزفلت، جعلا الولايات المتحدة تتخلص من مبدأ مونرو (وحيث العزلة الكبرى) وتنتشر في أنحاء العالم دوغلاس ماك آرثر يختال في شوارع طوكيو، وجنرالات آخرون قال فيهم توماس مان إنهم كانوا يتساءلون وهم فوق أنقاض برلين، عن جثث بتهوفن، وشتراوس، وهيغل ونيتشه وكانط..
الثلاثي الفرنسي الذي استشعر الاهانة في نظرة رونالد ريغان الى فرنسوا ميتران، قال إن الثقافات الاوروبية هي التي صنعت العبقرية الاميركية...
عالم يتأرجح، الأعاجيب، أم العجائب في زمن دونالد ترامب الذي يغيب كلياً البعد الانساني، والبعد الاخلاقي، في فريق عمله. فيدرين كاد يقول بقطاع الطرق الذين يحكمون العالم..
نظرة كئيبة الى الشرق الاوسط. نصيحة الى العرب بألا يراهنوا على دونالد ترامب. هل حقاً أن "الفردوس الروسي" بدأ يتشكل؟ موسكو أقرب الى تركيا المصابة بالدوار منها الى إيران بالمواقف المتجهمة؟ لا، لا، الدب القطبي يلعب ببراعة ليكون عراب مثلث اقليمي (تركيا، ايران، السعودية).
ربما مصر أيضاً التي يتلاشى دورها أمام هاجس الخبز والكشري....
وزير الخارجية الاميركي ركس تيليرسون لا يبدد المخاوف السعودية (الايرانية اكثر). محمد جواد ظريف قال في دافوس بالتعاون مع الرياض حول سورية كما حدث مع لبنان. عادل الجبير رد، ومن المنتجع السويسري اياه، بأن ايران أكبر داعم للارهاب في الشرق الاوسط...
عسى أن يوفد الله مبعوثاً شخصياً الى الارض!

Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://emediatc.com/?page=show_det&category_id=15&id=42965