وجهات نظر

باختصار : لمن يهمه الأمر

زهير ماجد


الإعلام تايم -الوطن العمانية
 

ابكوا اصرخوا لموت عزيز، فالعالم العربي منقسم إلى طرق حياة، والتسليم بالقدر الحالي مسألة وقت، وليس كل الوقت لأن أعمار العرب محسوبة في هذه الأيام بما تنتمي إليه. المعارضات الدمية التي تشغل الجميع لأنها لم تعد حسب الفهم الديمقراطي، تحاور وهي مدنية الطابع أو تتفاهم من أجل مجتمع سليم. هي الآن في بندقية مؤجرة لمن يدفع أكثر، وعليها (المعارضات) أن تقدم عرضاً من القتل الذي يليق بتاريخها الهابط علينا.

تلك الانقسامات باتت طبيعية ومعروفة، هي حالة طبيعية في أي مجتمع مدرك لما يفعله من أجل مستقبل منفتح. للأسف، لا تفهم تلك الانقسامات بالطريقة الحرة التي يجب أن تفهم، صار الحوار ضجيج رصاص وقنابل ومدافع وطائرات حربية وصواريخ من كل العيارات. نشهد زمناً يلبس عناوينه ويقدمها علانية طرقاً من الموت أذى لا يفرق بين كبير وصغير، بين امرأة ورجل، بين عجوز وشاب، بين مريض وصحيح الصحة ..

إنه زمن البكاء والصراخ إذن، لم يبق عزيز عند أهله الا وصار تحت سقف الخطر، بل لم يبق أهل أيضاً الا وكان الخطر رائدهم. القتلة المأجورون لا يعرفون أن دورهم بدأ مع قرار كبير وسينتهي بقرار أكبر .. هؤلاء يتوسمون خيراً من دورهم المضبوط مثل عقارب الساعة، فكل منهم سيدفع ثمن طيشه وخياره، والمشكلة أنهم جميعاً من الشباب الذين يسعد الوطن بهم فإذا بهم عبيد في مروحة واسعة تريد فرم المجتمع بمفاهيمها التي لا يعرفها أي من المعارضات التي ترتكب كل يوم حماقة مضافة عنوانها وجودها في الحياة.

حينما قالت الشاعرة فدوى طوقان في رسالتها الشعرية إلى الشاعر محمود درويش "يمينا بعد اليوم لن أبكي" كانت تعرف أن الفلسطيني قادم إلى فلسطين إلى صناعة تاريخ جديد من النضال الوطني والقومي ما يؤسس لاسترجاع وطن غاب عن أهله أكثر من ستين عاماً .. رفضت الشاعرة فدوى أن يهطل دمعها لأن شهادة المناضل عظمة وعملقة، كأنما التربة حين تشم رائحة دمه فهي تهدر وتزغرد وتتفتح أقحوانا.
بكاؤنا المذعور في هذه الأيام مدعاة للتساؤل عن فحواه .. كنا في زمن مضى على شعور بأننا نصنع تاريخاً بأريحية شاعر وكاتب وفنان ومناضل اتفقوا جميعاً على مثل هذا الهدف. اليوم هنالك من يصنع عرساً في تابوت، يحول الواقع إلى مقبرة يستمتع أن يراها مليئة بالأموات، الذين عليهم أن يموتوا سراً بلا تعريف وبلا صورة وبلا اسم وشهادة.

قالت لي امرأة دمشقية، اليوم فقط نتعلم الوطن، منذ حشود الإرهاب المسلط علينا، فهمنا أن دوافعهم هو الوطن .. نحن لنا وطن لا نفهمه الأنا، وهم لا يفهمون الا "وطنهم " الذي بناه ذات يوم الخمير الحمير عمارات من الجماجم البشرية واحتفلوا عليها بشرب الكونياك ورقصوا، كانوا شباباً، والشباب تحد، وحين أفاقوا من رقصهم وجدوا اللعنة التي صنعوها، تماماً كما حال هؤلاء الارهابيين الذين عند صحوتهم من سكرة الارهاب سيكتشفون أن الزمن فاتهم إلى غير رجعة وبأنهم وقعوا في خطأ الحسابات في معرفة الطريقين: الأولى التي تؤدي إلى وطن نظيف، والثانية إلى ما هم عليه اليوم، وما أغربها من تفكير وممارسة.

Copyrights © al-elam.com

المصدر:   http://emediatc.com/?page=show_det&category_id=15&id=42838